كمال خلف الطويل *
في مثل هذه الأيام من عام 67، جرت أحداث تلاحقت سريعاً حتى وصلت في غضون أسابيع ثلاثة من بدايتها إلى ذلك اليوم الحزين ... 5 حزيران. لماذا حدث ما حدث؟ وكيف؟ وما هي المعطيات والإرهاصات التي قادت لانفلات أزمة هائلة من عقالها؟
لفهم ذلك يحتاج المرء لأن يعود سنوات ثلاث إلى الخلف، أي إلى بداية عام 64 عندما دعا عبد الناصر إلى مؤتمر قمة عربي يناقش مسألة تحويل إسرائيل لنهر الأردن، وما يترتب عليها من استتباعات ونتائج.
كان قرار انعقاد مؤتمر القمة يرمي إلى احتواء أي تفاعلات عنيفة ـــ وبالسلاح ـــ على الجبهة السورية بعد أن وصل إلى الحكم في سوريا عام 63 حزب البعث بكل فئاته المتناحرة داخل عباءته، وكلها تسعى إلى فتح الملف الإسرائيلي ليكون موطئها لانتزاع مركز الجاذبية العربي من قاهرة عبد الناصر.
كان أيضاً آخذاً في الاعتبار أن إتمام إسرائيل لعملية تحويل الأردن، مضافاً إليه اقتراب وصولها من امتلاك القنبلة النووية سيمكنها من أن تقوى لدرجة تخل بميزان القوى الدقيق في المنطقة بشكل جذري ومحسوس.
كان أيضاً متأثراً بانشغال مصر الواسع في حرب اليمن، بكل ما يحمله من انشغال عن ساحة الصراع الرئيسية أي إسرائيل.
لهذا كله، كان تصور عبد الناصر أن جهداً عربياً مشتركاً يعلو على الخلافات الجذرية مع البعث من جهة ومع الرجعية العربية من جهة أخرى، يستطيع ـــ ولو بقدر ـــ أن يهيئ لعوامل جبه هذه العناصر المشكلة للموقف الرجراج.
من هنا مشروعه بالمضي في تحويل روافد الأردن لتعويق إسرائيل عن الاستفادة منها، وفي إنشاء القيادة العسكرية العربية الموحدة لتكون جهة تنسيق فاعلة سواء لمطالب الدفاع أو الهجوم (إن جاء وقته) وفي إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون صوت فلسطين ـــ القضية الأمّ ـــ بعد تغيّب طال أمده، وفي إطار العمل العربي الجامع.
كان يتطلع أيضاً عبر القمة إلى احتواء عربي لمشكلة اليمن المتفاقمة وما تعبر عنه من حرب أهلية عربية بالسلاح تستنزف طاقات مصر بالتدريج.
ترافقت حركة عبد الناصر، بجديدها اللافت، مع غياب جون كينيدي عن دفة السلطة في واشنطن ووصول رمز الحماقة الأميركية الأبرز ليندون جونسون إلى سدة الحكم معبراً عن التحالف الصناعي ـــ العسكري الحاكم وعن مشروعه القاري المهيمن. لم يكن جونسون مغموراً قبل رئاسته، فهو بما يحمل من نوازع كان التجسيد الأبرز عن جموح القوة بأقصى تعابيرها، وبما تبطنه من كراهية قاطعة لاستقلالية العالم الثالث وحركة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز ولحركة الوحدة العربية، وفي كل هذه الميادين وقف عبد الناصر رمزاً بارزاً لا بد من ترويضه، ومن ثم تقويضه.
كان عام 64 مشهوداً لجهة تنامي قامة عبد الناصر عربياً ودولياً، فبعد مؤتمر القمة العربي الأول في يناير لحق مؤتمر القمة الأفريقي في القاهرة في يوليو، وبعده مؤتمر القمة العربي الثاني في الإسكندرية، وليكون ختام المسك مؤتمر قمة عدم الانحياز في القاهرة في أكتوبر. كان ذلك أمراً يفوق حدود الاحتمال لدى إدارة جونسون التي باشرت سياسة مجابهة متعددة المناحي، شملت:
توريط الجيش المصري أكثر فأكثر في أوحال حرب اليمن، لا تجد منها فكاكاً... تضييق الخناق على الاقتصاد المصري بالتلويح بقطع المعونات الغذائية، ثم القيام بذلك فعلاً... مؤامرات متلاحقة لاختراق النظام، ومن ثم الانقلاب على عبد الناصر أو قتله... ـــ وأهمها ـــ تعزيز القوة الإسرائيلية بشكل مباشر بدءاً من أوائل 65. كانت الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل أداتها الأخيرة الحاسمة والأوثق في تدمير عبد الناصر إن عجزت عن ذلك سواها من الوسائل، ووصلت الولايات المتحدة إلى تلك القناعة في منتصف عام 66، وخصوصاً بعد أن طوّر عبد الناصر سياسة النفس الطويل في اليمن، والتي انخفض بها حجم قوات الميدان إلى فرقتين، وبعد أن رفض عبد الناصر الخضوع لابتزاز المعونة الغذائية، وبعد أن مضى قدماً في عملية التطوير النووي ـــ محدداً عام 69/70 تاريخاً لامتلاك القنبلة النووية ـــ، وفي عملية تطوير الصواريخ البعيدة المدى والتي كانت عملية تدقيق موجهاتها تتعثر، وفي عملية بناء مقاتلة متعددة الأغراض بالاشتراك مع الهند.
وجهت الولايات المتحدة إنذارها لعبد الناصر في مارس 65 بفتح مفاعله في أنشاص، ومصانعه العسكرية للتفتيش وإلا ستباشر بتسليح إسرائيل بالطائرات والدبابات، ورفض عبد الناصر الإنذار.
ما إن هلّ عام 66 حتى كان الفصال قد أوشك. كانوا يعرفون مدى حساسية أمن ومصير سوريا لديه، بغض النظر عن السلطة القائمة فيها، ولذلك نلحظ كيف تصاعد العمل العسكري الإسرائيلي تجاه الجبهة السورية خلال عام 66.
واللافت أن المشير عبد الحكيم عامر حاول جاهداً إقناع عبد الناصر باتخاذ خطوات مضادة في ديسمبر 66، ورفض عبد الناصر حينها. لماذا رفض في ديسمبر 66 وقبل في مايو 67؟ وما الذي جرى في الشهور الستة ما بين ديسمبر 66 وأحداث مايو 67؟
شيئان مهمان: الأول تصاعد التحدي الإسرائيلي المسلح تجاه سوريا، واصلاً ذراه في الغارة الجوية فوق دمشق في 7 نيسان، والثاني تصاعد الحملة الإعلامية السعودية ـــ الأردنية، متهمة عبد الناصر بالاختباء وراء البوليس الدولي في سيناء، وغزة، وراضياً بالملاحة الإسرائيلية الحرة عبر خليج العقبة، والأهم من ذلك وصول التهديد الإسرائيلي لسوريا إلى حد إعلان إسحاق رابين رئيس الأركان عن نية إسرائيل في غزو دمشق يوم 11 مايو، مصحوباً بتهديد مشابه من رئيس الوزراء ليفي أشكول.
كان أنور السادات حينها في موسكو عندما أبلغه كوسيغين رئيس الوزراء السوفياتي أن معلوماتهم تنص على تخطيط إسرائيل لعدوان شامل على سوريا يوم 17 أيار، وأنهم يحشدون لذلك قوة مجموعها 11 ـــ 13 لواءً، وأن مصر مطالبة بالتحرك الفعال نصرةً لسوريا، وردعاً لإسرائيل عن غزوها.
لم يكن السوفيات بأيّ مقياس يبغون إيصال الأمور ودفعها إلى الحرب، وإنما كانوا يشعرون أن تحركاً مصرياً جاداً بالحشد في سيناء يشبه ما تم في يناير عام 60، أثناء فترة الوحدة، كفيل بلجم إسرائيل عن المضي في خططها، وبإنقاذ نظام صديق. والحق أن السحب المنتشرة في سماء العلاقات المصرية الأميركية كانت قد تكاثفت لدرجة انعدام الرؤية، إذ شعر عبد الناصر أن أميركا تلعب الورقة الإسرائيلية في تهديده وتركيعه، وهو في المقابل أيقن أنه لا خيار أمامه إلا بأن يردّ وبالورقة نفسها. الفيصل في هذه الرؤية للأمور كان مدى استعداد قواته المسلحة لحمل أعباء هذه المناورة.
عاد السادات يوم 13 مايو مباشرة إلى منزل عبد الناصر ليجده مجتمعاً بعبد الحكيم عامر، يبحثان تطورات الوضع والتهديدات الإسرائيلية الفاقعة. كان عامر يجادل بحزم أن قواته قادرة على تبعات مهمة الردع بما تشمله من حشد كبير في سيناء، وجاهزة لأعمال تعرضية فيما لو اجتاحت إسرائيل الجبهة السورية.
أعاد السادات على مسامعهما معلومات السوفيات الطازجة. وبين المعلومات وتأكيد الجاهزية تحرك عبد الناصر بحذر نسبي، إذ أمر برفع درجة الاستعداد للطوارئ، وبنقل خمس فرق تدريجاً إلى سيناء وفق خطة قاهر الدفاعية، وبطلب إعادة انتشار البوليس الدولي ليتجمع في قطاع غزة وشرم الشيخ، وليخلي خط الحدود من العريش إلى إيلات. كان المراد إخراج قطاع غزة من نطاق التهديد في حال نشوب عمليات عسكرية، وإبقاء وضع خليج العقبة على حاله دون المساس راهناً بالملاحة الإسرائيلية. كان هذا القرار على قدر من التذاكي والسذاجة في حين واحد، بما ثبت من رفض يوثانت سكرتير الأمم المتحدة لهذا الطلب وتخييره لعبد الناصر بأحد أمرين: إما القبول بالوجود والانتشار الراهن للبوليس الدولي، أو إجلاؤه بالكامل عن سيناء وغزة وبما يعنيه ذلك من إحراج لمصر، وفرض خيار إغلاق الخليج عليه.
أتى رد يوثانت في 18 مايو، وما كان على عبد الناصر إلا أن يأمر بإجلاء البوليس الدولي كله.
السؤال المثار هنا: ألم يكن رد يوثانت كفيلاً بفتح الأعين على إمكانية فخ منصوب؟ ما الذي حدا بعبد الناصر إلى أن يواصل المسير إلى نقطة أبعد؟ هل كان محتماً إغلاق الخليج حينها حتى لو خلت شرم الشيخ من البوليس الدولي؟
لنا أن نذكر أن تقدير عبد الناصر لاحتمال الحرب يوم حشد قواته في 14 مايو كان 20% ثم ارتفع إلى 50% يوم 18 مايو عندما سحب البوليس الدولي.
الأهم هو أن إسرائيل وأميركا كانتا تريدان الحرب، وبالتالي فهما كانتا ستتفنّنان بإيجاد المعاذير لذلك حتى لو بقي خليج العقبة مفتوحاً، وبالتالي فظنّي أن الرجل قدّر هذه العوامل مجتمعة واقتنع بأن المضيّ قدماً يفوق في مزاياه الجمود عند نقطة سابقة.
فحركته في كلا الحالتين كانت أساساً محكومة بثقته في قدرة قواته على إدارة معركة دفاعية بنجاح معقول في سيناء... وهنا مربط الفرس.
هل كان الأفضل أن يقف عند 18 مايو باحتمالاته البين بين أم أن يواصل؟
في تقديري أن وقوفه كان الأجدى، ولكان استطاع بما له من قدرة على إقناع الجماهير بالحفاظ على مكتسباته وتبرير خطواته المتحركة منها والساكنة، واستيعاب أيّ استفزازات مقبلة... أرجّح ذلك.
هنا نعود إلى 14 مايو لنقول إن الفريق أول محمد فوزي رئيس أركان الحرب أوفد إلى دمشق ليجد السوريين قلقين من تحرك عبد الناصر عندما جد الجد، وهم يحلفون على الكتب السماوية أنه لا حشود هناك ولا من يحزنون. هل أثّر ذلك في قرار عبد الناصر يومها؟ مطلقاً... والسبب هو أن حركته ـــ بالحشود أو بدونها ـــ كانت استباقية لما استشعره من تآمر أميركي إسرائيلي عليه، ولأن مواجهة محسوبة مع الاثنين أمر آن أوانه، حتى إن كان يضمر وقتاً آخر للمعركة وهو عام 69 ـــ 70.
السبب الرئيسي وراء قرار المواجهة هو قناعته منذ أوائل 66 أن إسرائيل أوشكت أن تتم بناء قنبلتها النووية الأولى، وأن تحريكاً عنيفاً للوضع في المنطقة كفيل بفتح ملفها من جديد وفق قواعد لعبة جديدة يكون فيها أهم المتحكمين.
وعلماً بأن رغبته كانت تقتصر على الحشد وبنسبة احتمال حرب لا تتجاوز 20%، فهو كان قابلاً لاحتمال كهذا، حتى عندما تطورت النسبة تصاعداً إلى 50% كان ذلك في نطاق الاحتمال. الآن ما الذي قاده إلى قبول ارتفاع النسبة إلى 80% بإغلاق خليج العقبة؟ هنا نصل إلى العامل الحاسم.
كانت القيادة العسكرية المصرية ممثلة بالمشير عبد الحكيم عامر تدفع بقوة في اتجاه التصعيد مع إسرائيل. كان العسكر يعرفون أن فرقتين لهم بعيدتين عن مسرح العمليات المقبل، ومع ذلك فهم كانوا راغبين في مواجهة فعلية، وليس مجرد حشد واستعراض، ودليل ذلك عمليتا فهد وأسد اللتان خطط لهما المشير عامر للانطلاق يوم 27 مايو بغرض احتلال إيلات والعوجة.
كان المشير يصدق أنه قادر على المواجهة وبجدارة، في سياق سعيه لتعزيز أوراقه في صراعه المفتوح والصامت مع عبد الناصر.
لنا أن نتصور أداءً عسكرياً ناجحاً في سيناء وما يرتبه ذلك من تعزيز حاسم لوضع المشير، حتى لو تزاوج بارتفاع أكبر لقامة عبد الناصر. كان المشير يظن أيضاً أن حرباً في سيناء هي الوحيدة الكفيلة بإغلاق ملف حرب اليمن... وبانتصار.
المشهد يوم 21 مايو في منزل عبد الناصر: التأم عقد اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي ليلتها، وكان البند الوحيد على جدول الأعمال هو إغلاق / عدم إغلاق خليج العقبة.
كان الحشد في سيناء قد اكتمل يوم 20 مايو، وعاد المشير من سيناء بعد أن أقال العديد من قادة الفرق والألوية لفشلهم في إتمام مهمات الحشود على الوجه المطلوب واستبدلهم بآخرين ثبت بعدها أن جلّهم لم يكن حالهم بأفضل.
بدأ عبد الناصر بالكلام، محدداً محور الحديث في نقطة واحدة: نغلق الخليج إذا كانت القوات المسلحة قادرة على خوض معركة دفاعية في سيناء بنجاح، ونمتنع عن إغلاقه إذا صارحتنا بعدم قدرتها في الوقت الراهن. كان رد المشير فورياً وجاهزاً: نحن جاهزون... فلنغلق الخليج.
لماذا كان التوقيت لهذا القرار مساء 21 مايو؟ لسببين: عودة المشير من سيناء بعد إتمام الحشد، ووصول يوثانت في اليوم التالي في جهد وساطة كان عبد الناصر يشعر أنه يكون أقوى في التعامل معها لو تمت وإغلاق الخليج قد سبقها.
كيف كان تصوّر عبد الناصر لشكل المعركة التي ارتفعت احتمالاتها إلى 80%؟
بتوقي الضربة الإسرائيلية البادئة، ثم إدارة معركة دفاعية على الأنساق الثلاثة وصولاً إلى المضائق وتدمير قوات الهجوم الإسرائيلي، وإجبارها على الانسحاب، بعد أن يفتح ملف الوضع الإسرائيلي في المنطقة على مصراعيه وبما يشمله من حقوق شعب فلسطين المجسدة في قرارات الأمم المتحدة 181 و194.
كان تصوره أن الجيش السوري ـــ على ضعفه ـــ كفيل بالاحتفاظ بهضبة الجولان دفاعاً، وأن إسرائيل ستتورع عن غزو الضفة الغربية واحتلالها لما يحيقه ذلك من أخطار على وجود نظامها الحليف في عمان، وأنه حتى لو راودت إسرائيل فكرة احتلال الضفة فإن النجاح النسبي في سيناء والثبات في الجولان سيرغمها على الانسحاب من الضفة لاحقاً.
ضمن هذا التصور أمر عبد الناصر القيادة العسكرية بتعديل خطة قاهر لتكفل حماية قطاع غزة من الاجتياح، وبنشر قوات في شرم الشيخ تمنع الملاحة الإسرائيلية في الخليج.
كيف اقتنع عبد الناصر بتأكيدات المشير عامر حول جاهزية القوات المسلحة؟
ذلك لأنه كان معزولاً تماماً عن مجريات الأوضاع الحقيقية في القوات المسلحة منذ الانفصال السوري، ولأنه يعلم حجم التسليح الذي ابتاعه من السوفيات، وحجم البعثات التي أوفدت إلى فرونزي للتعلم والتدريب، ولم يكن يخطر في باله أن هشاشة الوضع بلغت مبلغاً يفوق التصور.
أيبرر هذا له تلك الخطيئة؟ على العكس، فالمسؤول الأول عن هزيمة 67 وبالتحديد لجهة هولها وجسامتها (غير المبررة) هو عبد الناصر، والسبب الأوحد هو إبقاؤه عبد الحكيم عامر على رأس القيادة العسكرية... مهما كانت مخاطر التغيير.
مثال واحد وساطع على العزلة المشار إليها كان أنه علم من السوفيات فجر يوم 27 مايو برسالة جونسون التي تحذر مصر من المضيّ قدماً في خطتي فهد وأسد المقرر انطلاقهما في ذلك اليوم، وهو كان آخر العارفين. عندها أمر المشير تلفونياً بالتوقف على الفور، ثم دعا القادة العسكريين إلى اجتماع في اليوم التالي 28 مايو، يلزمهم فيه بتجنب أية حماقات، وبأن ينتظروا الخطوة الأولى من إسرائيل.
أكثر من ذلك، عاد إليهم في 2 يونيو، وبعد تعيين موشي دايان وزيراً للدفاع يوم 1 يونيو، ليقول إن الضربة آتية خلال يومين أو ثلاثة، بل الأرجح الإثنين 5 يونيو موعداً لها، وطالبهم بالتيقظ والاستعداد.
كانت توقعات عبد الناصر في معظمها صائبة، والاستثناء الوحيد كان رد يوثانت يوم 18 مايو. أما قراراته فكانت في معظمها خاطئة، وبالأخص منها قرار 21 مايو.
بالمقابل، ماذا كان يمكنه أن يفعل وهو يسمع رابين يهدد بالوصول إلى دمشق يوم 11 مايو؟ الحشد في سيناء، وبدون سحب (أو إعادة انتشار) للبوليس الدولي ـــ وكما فعل بنجاح في يناير 60 ـــ ثم الدعوة إلى مؤتمر خماسي يلزم فيه السوريين بقبول تواجد عسكري عراقي ـــ جزائري عندهم، ثم مكاشفة الأمة العربية بأن البوليس الدولي وخليج العقبة مسألتان لهما وقتهما، وهو الذي يحدده وفق المصلحة العليا، ثم إجبار السوريين على وقف العمل الفدائي، ثم تسعير العمليات السرية في الخليج وليبيا، ثم المضي قدماً وبعد وقت قصير في إزالة... عبد الحكيم عامر.
* كاتب عربي مقيم في أميركا