٢٥ أيّار: تاريخ إن حكىعلي محمد محيدلة

يقترن مفهوم المقاومة، على مرّ التاريخ، بالاحتلال وإن تغيرت أشكاله: حملات، استعمار، انتداب أو كما الفترة الأخيرة «محاربة الإرهاب ونشر الديموقراطية». تولى جورج بوش إتمام المهمة، وكان برنامج عمله في الشرق الأوسط مبنياً على النقاط الآتية: السيطرة على النفط، حماية إسرائيل، محاربة الأصولية الإسلامية وبسط الديموقراطية، بالإضافة إلى الخبايا الأيديولوجية الدينية. إن حركات المقاومة هي حركات تحررية عكس الدكتاتورية التي بخلع رأس الهرم تتداعى بنية الحكم فيها. فالمقاومة متجذّرة في الشعب والتراب: خطف الإمام موسى الصدر فأكمل المسيرة دولة الرئيس نبيه بري. اغتالوا السيد عباس الموسوي فاستمر السيد حسن نصر الله في نهج المقاومة، فكان قطف الثمار عام ٢٠٠٠، ثم تلقين الآلة الحربية الإسرائيلية درساً عام ٢٠٠٦ أدخل في المناهج العلمية في الكليات العسكرية في أكثر من دولة. فالمقاومة ليست عتاداً ومقاتلين، بل ثقافة وخيار وإيمان بالقضية. فلا مناص من إبقاء العراق موحّداً، واسترجاع فلسطين إلا بمتابعة مسيرة المقاومة، التي خطّها المقاومون بدمائهم الطاهرة. عندها سيعود المهجّرون إلى العراق وسيعود حنظلة إلى دياره. المقاومة اللبنانية أعطت الأمثولة: الجنوب قال كلمته، والآتي أعظم!


إنه الحلم العربي
فايز فارس


مضى زمن طويل مديد، لم أشعر فيه بفرح كالذي شعرت به عندما رأيت بعينيّ اللتين ما زالتا مضاءتان، وسمعت بأذنيّ اللتين ما زالتا تعملان، أن حاكم دبي رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن راشد آل مكتوم يعلن من «منتدى البحر الميت» وبالفم الملآن، أنه قرّر، من دون مقدمات وطبل وزمر، تخصيص مبلغ عشرة مليارات من الدولارات الأميركية (نعم! عشرة مليارات) من أجل نشر المعرفة في عالمنا العربي ومحيطه الإسلامي. هذا حدث يستحق أن نتوقف عنده، ونلملم أنفاسنا وقوانا أو ما بقي منها، ونتأمل فيه ونصلي عليه ولأجله.
أنا المتعطش دوماً إلى المعرفة أبحث عنها لأشتريها وأهديها إلى المحب وغير المحب. فأفرح بخفرٍ مطلع كل شهر، عندما أشتري بألفي ليرة لبنانية فقط لا غير، نسخة أو نسختين من كتاب جديد من سلسلة «عالم المعرفة» التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت. كذلك هو فرحي عندما أحصل مجاناً على كتاب عند شرائي لجريدة السفير ولو مرّة واحدة في الشهر. فرحي هذا هو في الحقيقة فرح الآخرين، رأيته مرات عدّة يرتسم على وجوه أناس أكثر عطشاً مني بكثير إلى المعرفة وأكثر رغبة مني في اقتناء الكتب وحفظها والعودة إليها في كل مرة نشعر فيها بأننا بحاجة إلى جليس أنيس.
نشر المعرفة عنوان كبير سيتفوّق على كل العناوين، وأنشودة سترقص على ألحانها عظام أدبائنا وعلمائنا ومؤرخينا الذين رحلوا إلى دنيا الخلود وتنبض على إيقاعها قلوب الأحياء منهم. نشر المعرفة يعني أولاً العمل على تعميم تعاليم الإسلام الحقّ، دين العدالة والمساواة والرحمة والتسامح، والانفتاح على الحضارات والثقافات عامةً. نشر المعرفة يعني أننا سنشهد إطلاق ورشة مستدامة يشارك فيها جيش من المترجمين الذين سينكبون على نقل ما تيسر من المؤلفات العلمية والأدبية والفنية العالمية إلى اللغة العربية ووضعها في متناول القارئ العربي ممهورة «بسعر الكلفة»، بعد أن تكون قد وُزِّعَت مهداة على المكتبات العامة في المدن والقرى. نشر المعرفة يعني تشجيع المواطن العربي على البحث العلمي والكتابة والتأليف في كل الميادين، وتعهد نشر أعماله. نشر المعرفة يعني توفير الكتاب المدرسي المجاني لكل طالب علم محتاج. نشر المعرفة يعني أيضاً دعم إنشاء فرق مسرحية وتمويل إنتاج أعمال سينمائية راقية وتحفيز المواطن العربي على تعلم العزف على آلة موسيقية وإطلاق فرق إنشاد جماعي في كل مدينة وقرية...
إنه «الحلم العربي» الذي أنشدته منذ سنوات مجموعة من الفنانين العرب مع بداية الحرب الأميركية على العراق!! في الانتظار.. تحية إكبار إلى الأمير المغوار في حربه على الجهل والتخلف. وأهلاً بكل الملوك والأمراء يطلقون مثل هذه المبادرات.