جهاد عبده الحسينيمضى عام على رحيل رجل بحياته اختصرت قضيّة: قضيّة وطن تململ في القيود، وشعب بادر يطلب الانعتاق دافعاً بصدره عقبات الطريق. هو مناضل من الطراز الأول، مثقّف لدرجة تدهش سامعه، كم قرأ هذا الرجل من كتب وكم تصفّح من جرائد ومجلات، وبكل المواضيع حتى أصبح «الرجل الموسوعة» كما أحب أن نسمّيه؟ كم خاض في ميادين النضال حتى أصبح هو والنضال في ضفّة واحدة لا تتجزّأ؟
أن تقول عبده مرتضى الحسيني فهذا يعني ملحمة النضال التي لا تنتهي، فالذين يموتون هم أولئك الذين لا رسالة لهم إلا رسالة اللحم والدم... نعم الذي يموت هو الذي لا يترك نفوساً حيّة تتبتّل بذكراه وأثراً طيّباً يحكي مشوار عمره.
أن يبني فرد قلعة ثقافيّة تضاهي قلعة بعلبك قيمة حضارية، فهو إنسان يستحقّ أن يكون مثالاً للأجيال القادمة.
في 23 شباط أضأنا لك شمعة يا شعلة النور والمعرفة والحضارة، يا قصّة إنسان وهب حياته لقضايا الحقّ والخير والجمال. عبده مرتضى الحسيني كان الوطنية يوم كانت آلاماً وتضحيات حمراء، وكان النزاهة يوم كانت حكاية تروى، وكان الفكر النيّر يوم كانت حرية الرأي سبيلاً إلى أعواد المشانق.
عبده مرتضى الحسيني كان نفساً خصبة بإنسانيّتها، وإرادة وعزيمة صلبة. أن يجمع أحد في منزله مليون مطبوعة (كتاب وجريدة ومجلّة) بإمكانات عادية ولكن بإصرار واستمرار فأنت حتماً تتكلّم عن عبده مرتضى الحسيني.
وأخيراً... أقول لك: سوف نرفع اسمك في أعلى الذرى، كما كنت تحمل همومنا فوق كتفيك، وآلامنا في قلبك ونرفع رأسنا بك في آفاق الأرض.