لو أنتصر هتلر!علي حمية

«ثعلب الصحراء» فيلم ألماني وثائقي جديد عن الحملة العسكرية الألمانية في شمال أفريقيا، إبان الحرب العالمية الثانية، يكشف النقاب لأول مرة عن أن تلك الحملة التي قادها المارشال رومل كانت متصلة بما يسمى «المحرقة اليهودية». واستند الفيلم في فكرته هذه إلى الأبحاث الأخيرة التي أجراها مؤرخان ألمانيان من مدينة شتوتغارت، زعما فيها أن أدولف هتلر، زعيم الرايخ الثالث، وضع خططاً وأهدافاً محددة لتلك الحملة، يأتي في طليعتها احتلال منابع النفط وتوسيع «المحرقة اليهودية» التي كان قد بدأها في أوروبا لتشمل يهود الشرق الأوسط أيضاً، وأن رومل كان مكلفاً إنجاز هذه المهمة، وخصوصاً في فلسطين حيث كان اليهود قد بدأوا في استيطانها تحت حماية الحراب البريطانية،
على الرغم من أن عدداً كبيراً من البحوث العلمية والتاريخية التي أجراها عدد كبير من العلماء والمؤرخين الغربيين المحايدين الذين ينضوون تحت اسم «مدرسة المراجعة التاريخية» (Le Revision misme) أثبت، بالوقائع والوثائق والبيّنات، استحالة حصول المحرقة المزعومة، أو على أبعد تقدير، استحالة وقوع هذا العدد من الضحايا الذي قدّر بحوالى ستة ملايين يهودي، فإن المحاولات تستمر حثيثة لالتقاط أي إشارة أو دليل ـــــ مهما كان بسيطاً ـــــ لإثبات هذه الأسطورة، بل هذه الخديعة التي لم يضاهها في الخداع إلا «وعد بلفور» الذي حيك خلسة عن أهل البلاد الذين كانوا يقاتلون إلى جانب الحلفاء، إبان الحرب العالمية الأولى، مطمئنين إلى وعد هؤلاء لهم بالتحرر والاستقلال والسيادة القومية بعد انتزاع بلادهم من تركيا. إن الفيلم الألماني الجديد يأتي في وقت تتصاعد فيه موجة التشكيك بالمحرقة، وترتفع أصوات غربية مرموقة ـــــ أوروبية تحديداً ـــــ محذرة الدول الغربية من التمادي في استغلال هذه الخديعة ذريعة لإبقاء السيف مصلتاً على شعوب منطقة الشرق الأوسط التي تعارض الهيمنة الأميركية وتقاوم مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين، رافضة التسليم به. يأتي الفيلم ليردّ على المشككين بالمحرقة وليقول إن «الوطنيين العرب» ـــــ على ما جاء في مجلة «دير شبيغل» الألمانية أيضاً ـــــ تعاونوا مع هتلر إبان الحرب لاستئصال اليهود الذين هاجروا إلى المنطقة منذ نهاية القرن التاسع عشر، وكأن الفيلم يحمِّل العرب جزءاً من المسؤولية المادية عن المحرقة، مع أن العالم العربي، في تلك المرحلة، كان مستعمراً من الدول الأوروبية العظمى، ولم يكن إلا مسرحاً للعمليات الحربية التي كانت تجري بين دول المحور ودول الحلفاء، منفعلاً بالأحداث الجارية فوق أراضيه لا فاعلاً فيها!
مع هذا، يطرح سؤال كبيرة: ماذا لو انتصر هتلر في الحرب؟ هل كان سيؤدي انتصاره إلى وأد المشروع الصهيوني في مهده؟ ربما نعم! على الأقل، هذا ما كانت توحي به الدعاية الألمانية الموجهة إلى العرب، وما كانت تبشر به السياسة الألمانية آنذاك، الأمر الذي يفسر ذلك التحالف الكبير الذي قام في مواجهة ألمانيا النازية والذي أدى، في نهاية المطاف، إلى استسلام ألمانيا وقيام دولة «إسرائيل» فوق أرض فلسطين.


بلد المفاجآت
رشا شوقي المستراح


هنيئاً لك يا لبناني، فأنت تعيش في بلد المفاجآت، لكم من مرة نتمنى الحصول على مفاجأة وحتى إننا قد نسعى لتدبير واحدة لأنفسنا بالتلميح الى أحدهم علّنا نمنح فرصة وفرحة الشعور بها.
لكن نحن اللبنانيين لم نعد بحاجة إلى تدبيرها، إذ إن العيش في لبنان يمنحنا الكثير منها حتى من الممكن أن تتراكم وننال العديد منها في اليوم الواحد. كم من مرة فوجئنا أثناء صعودنا في المصعد الكهربائي بانقطاع التيار الكهربائي في غير ميعاده مع أنه «بعدو جايِّ».
وكم من مرة فوجئنا بأن الطريق الى عملنا أو منزلنا مقفل بسبب إشكال أمني ونفكر في طريق آخر للوصول، ونكون سعيدي الحظ إن لم نُفاجأ برصاصة تكاد تودي بحياتنا. كم من مرة فوجئنا بحفرة في وسط الطريق مع أنها لم تكن موجودة منذ ساعات قليلة، ولكن سنُفاجأ أكثر إن أُعيدَ إغلاقها. حتى إن وطننا لبنان يعدّ لنا المفاجآت الكبرى والحارة ولو في عز الصيف، ألم نُفاجأ جميعاً بالحرب التي شنّتها اسرائيل، وألا نُفاجأ بالمستوى الخطابي المتدنّي الذي انحدر إليه سياسيّو لبنان وتبدّلت مواقفهم من النقيض الى النقيض. لبنان الذي يعِدّ لنا دوماً المفاجآت عساه أن يفاجئنا بما هو جميل كالوفاق الوطني الحقيقي، وألا يفاجئنا بحرب أهلية مع أن حدوثها سيكون من المفاجآت المدبّرة بفعل فاعل والمهيّأة وسائلها، وخاصة في ظل ما نشهده من أحداث في الشمال وفي ظل الانفجارات المتتالية، والله أعلم...