أسعد أبو خليل *
على أنصار نظرية المؤامرة، وأنا واحد منهم، العودة إلى تصريح عابر صدر بعد ساعات فقط من اغتيال الحريري عن وليد جنبلاط. فقد صرّح جنبلاط، وهو يصدق القول، وإن كذب فليس لأكثر من... 25 سنة، مطالباً بتطبيق اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل. كما أطرى هكذا فجأة على المفاوضات الجارية آنذاك بين أرييل شارون وأبو مازن. لم تعلّق الصحف آنذاك على التصريح الغريب (والمريب)، أو على توقيته، ولم يسأله أحد ـــــ وجنبلاط، مثل كل الذين يولدون في سلالات حاكمة وهو طالب بإدامة حكم «سلالة» الحريري في خطابه في 14 آذار الأخير، لا يسمح بمساءلته من إعلام معارض له منعاً للإحراج ـــــ عن علاقة اغتيال الحريري باتفاقية الهدنة. وكيف تفتقت قريحة جنبلاط بعد اغتيال الحريري عن إثارة قضية اتفاقية الهدنة وكأن عدم تطبيقها ـــــ وإسرائيل هي التي خرقت تلك الاتفاقية التي كرّست عدم التوازن بعد حرب 1948 على الدوام ـــــ هو الذي أدّى إلى اغتيال الحريري. عندها بدأ جنبلاط بترداد مقولة «سلاح حزب الله، الى أين؟» والتي ردّدها من بعده أقطاب 14 آذار (هل يستمرّ حرد كارلوس إدة بالمناسبة؟).
لكن لربط خيوط أحداث لبنان، ولفهم دور الحريري الخفي في الإعداد للقرار 1559 (من لاحظ إحراج السفير فيلتمان عندما راوغ في إجابته عن دور الحريري في 1559 في مقابلة مع جريدة الأمير خالد بن سلطان؟)، يجب الوقوف عند هذا التصريح لجنبلاط، لأنه كان أول إشارة إلى خفايا ما يدور من مخطط أميركي ـــــ إسرائيلي ـــــ سعودي في لبنان، وليست فرنسا إلا للديكور، ولم تتوضح معالم هذا المخطط إلا في حرب إسرائيل على لبنان وفي بيان آل سعود الذي صاحب العدوان. طبعاً، عاد جنبلاط وغيّر موقفه من إسرائيل من أجل الانتخابات ونظّر من أجل الإبقاء على سلاح حزب الله كـ«منظومة دفاعية»، وخَدَع حزب الله، الذي يسهل خداعه من الحريري وجنبلاط. لكن الحديث عن اتفاق الهدنة لم يكن بريئاً. كان جزءاً من رؤية رفيق الحريري ومن المخطط الأميركي للبنان الذي تبلور في القرار 1559 (يجزم فارس خشان بأنه لا مشروع أميركياً في لبنان بدليل، حسب رأي خشان، مقابلة للسفير فيلتمان الذي أكّد ـــــ يا للبراءة ـــــ أن جلّ السياسة الأميركية في لبنان هي تلبية مطالب الأكثرية فقط. لم يستفسر المذيع من خشان. ألا يعني هذا التصريح أن التبني الأميركي لحرب إسرائيل على لبنان، ومعارضتها لوقف النار، كان بطلب من الأكثرية؟ السؤال، مجرد السؤال، مشروع).
ربيع التطبيع
لكن هذا الموضوع يحتاج إلى كثير عناية وتدقيق. فليتمّ التداول العلني بموضوع اتفاقية الهدنة. والغريب في الأمر أن فريق الحريري ينبذ كل ما يصدر عن النظام السوري، إلا أنه يرى تمنّعه عن قتال إسرائيل وعن استخدام السلاح لتحرير الجولان مثالاً مُحتذى، وكأن استراتيجية النظام السوري (في الانتظار الأبدي من أجل «تحديد زمان المعركة ومكانها» ـــــ وقد تندلع في الصين) كانت ناجحة في تحرير الأرض المحتلة. والسؤال الذي يجب أن يُطرح هو مدى التزام إسرائيل باتفاقية الهدنة حتى قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية في لبنان. والحديث عن اتفاقية الهدنة في خطاب الفريق الحاكم يلتزم بالحرف السرديّة الصهيونية الرسميّة حول اعتداءات إسرائيل على لبنان. فتلك السرديّة تزعم أن إسرائيل اعتمدت سياسة «الجار» اللطيف إلى أن بدأت اعتداءات الفلسطينيين على الدولة الوديعة (يحاول الكثير من اللبنانيين اليوم أن ينسوا أن عدداً كبيراً من الفدائيين المنضوين في التنظيمات الفلسطينية كان من اللبنانيين واللبنانيات (حتى لا ننسى مهى أبو خليل، رفيقة ليلى خالد). يريد الفريق الحاكم في لبنان أن يُقنع الشعب اللبناني بأنه ليس لإسرائيل نيات عدوانية نحو لبنان، وأن الثورة الفلسطينية، ثم حزب الله من بعدها، هما اللذان استفزا دولة العدو. هذا يفسر لماذا انزعج فؤاد السنيورة من عبارة حسن نصر الله عن «الحرب المفتوحة»، وإن في معرض الردّ. غاب عن بال السنيورة أن الصهيونية أعلنتها حرباً مفتوحة منذ إعلان الدولة، ومن دون توقف ولا هوادة. فهي اعتدت على لبنان وفلسطين والأردن والعراق ومصر وسوريا وتونس. كما أنها أسقطت طائرة ليبية مدنية في عام 1973، بالإضافة إلى عمليات اغتيال عرب ومسلمين في كل أنحاء العالم، بما فيها اغتيال نادل مغربي في النروج في 1974 فقط لأنه بدا شبيهاً بأبي حسن سلامة. الحرب المفتوحة هي جزء لا يتجزأ من العقيدة والممارسة الصهيونية، لكن السنيورة الملتزم بمشروع ربيع التطبيع مع إسرائيل الذي وضع لبناته رفيق الحريري (أغفل النحّات بصبوص ذكر بعض «منجزاته» في المسلة البشعة في السان جورج، بما فيها وعد ربيع التطبيع وتراكم الدين العام وسياحة الدعارة وتكثيف التدخل الخارجي من كل حدب وصوب في شؤون لبنان واستعمال الرشوة بصورة واسعة والتحريض المذهبي والطائفية والعمل على وضع القرار 1559، بالإضافة إلى الضلوع في أجزاء متعددة من المشروع الأميركي في المنطقة).
وعندما استفظع السنيورة، في لحظة توقف عن إهراق الدموع الفاعلة، عبارة «الحرب المفتوحة»، هل كان يظن («أيظنّ؟») أن إسرائيل ملتزمة بخيار سلمي مع العرب، أو أنها قضت على نياتها العدوانية نحو لبنان؟ طبعاً، لا نظن أن السنيورة معني بما يجري على أرض الجنوب من آثار القنابل العنقودية ـــــ ومن المشين ألا تقوم الحكومة اللبنانية بمسح شامل للقنابل العنقودية وأن تترك الأمر لمنظمات غربية مثل «هيومن رايتس ووتش» وكأنها لا تريد أن تقلق أو أن تزعج إسرائيل، وهذا يفسر عدم تقدُّم الحكومة اللبنانية بشكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن. أي إن فريق الحريري يريد نبذ سلاح المقاومة وسلاح الدبلوماسية في مواجهة إسرائيل، وذلك التزاماً بالارتهان للسياسة الأميركية ـــــ ومن خطف المواطنين من الجنوب؟ ومتى أغلقت إسرائيل حدود عدوانها على العرب، أو ضيقت آفاق مواجهتها العدوانية للعرب حتى يُقال إن لبنان في غنىً عن الحرب مع إسرائيل؟
لكن منطق استراتيجية الفريق الحاكم هي مُستقاة بالكامل من نص اتفاقية 17 أيار لمن يُراجع النصّ. (يحاول أمين الجميل اليوم أن يتنصل من الاتفاقية عبر القول إنه لم يوقِّعها، مع أن حكومته أصدرت كتاباً خاصاً للترويج للاتفاقية تحت اسم «وثائق اتفاق جلاء القوات الإسرائيلية» الصادر عن وزارة الخارجية اللبنانية كـ«كتاب أبيض»، وكان رفيق الحريري ـــــ يا للصدفة ـــــ يعمل جاهداً للتقريب بين أمين الجميل وخصمه من المسلمين). والاستشهاد بماكس فيبر عن احتكار امتلاك السلاح (وكأن هذا الأمر متبع حتى في أميركا حيث يكفل الدستور حق امتلاك السلاح المخفي والظاهر تبعاً لأحكام الولايات كما أن سويسرا تعتمد على الشعب المُجيّش) ما هو إلا لضمان أمن إسرائيل وسلامتها التي تضمنتها تلك الاتفاقية المشينة (التي حظيت بتأييد رفيق الحريري، لا بل سعى لإقناع السياسيين المعارضين بصوابيتها)، مع أن الاتفاقية تحدثت عن السماح لوجود «أنصار» للجيش في الجنوب، وهي الصيغة التي أصرّت عليها إسرائيل لشرعنة وجود قوات أنطوان لحد على أرض الجنوب (لكن لحد منشغل اليوم بمطعم «بيبلوس» الذي يديره في فلسطين المحتلة، وأطلقت عليه الصحافة الإسرائيلية لقب «الجنرال حمصوبرنامج 14 آذار في التنصل حتى من الاهتمام بتحرير فلسطين (وكأن الدولة التي ليست في النظرية ولا في الممارسة فريق حيادي لا في لبنان ولا في أي مكان في العالم. واذا كانت الدولة في التعريف الماركسي التقليدي هي جهاز لقمع طبقة من قبل طبقة أخرى، فإنها في لبنان جهاز للقمع الطبقي والطائفي)، لا يمكن أن يلزم من التزم بتحرير فلسطين من الشعب اللبناني منذ عام 1948 ومن كل الطوائف. صحيح أن رئيس الحكومة يتمنى أن يتحول الاهتمام الشعبي من فلسطين إلى ماراثون بيروت وستار أكاديمي، لكن هذه الإرادة الأميركية لا يمكن أن تُفرض بالقوة ولا بالحسنى، حتى وإن طُبِّقَت وثيقة وزراء الإعلام العرب.
والكلام على نزع سلاح المقاومة (وهو صدر بالحرف عن سعد الحريري في أول مقابلة له بعد اغتيال والده في صحيفة الواشنطن بوست، وحرص مكتب الحريري الإعلامي على حذف الجملة في النص الرسمي لترجمة المقابلة الذي صدر في صحيفة المستقبل، ولم يلاحظ حزب الله ذلك لأنه كان مشغولاً بالتحالف الرباعي) هو ترجمة جديدة لنص الاتفاقية الذي يتحدث عن اعتبار حالة الحرب بين الدولتين منتهية بالتمام والكمال. وتعهد لبنان في اتفاقية 17 أيار بمنع الأعمال «الإرهابية» ضد إسرائيل، كما يحاول الفريق الحاكم بوضع سلاح المقاومة تحت إمرة الجيش (بوضع قرار الحرب والسلم في يد جو سركيس).
أما قرار الحرب والسلم، فالدولة لم تتخذ يوماً قرار مواجهة الاحتلال: أكان يُفترض على الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحزب العمل الاشتراكي العربي ـــــ لبنان استشارة بشير الجميل، الرئيس المُنصّب آنذاك، قبل إعلان الحرب على الاحتلال الإسرائيلي؟ وخطاب الفريق الحاكم لا يختلف البتة عن خطاب فريق بيار لافال أثناء الاحتلال النازي لفرنسا: كان يُقال: لا تعطوهم الذرائع، يجب تسهيل أعمال المواطن، يمكن الاعتماد على الوسائل السياسية الدبلوماسية (زاد عليها فريق الحريري منطق حماية سياحة الدعارة من تخريب أعمال المقاومة وإلا لجأ أمراء النفط إلى مواخير عواصم أخرى خارج لبنان). وحكومة أمين الجميل كانت تعتمد منطق الحكومة الحالية وخطابها نفسه في معارضتها للمقاومة: كان يُقال إن الاعتماد على الدبلوماسية هو الحل ـــــ وكان الحريري يتصل بالسياسييين اللبنانيين لتسهيل مهمة الجميل (تُراجع هنا المقابلات الطويلة التي نشرها غسان شربل في كتاب «لعنة القصر». والدفاع عن الحريري من باب أنه كان مناضلاً في حركة القوميين العرب ردّ عليه الحريري نفسه في الكتاب المذكور عندما نفى أن يكون قد انتسب يوماً إلى الحركة، وأوضح أنه كان منحازاً إلى الموقف السعودي في الصراع مع عبد الناصر، لكن الرجل مشى في تظاهرة أو اثنتين، وتحاول ليلى خالد أن تخترع له سيرة لم يدّعها هو في حياته).
الياس أبو عاصي وغيره من فريق 14 آذار (والمسافة بين 14 آذار وبين 17 أيار هي أسابيع فقط) يوحي بأن لبنان هو الذي أخلّ باتفاق الهدنة عبر توقيع اتفاقية القاهرة. ينسى هؤلاء، أو يتناسون، التاريخ. هؤلاء يحتاجون إلى دروس في تاريخ لبنان وجغرافيته. فإسرائيل خالفت الاتفاق (الذي يمنع الخرق الإسرائيلي اليومي للأجواء اللبنانية) منذ إنشاء الكيان على أرض فلسطين. وسجلت السنوات بين 1949 و1964 نحو 140 اعتداءً إسرائيلياً على قرى الجنوب اللبناني ومدنه. والاعتداء على الطائرات بدأته إسرائيل، إذ إنها قصفت طائرة مدنية لبنانية في تموز 1950، وقتلت إسرائيل في يوم واحد من العام نفسه أربعة مواطنين لبنانين في بلدة يارون. وخطفت إسرائيل في عام 1959 ثلاث طائرات لبنانية (يُراجع الكتاب الخاص الذي أصدرته وزارة الإعلام في التسعينيات عن اعتداءات إسرائيل على لبنان). كما سجلت مصادر الحكومة اللبنانية (وهي لم تكن معروفة أبداً بمعاداتها لإسرائيل كما أن ما نُشر بالعبرية عن لقاءات لجان الهدنة يفيد بأن الجانب اللبناني كان يُسارع عبر العقود، في لقاءات غير رسمية وغير مدوّنة في محاضر لبنانية، لطمأنة الجانب الإسرائيلي، حتى في 1967، بأن لبنان غير معني بما حوله وأنه لا يلتزم بالمواجهة العربية مع إسرائيل، وتطوع مفاوض لبناني لإبلاغ الجانب الإسرائيلي بأن اللبنانيين «ليسوا عرباً»، ولا ننسى أن أبا إيبان كشف في مذكراته أن صداقة حميمة كانت تجمعه بشارل مالك، هذه الصداقة هي التي دفعت بالحكومة اللبنانية لإطلاق اسم مالك على جادة، إذ إن الصداقة مع الإسرائيلي هي مصدر فخر في مسخ الوطن هذا). بين سنوات 1968 و 1974 ثلاثة آلاف اعتداء على لبنان أدت إلى مقتل 880 لبناني وفلسطيني من المدنيين والمدنيات (يُراجع كتاب أمين مصطفى «المقاومة في لبنان»).
حلفاء في لبنان
وصاحبت سياسة العدوان الإسرائيلية منذ إنشاء الدولة اليهودية إقامة علاقات رسمية وغير رسمية مع حلفاء في لبنان. وقد بدأ سعد حداد علاقاته مع إسرائيل منذ أوائل السبعينيات عندما كان يحتل موقعاً رسمياً في الجيش اللبناني، حتى لا نتحدث عن دعم إسرائيل المالي لحزب الكتائب في الانتخابات اللبنانية منذ الخمسينيات (أما آن الأوان ليتوقف جوزف أبو خليل عن ترداد كذبة »المركب في عرض البحر» وعن رواية «بداية» العلاقة مع إسرائيل أثناء الحرب الأهلية؟). ولم يتوقف الإعلام اللبناني عند مقابلة أجرتها صحيفة هآرتس بعد عدوان إسرائيل على لبنان (يفضل إعلام السعودية والحريري تسمية حرب إسرائيل على حزب الله للزعم أن أسرائيل ما كانت تكنّ للشعب اللبناني إلا الودّ والمحبة، وأن مدافعها كانت منصبّة فقط على حزب الله مثلما كان الإعلام الكتائبي يزعم أثناء الحرب الأهلية أن مدافع إسرائيل كانت منصبّة على «المخرّبين» من الفلسطينيين) مع قائد الأركان الإسرائيلي الذي سبق حالوتس في منصبه. فالرجل اعترف بأن الخطط الإسرائيلية الموضوعة في سيناريو المواجهة مع حزب الله تضمنت جانباً «سياسياً» مرتبطاً طبعاً بحلفاء وأعوان للعدوان في داخل لبنان. لكن إعلام الفريق الحاكم يريدنا أن نصدق أن تعاطف السعودية مع العدوان الإسرائيلي كان بريئاً، وأن كلام سعد الحريري (قبل أن يطلب وساطة الرئيس القبرصي لوقف العدوان، إذ إن استراتيجية فريق الحريري الدفاعية تعتمد على دور بالغ الأهمية للرئيس القبرصي وعلى إعلانات حسن الجوار من فريد مكاري) المتوافق مع البيان السعودي كان هكذا بالصدفة، وإن اللقاء مع رايس في حمأة العدوان كان فقط من أجل بحث باريس 5 أو 6، أو لتذوق ساندويشات الوجبات السريعة.
يصرّ فؤاد السنيورة على أنه ليس بحاجة إلى فحص دم يومي. هو محقّ. فقد خضع لفحص دم شامل ودقيق في حرب تموز. وكانت النتيجة واضحة. ولم تكن في مصلحته، ولم تكن في مصلحة لبنان، وإن جاءت في مصلحة العدوان الذي لم يخف رضاه عن السنيورة. حتى إن صحفاً أميركية أشارت إلى طلب أميركي لإسرائيل بالتوقف عن مديح 14 آذار والسنيورة منعاً لإحراجهم. هناك فريق في لبنان لا يرى في إسرائيل عدوّاً، وهناك فريق بات يجد أي عمل مقاوم لإسرائيل، حتى لو كان سلمياً، عملاً إرهابياً تجب معاقبته وفقاً لقانون العقوبات السعودي. هذا يفسّر العودة إلى نظرية «قوة» لبنان الكامنة في ضعفه. وهي نظرية تعتمد على الإذعان المطلق لمشيئة الاحتلال الإسرائيلي. هناك في لبنان من أعدّ أطباق المازة لأرييل شارون فيما كانت مدافع جيشه تدك مدناً وقرى آهلة بالسكان (وأسهم حزب الله في إيصال من أعدّ تلك الأطباق إلى المجلس النيابي). هناك في لبنان من يظن أن الإرهاب اختراع عربي. لا يعلم هؤلاء بتراث الصهيونية في مجال الإرهاب وإدخاله إلى منطقة الشرق الأوسط. الصهاينة كانوا أول من أدخل إرهاب القنابل في المقاهي (آذار 1937 في يافا). الصهاينة كانوا أول من أدخل إرهاب القنابل في الباصات (آب 1937). الصهاينة كانوا أول من أدخل إرهاب القنابل في الأسواق (تموز 1938 في حيفا). الصهاينة كانوا أول من أدخل إرهاب القنابل في الفنادق (تموز 1946 في القدس). الصهاينة كانوا أول من أدخل تفجير السفارات (تشرين الأول 1947 في روما). الصهاينة هم أول من فخخ سيارات الإسعاف (تشرين الأول 1946 في بتاح تكفا). وهم أول من أرسل طروداً بريدية مفخخة (ضد أهداف بريطانية في 1947)، بالإضافة إلى ابتكار مبكر للسيارات المفخخة عندما كان ميشال عفلق لا يزال طالباً في باريس.
الخيار في لبنان لم يكن منذ 1948 قطُّ بين السلم والحرب (أو بين الحياة والموت). الخيار هو بين حرب على إسرائيل وحرب من أجل إسرائيل. أين تقف أنت؟
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا
موقعه على الإنترنت: www.angryarab.blogspot.com