ريما يونس
ها أنا أنظر إليك بعين التائه المتعب أتضرّع لإله السماء كي يرأف بناأنظر إليك فتتبعثر الأشياء وتتشابه الصور، وتختلط الذكريات
أراك ولا أراك! أسمع صراخ الأرض وهي تلعننا. أراك مضمّخاً بحقدنا وأنانيتنا
لم يعد للمحبّة من أثر. سكنتنا متاريس الرعب وذاكرة نتناساها لنعيد تشكيلها من جديد
لم نشبع من تمزيقك وتشويهك
بتنا نعانق السلاح بدل الحلم. أصبح الموت لعبتنا التي نتلذّذ بها، فلم يعد للحلم مكان بيننا
الأماكن والشوارع والأحياء والأرصفة والأشجار وحتى المياه والسماء ... جميعها أصبحت خطوطاً حمراء
باتت محرّمة علينا
حتى الابتسامة صُلبَت على نعش الذكريات، سُلبنا طفولتنا، براءتنا، ولا مبالاتنا. بتنا حقائب تُرمى على هامش الحياة
الحياة تهمة، والفرح خيانة كبرى
الألم يأكلنا وينهش أرواحنا بأظافره السامّة المعطّرة برائحة الكذب والخداع
الأفاعي تحيط بنا، صدى فحيحها يصمّ الآذان، يحاصر أرواحنا فيصرعها
تدحرجنا على أنقاض فنائنا
إليك أيها البعيد القريب صرختي، أرجوك ابتلعنا قبل أن نبتلعك علّك تعيد تشكيلنا من جديد بهيكل حالم تسكنه مروج العطر وتلال الزهور
ربما تعيد طيورنا التي رحلت
أيها الوطن الجريح، كفاك نزفاً وابتلعنا علّك تسرق منّا كل أحقادنا...علّك تذيب أنانيتنا
احتَوِنا، انثرنا على جبينك المتلألئ
اغمرني بحنانك، بوجعك، بعطشك، بحبك وبانتمائك
أبحث عنك فلا أجدك، لعلّي ضللت الطريق
أم غيّرتك فصول الشتاء الطوال الدامية؟
على أنغام موسيقى اليأس نخطو نحو مصيرنا الأسود ... نحو مجرّة معتمة
سندخل الفراغ فابتلعنا علّك تعيد خلقنا من جديد، كي نربح وقتاً للفراغ