الحق على المعارضةعباس المعلم

نزلوا الى الساحات باحتشاد لم تشهده المنطقة بأسرها، أكثر من مليوني متظاهر نزلوا مرتين في أقل من عشرة ايام في سابقة لا مثيل لها، لو فعلها الهنود الحمر لاستعادوا اميركا من جديد، ولو فعلها المصريون لعاد عبد الناصر وعادت مصر الى موقعها القيادي، ولو حصلت في الاردن لكان ألغي الحكم الملكي، ولو حصلت في فلسطين كنا رأينا نهاية ابدية للكيان الصهيوني. اما في لبنان فمسكينة المعارضة التي تملك جمهوراً لم تملكه اي معارضة في العالم، او بمعنى اصح اخطأت وعليها ان تدفع الثمن، لأنها لو كانت تريد الثلث الضامن المشارك لما نزلت الى الشارع بل كان بإمكانها اخذه بالسياسة، مكتفية باستقالة الوزراء وتعطيل عمل المجلس النيابي وعدم اعتراف رئيس الجمهورية بالحكومة. كانت ستنال مرادها في اقل من ثلاثة اسابيع في اقصى تقدير.
اما وقد نزلت الى الشارع وملأت الساحات وأقامت الاعتصامات اليومية وعلى مدى اكثر من أربعة أشهر ولم يتبدل زخم هذه الاعتصامات، فضلاً عن قيامها بتظاهرات متنقلة في كل المناطق، واستطاعت أن تقفل البلاد في يوم واحد من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، ولا ننسى الشهداء الذين سقطوا في تحركات المعارضة، وهذا اعظم واكبر من التحركات الشعبية، وهنا يكمن الخطأ، فالمعارضة اخطأت لأن مطالبها اصغر بكثير من حجمها وحجم تحركها، ولو اردنا أن نضع مقياساً لحجم تحركها على مختلف الصعد لكان بكل وضوح من حق هذه القوى أن تغير نظام الحكم والدولة في لبنان رأساً على عقب وفق المفهوم الديموقراطي الصحيح. وها نسأل: لو طالبت قوى المعارضة منذ اليوم الاول بانتخابات نيابية مبكرة وحكومة وحدة تمثل فيها وفق نسبة تمثيلها في المجلس النيابي اي خمس وأربعين بالمئة، وهو ما يعادل 14 وزيراً في حكومة ثلاثينية، لكان اصبح مطلب الثلث الضامن 19 + 12 من اولويات قوى السلطة وكانت ستتمسك به بقوة وتضع له الفبركة اللازمة وتؤمن له التشريعات الدستورية والقانونية.
لتبسيط الامور وعدم اللف والدوران حول ما ينتظر من حلول، على المعارضة ان تكون حازمة اليوم وتتمسك بالحد الادنى، بصيغة 19 ـــ 11 وبانتخابات نيابية مبكرة وألاّ تكتفي بقانون انتخابي، واي شيء غير ذلك سيبقي الوضع على ما هو عليه في يد الفرقة الحاكمة.



صراع الديكة
روز زيادة

نحن يا سادة قد ضقنا ذرعاً بتصريحاتكم، وبالجو المتشنّج الذي توجدونه بين أبناء البلد الواحد. ونرى عجباً ما تبغونه (هذه كلمة ملائمة أكثر من نعيشه)، ما الذي تبغونه من مقاتلة الشباب بعضهم لبعض وكلٌ منهم يظن بأنه يدافع عن أحدكم. هل أنتم من هواة التفرج على صراع الديكة؟ هل من يؤمنون بمعتقداتكم ويخلصون لها هم أنفسهم وقود لأي نار تتآكل صدوركم وأفكاركم وأطماعكم؟ تريدون مبارزة بعضكم بعضاً مع فارق النيات والمقاصد، فلا ضير لدينا، ولكن لا تتلطّوا وراء أبنائنا. لا تغسلوا أدمغتهم ليكونوا الكتف التي تدوسونها لترتفعوا.
«مغارة علي بابا»، والقيّمون الحديثو العهد عليها مستميتون للاحتفاظ بها ويعتبرون أنها ملك خاص لهم. والآخرون أعداء لا يسلّمونهم الأمانة، ويهوّلون على الناس بأنهم لن يسلّموا البلد، أي بلد! ولمن؟ «مغارة علي بابا» تلك، هل هي أكثر من مورد لإشباع جشعكم وجشع من يحيطونكم؟ نحن الشعب الذي لا يتقوقع في انتماء طائفي ولا يغريه حزب ولا يصفّق لأيٍ كان. نحن الشعب الذي لا يطلب سوى العيش بكرامة وبعيداً جداً من كل ما له صلة بكم. لا نجد أداءكم في الحكم مثلما هو الآن سر أعمق من كونه مورداً. أما البقية فهي البغضاء التي تكنّونها بعضكم لبعض، ولنا بالتأكيد البغضاء المركّبة من عوامل كثيرة، وهي وحدها ملككم تنشرونها على اتساع الوطن بواسطة محازبيكم، ووسائل إعلامكم، والبرامج التي لا تخلو من التهكّم، والكلام المبتذل. لا تمارسوا الطوباوية، ولكن حتى المذنب، وذنبه ثابت، واجب علينا ان نحترم الإنسان فيه، فالإنسان الله وحده يخلقه. وهذه الأحقاد وحدها تؤلف أسراركم. وأفاعي الجحيم هي حارسها.