عبد العزيز محمد سبيتي
بعد قرار وزراء الخارجية العرب المشكور، ثبت للشعب اللبناني بكل تواريخه أن قادتنا، جلّهم للأسف، لم يبلغوا سن الرشد في السياسة الوطنية. لذلك، وجب على الإخوة العرب الذين يشغلون «طبقةً» من طبقات البناء اللبناني أن يبادروا إلى القرار الذي نرجو أن ينفَّذ، خوفاً منهم من انهيار المبنى بكل ساكنيه داخلياً وخارجياً، وساعتئذ لا قدّر الله لينجو من الارتدادات كل العرب وكل العجم في شرق الأرض وغربها. وهنا وكما يقال «وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر»، فلو كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري على قيد الحياة لتغير الكثير الكثير من الأشياء والأشخاص والمواقف. ولكن للأسف فإنّ من خطّط ونفّذ اغتياله كان على علم بأن الزلزال سيبقي ويؤثر في لبنان على كل ما وصلنا إليه.
المهم أنّ القرار صدر، وأهمّ ما فيه أنّه كرّس الإرادة الشعبية العارمة بوجوب انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، والذي لم ولن يجرؤ أحد على الوقوف ضده لأن الرجل أثبت أنه لكل لبنان ولكل شعب لبنان بالرغم من كل الصعاب والكوارث التي واجهته والتي تخطّاها بنجاح لأنه كان القائد لجيش الوطن لا لجيوش أهل السياسة.
من نعم الله أنّ الجميع زغردوا للقرار العربي وإن تفاوتت رنّات الزغردة قوة وضعفاً «إضافة إلى تلاقي جميع سفراء العالم عندنا على الموافقة وإبداء الرأي الإيجابي حولها». وحتى لا تضيع هذه الفرصة مثل غيرها، وربما تكون هي الفرصة الأخيرة للحل، لذلك، يجب على الجميع تهدئة الأعصاب والتفكير ولو لمرة واحدة بقول نبيّ جبران «خُلقتما معاً وتظلان معاً» وإن كان ذاك النبي يقصد المرأة والرجل أكثر من أي مخلوق آخر. ولكن ما ينطبق على المقصود ينطبق على أي أمر يعود فيه القرار إلى طرفين يسعدان بالتلاقي والمحبة والتفاهم والسلام ويشقيان بعكس ذلك.
ثلاثة بنود فشل قادتنا في إيجادها والتوافق عليها حتى اكتشفها الوزراء العرب والحمد الله. ولكن ليس المهم تشخيص المرض ووصف الدواء بقدر أهمية أن يستعمل الدواء وبالجرعات التي تشفي، وخاصة أن في لبنان اليوم شعوباً وقبائل والكلّ قد انقسم على نفسه حتى بات الدين أدياناً، والطائفة طوائف، والمذهب مذاهب، والحزب أحزاباً. ولم يبق من أمل التوحيد سوى المؤسسة العسكرية التي، بسبب وحدتها، أقنعت الجميع بقائدها لإيصال السفينة إلى شاطئ الأمان.
لذلك، فليترك للرئيس هامش من الحرية وآلية اتخاذ القرار الملزم والموحد والنافذ. وبطبيعة الحال تاريخه يؤكّد عدم تهاونه مع أي أمر يؤذي الوطن والشعب، وخاصة أنه سيستفيد من أسلافه بصوابهم وأخطائهم وخاصة لجهة حسن الاختيار للأشخاص الذين سيتهافتون عليه من أهل السياسة وأهل الحماسة والرئاسة والكياسة «والكراسة».