إلى الراحل الدكتور محسن الخنساءمحمد قانصو

كلماتي تقطر حزناً.. يعتصرها ألم كبير..
كأنها سفينة كسرت أشرعتها عاصفة هوجاء..
ها آنذا أمام قبرك. أقرأ فاتحة الكتاب..
أي قبر هذا الذي أزور؟
فيه جزء مني، من تاريخ ناسي وأحبّتي..
فيه الطبيب الإنسان، والإنسان الإنسان، طبيب الفقراء.. مات
ابتعد العمر عنه.. خطفته يد الأقدار إلى عالم آخر.. أسأل نفسي:
هل من فقراء يحتاجون إليه هناك؟!
تلك المناديل التي لوّحت له..
تلك العيون التي ودّعته بدمع فضّي يشوبه بعض احمرار..
لا شيء أمامي سوى القبر والتراب. كل من ودّعه..
كل من أحبّه من التراب أتى وإليه سوف يعود..
أيها العمر الراحل تمهّل قليلاً فلديّ بعض من كلمات أنثرها حزناً عليه، وبعض من باقات شكر وورود..
وأشارك الكثير من أحبّتِه البكاء..
ما من طبيب أحبّه الناس هنا كما أحبوا محسن الخنسا.
كان مدرسة أخلاقية عالية..
قيمة إنسانية نبيلة.. أريحية نبل.. شفافية محبة..
سألت عنه فرأيته في عيون الكثيرين.. تتلألأ صورته في حبات الدموع،
لكني لم أجده، لم يبق لنا غير القبر المتوّج بالأكاليل والمرطّب بالدموع.
أصبح شاهد القبر صديق الكثيرين ممن أحبوه..
لرحيله وقع الفاجعة
كسنبلة خير حصدها منجل الموت قبل أن تعطي كل حبّاتها.
كياسمينة اقتلعتها الريح قبل أن تنثر عطر محبتها بكامله..
لو أن لي أن أكسر كل الأقلام لفعلت..
لأنها عاجزة عن ترجمة هذا الحزن العظيم..
لكني لا أملك إلا بعضاً من كلمات..
أنثرها أمام القبر وأنشر عليها حزني ودمعي..
أمام قبرك يا صديقي أنحني، ولمشيئة الله أسلّم أمري،
وبرصيدك الإنساني الكبير أعزّي نفسي، وعزائي فيك قول الشاعر:
تلك آباؤنا وذاك تراث المجد منهم باقٍ إلى الأبناء
شرف في سماحة. ذكاء في وقار. وقدرة في وفاء.


إقالة الحكومة
وسام اللحام

لم يسبق في تاريخ لبنان، حتى في زمن الانتداب، أن انتهكت حكومة ما الدستور بالشكل السافر الذي تفعله حكومة الأكثرية المزعومة. فهذه السلطة مزّقت بتصرفاتها الميثاق الوطني، وباتت تعتقد ان النظام في لبنان هو مثل النظام القائم في الدول الغربية حيث الأكثرية تحكم وحدها. وعلى هذا الأساس تقوم هذه الأكثرية بالتصرف مع رئيس الجمهورية كأنه ملكة بريطانيا، ومع رئيس مجلس النواب كأنه مجرد عضو تابع للحزب الحاكم. ومن نكد الزمن، أن بعض الذين يدّعون تمثيل الشارع المسيحي والمدافعة عن مصالحه، يقومون بتهميش رئاسة الجمهورية وإفراغها مما بقي لها من صلاحيات. فليتصفّح هؤلاء الجريدة الرسمية، وليروا كل هذه القوانين والمراسيم الصادرة من دون توقيع رئيس الجمهورية، وليعلموا ان هذا الأمر لن يقتصر على الرئيس الحالي بل هو سيتعداه الى الرؤساء اللاحقين إذا ما استمرت هذه الأكثرية بعقلية الهيمنة والتسلّط.
ان هذه الحكومة تجاوزت كل الخطوط الحمر، ولذلك يحق لرئيس الجمهورية أن يصدر مرسوماً بإقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، وذلك ليس تطبيقاً للمادة 69 من الدستور التي تحدد الحالات الحصرية التي تعتبر فيها الحكومة بحكم المستقيلة، لأن هذه المادة لا تنطبق إلا على الحكومات الشرعية التي لا تخالف ميثاق العيش المشترك، أما شبه الحكومة القابعة حالياً في السرايات والقصور، فهي تفتقر الى المشروعية الميثاقية ويجب اعتبارها منعدمة الوجود.