سيده يوسف كلّاس
إذا فرغ الوطن من أهله، فما معنى لبقائكم، أيتها الأشباح الضالة، والسكارى الضائعة ما بين الأسماء والألقاب المزيفة.
لكن ما يليق بكم هو لقب واحد أوحد: الشياطين الكافرة. صرخة مدوية من قناة جهاز الحس البشري: «هلموا إلى مائدة الوطن».
إنّ من يتناول من مائدة الرب، يرث الحياة الأبدية ومن لا يتناول من مائدة الوطن يرث القهر والضياع.
إنّ الشعب استاء من هذا الوضع الأليم من أجل غبائكم وعنادكم غير المبرّر. إن البلد يئنّ جوعاً وفقراً، والتماسيح تتنعّم في فنادق، نجومها تسطع لتحرق حقوق المواطن لكفّ أيادي الغدر والإجرام عن لبنان المميَّز، علماً وحضارةً، ثقافة ورقيّاً. إنّ ساحله يلتقي جبله المكلّل بثلوجه المماثلة بوجهه الناصع المترف عن كل ما هو دنيء ومنحطّ. لكنّ الأيادي السوداء، والمجرمة تتسرّب خلسة لتدمّره، وتقتل نسوره المحلقة عالياً، وتهدم جسوره الأبطال فتقع نجومه نجمة تلو الأخرى لتصبح السماء مظلمة كأرضه الحزينة، دون أن يعلموا أنّ بنيانه متين ومتجذّر في أعماق قاع الأرض والمرتوي من دماء شهدائه الأحرار، والأبرار الذين دفنوا في رحم ترابه. فلا تهزه عواصف ولا أعاصير.
وطني. هذا أكبر بكثير من أفعالكم الدنيئة، والذليلة الطامعة، فلتقطع هذه الأيادي العابثة بتصفية الأبطال الخالدين. لو ترابه يتكلّم لخاطبكم قائلاً: «يا ملوك الفساد، ارحموا أرضه المقدسة وارحموا شعبه الذي يأبى الذل والخضوع».
عودوا إلى تاريخه وردّدوا جميعكم: الفخر في بلادنا، والعزّ في اتحادنا لا تكونوا سلعة رخيصة في أيدي الآخرين المبغضين له ولحقه في العيش بسلام.
هيا انتفضوا ضدّ العدو الحاسم، واضربوا بيد من حديد للحدّ من هذا العبث وتحدّوا كل غريب يحاول الاعتداء على كيانه وعلى شعبه المثقل، لم نعد نحتمل تلك الأفعال البشعة الوحشية الوقحة الكاذبة. إن الهلاك ينهش قلبه النابض. هل كتب لنا أن نمشي درب الجلجلة ونصلَب كل يوم، فقط لكوننا لبنانيّين؟ بصرخة جارحة أقول إلى متى؟ تضطهد الأبرار، والأشرار تمضي دون حسيب أو رقيب.
إنّ الله سبحانه طرد من جنّته الملائكة التي تمرّدت عليه وجعلها شياطين كافرة، لذا ثوروا على الطغيان ليبقى وطننا شامخاً كأرزه الخالد. استيقظوا واعلموا أن لا خلاص دون المحبة والتوبة وتذكّروا كلام المخلّص. كونوا مستعدّين. لا تعلموا متى سيأتي يوم الرب.