توثيـق المواجهة السياسيّة الأولى بين «فتح» و«حماس»حسام كنفاني
كثيراً ما شغلت قضيّة صلاحيات الرئاسة الفلسطينيّة ورئاسة الوزراء والسياسيّين والمتابعين للشأن الفلسطيني، ولا سيما أنّ التعديلات التي طرأت على القانون الأساسي وأدّت، بضغوط أميركية، إلى استحداث منصب رئاسة الوزراء في عام 2003، قلّصت من صلاحيّات الرئاسة لمصلحة منصب رئيس الوزراء الذي كان الرئيس الحالي محمود عباس أوّل من تولّاه.
لم يكن السجال حول الصلاحيّات حاضراً خلال فترة تولّي محمود عبّاس المنصب، ولا سيما أنه لم يعمّر فيه لخلافه مع الزعيم الراحل ياسر عرفات، واستبداله بأحمد قريع المهادن نوعاً ما لأبو عمار. لكن وصول حركة «حماس» إلى رئاسة الوزراء وحرص «فتح» على عرقلة التجربة السياسية الأولى للحركة الإسلامية، أعاد الإضاءة على ما خفي من صلاحيات للرئاسة ورئاسة الوزراء.
«مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات»، وثّق الصلاحيات المنصوص عليها في القانون الأساسي في كتاب حمل عنوان «صراع الصلاحيات بين فتح وحماس». استعرض الكتاب الخلافات الناشبة منذ اللحظة الأولى بين طرفي الحكم الفلسطيني على أكثر من مستوى.
البداية كانت مع الجلسة الأخيرة للمجلس التشريعي الذي شكّلت فيه «فتح» الأغلبية والقوانين التي أقرّها وعزّز خلالها من صلاحيات الرئاسة والتعيينات التي اعتمدها لإبقاء «فتح» على تماس دائم مع تطوّرات العمل الحكومي. يمكن اعتبار الجلسة، المواجهة الأولى بين «فتح» و«حماس»، ولا سيما أن العمل الأول للمجلس التشريعي الجديد كان إلغاء مفاعيل الجلسة الأخيرة لسلفه على اعتبار أن دور المجلس في مرحلة ما بعد الانتخابات يكون لتصريف الأعمال.
الكتاب لم يحسم السجال في هذا الخلاف لعدم وجود نصّ صريح في القانون الأساسي يحدّد دور المجلس التشريعي وصلاحيات فترة ولايته، إلا أنّه قارن بتجارب دول أخرى، حيث ينتهي الدور التشريعي للمجلس مع إجراء الانتخابات.
المواجهة الثانية، والأهم، كانت في الجوانب الأمنية، التي أدّى تراكمها إلى اندلاع الاقتتال الداخلي والوصول إلى مرحلة الحسم العسكري «الحمساوي» في غزّة في 14 حزيران الماضي. ويلحظ الكتاب التعيينات التي قام بها الرئيس الفلسطيني في الأجهزة الأمنية لإبقائها تحت قيادته، باعتباره «القائد الأعلى للقوات الفلسطينية»، وبالتالي إدراج الإشراف على القوى الأمنية ضمن مجلس الأمن القومي التابع للرئاسة، الذي ترأّسه في فترة سابقة القيادي في «فتح» محمد دحلان. في المقابل لوزارة الداخلية، سلطة على الأجهزة الأمنية في إطار «حفظ النظام والأمن الداخلي»، إلا أنّ حدود التنفيذ كانت تصطدم دائماً بسجال الصلاحيّات وضبابية النصوص التي لم توضح حدود دور كلّ طرف، إذ يبدو أن المشرّع لم يلحظ صدام المشاريع السياسيّة بين الرئاسة ورئاسة الوزراء باعتبار أن «فتح» كانت مطمئنّة إلى حكمها.
الصلاحيّات امتدّت إلى التمثيل الخارجي، عبر تهميش دور وزير الخارجية السابق محمود الزهار لحساب رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير، فاروق القدومي. رغم أن عباس نفسه كان قد همّش دور القدومي لحساب وزير الخارجية الأسبق نبيل شعث، حين كانت الحكومة «فتحاوية».



العنوان الأصلي
صراع الصلاحيات بين فتح وحماس
إعداد:
مريم عيتاني
الناشر
مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات