أحمد م. جابر *
الدعوى القضائية المرفوعة ضدّ سماح إدريس من طرف السيد فخري كريم كانت صادمة لمن اطّلع عليها، وخصوصاً كلّ من سبق له أن قرأ افتتاحية الآداب يوم 5/6/2007. المفاجأة لم تقتصر على ما قاله إدريس إنها جاءت متجاوزة للمنطق الذي اعتاده الكاتب والمثقّفون بالردّ عبر القلم والفكرة، بل أيضاً لأنها تستند، برأينا، بفجاجة إلى استنجاد المدّعي بمكانته السياسية وعلاقاته ونفوذه ضدّ مجلّة تعيش على التبرّعات تقريباً، وضدّ كاتب لا يملك إلا قلمه وضميره المشهود لهما في كلّ موقف ومعركة.
وإذا كان اللجوء إلى القضاء سمة حميدة، تبعد الناس عن أخذ حقّهم بالرصاص والمتفجّرات، فإن هذا اللجوء يجب أن يستند أصلاً إلى فكرة العدالة المقرونة بحسن النية، لا الانتقام والتصيّد ونصب الكمائن.
وللتوضيح، فمن يقرأ نصّ الدعوى كما نشرتها الآداب عدد 12/2007، يجد استقواءً غير مفهوم للسياسي على المثقّف، ويجد محاولة شاذّة لتعليق المثقّف (الذي هو أولاً وأخيراً صنو الضمير كما يجب أن يكون) على صليب ارتباطات السياسي ونزعاته ومصالحه.
هل يجب أن يحاكم سماح إدريس لأنه معادٍ للاحتلال الأميركي للعراق؟ وهل يجب أن يحاكَم لأنه ضدّ تقسيم العراق وتحويله إلى دويلات متنازعة؟ أو لأنه يرفض أن يعبث عملاء الكيان الصهيوني (المستمرّ في قتل الشعب الفلسطيني) في بلد عربي اسمه العراق؟ وهل يجب أن تعلَّق له المشنقة لأنه يرفض أن يكون مثقّفاً مستزلماً لنظام أو فكرة أو خطّ سياسي أو دبابة؟
أمّ ربما أنّ مجلة كالآداب وأشخاصاً مثل سماح إدريس وموقفاً كالذي يتبنّون ضدّ أميركا وإسرائيل وجماعتهما من العرب لم يعد مرغوباً بهم، وبالتالي لا يجب أن تفوت فرصة للنيل منهم وإقصائهم إن أمكن؟
ما زلنا متمسّكين بفكرتنا عن نزاهة القضاء اللبناني وقدرته على الإحاطة بالتباسات هذا النوع من القضايا، ولكنها دعوة ــــ بغضّ النظر عما سيحكم به القاضي ــــ للتضامن مع الآداب، ومع سماح إدريس. وإذا كان حكم القاضي في مصلحة المدّعي، فهذا لا يعني أبداً أننا مخطئون أو أنّ سماح إدريس مخطئ، بل هي السياسة إن أقبلت أو أدبرت.
* صحافي فلسطيني