عمار سليمان علي
لن تتردّد أي لجنة تحكيم في أي مهرجان سينمائي دولي لحظة واحدة في منح مجمل جوائز السينما الصامتة ـــــ فيما لو كان هناك هكذا جوائز! ـــــ إلى .... حزب الله. فعلى مدى ثلاثة أيام ولياليها، تحرّكت كوادر الحزب وعناصره المقدّرة بالآلاف فوق أرض الجنوب اللبناني وتحتها، وأنجزوا مناورات عسكرية تدريبية ضخمة وهامة، شاركت فيها جميع القطع العسكرية والأمنية واللوجستية العاملة في المقاومة. وقد تم ذلك كله بصمت مطبَق، ودون أي ظهور مسلّح، وتحت عيون الـ«يونيفيل» والطيران الإسرائيلي، الذي كثّف طلعاته التجسّسية على مدى الأيام الثلاثة، ليظفر ولو بصورة أو معلومة تفيده في فهم ما يحصل من تنقّلات وحشود وتحرّكات. كانت ملحمة سينمائية صامتة، أبدع مخرجها ومؤلّفها ومنتجها ومنفّذها والمشرف عليها والعاملون فيها، ما جعلها تضاهي أروع الأعمال السينمائية الصامتة والناطقة على حد سواء، مع فارق وحيد وبالغ الأهمية، أنّنا هنا أمام واقع حقيقي لا متخيَّل، ما يثبت مرّة أخرى جدارة المقاومة والسيد حسن نصر الله بكل ألقاب البطولة، ليخجل بعد ذلك كلّ من يحاول أن يلعب أدوار البطولة، وليخجل جميع النقّاد والمحلّلين الذين فوجئوا بالعرض الصامت، ووقفوا أمامه مشدوهين، وأحسّوا بأنه عصيّ على الفهم وعلى التحليل، رغم صمته المطبق، فيا لروعة الصمت وبلاغته وتعقيده. وبالعودة إلى الجوائز، فربّما تُستحدَث جائزة خاصّة على مقاس فؤاد السنيورة وتسمّى جائزة «المحاكاة على الورق داخل غرف». أمّا إسرائيل التي دفنت رأسها في التراب واكتفت بنفي السنيورة والـ«يونيفيل» لصحّة المناورات، فتستحقّ عن جدارة الجائزة التي طالما مُنحت سابقاً للعرب، وهي جائزة «النعامة». وفي رواية أخرى... جائزة «الندامة».