من ثورة الأرز، إلى حطب الثورة
  • المحامي الياس نهرا

    السؤال الذي يفرض نفسه على متتبّعي الأحداث في لبنان، من دون تفسير منطقي، كيف وصلت ثورة الأرز التي أنتجت الحلف الرباعي وقانون الـ2000 ومن ثم حكومة الرئيس السنيورة بشكلها وألوانها السياسية، إلى ما هي عليه الآن؟ والأهم من هذا التساؤل رؤيتنا للمسار الانحداري السريع في شعبية هذه الحكومة التي انطلقت بأغلبية تلامس ثلثي اللبنانيين، فبعد قرابة سنتين من عمرها أضحت عاجزة عن إيصال مرشح الى مجلس نقابة المهندسين في بيروت، يا ترى كيف سيكمل هذا الحكم مساره؟ مع من؟ والى أين؟ وخاصة بعد رؤيتنا حلفاء الأمس ينتقلون رويداً رويداً الى المعارضة، لكن عن قناعة أكيدة، بسبب تنامي روح الأنانية المفرطة لدى المستأثرين بالحكم عن عبث عقيم. والى متى ستبقى هذه الحكومة ذات الشعبية الهزيلة جاثمة على صدر اللبنانيين كمرضٍ يُخشى استئصاله خوفاً على الوطن؟
    انطلاقاً من هذا الواقع الذي يرزح تحته اللبنانيون، يبدو أن مصيرهم في وطنهم بات مرتبطاً بمصير ثورة الأرز التي خطفها منهم المجتمع الدولي بقيادة الرئيس جورج بوش وجعلها رهينة كُتب لها أن تشكّل الحد القاتل لحياته السياسية، فإذا خسرها فشل على كل مساحة الشرق الأوسط، وذلك بعد الفشل الكبير الذي منيت به سياسته في العراق وبعد ترتيب البيت الفلسطيني من دون رأيه وحتى علمه. ومع ذلك، هل بدأ أركان ثورة الأرز يشعرون كم هم مسلوبو الإرادة ومأسورو المصير في لعبة الأمم، وقد كتب لثورتهم أن تبقى نارها مستعرة كي لا يخفت بريق جورج بوش؟ وهل يعلمون أن الثورة كالنار، إن لم تجد ما تأكله تأكل نفسها، ولكن ما يحصل في حالتنا أنها تحرق وتشوي معها اللبنانيين من دون تمييز بين معارضة وموالاة، ولأهداف محض خارجية لا تعنيهم ولا تعني مستقبلهم أو وطنهم.
    والأخطر مما تقدم أن ثورة الأرز تحتضر، والتنين متأهّب، والمقصلة تنتظر، والضحية ترصد، كمحاولة يائسة لإشعال نار قبل أن يتحول الجمر الى رماد.




    عفواً شهداءنا الأبرار

  • حياة الحريري

    في الذكرى السنوية الحادية عشرة لمجزرة قانا الأولى في 18 نيسان 1996 يحتاج الإنسان منا إلى أن يقف مع نفسه قليلاً لعله يستطيع أن يلملم بعضاً من هويته الضائعة التي تشهد تخبّطاً في القيم والمبادىء والثوابت الوطنية التي أضحت تهمة في يومنا هذا.
    فلعل في الذكرى ما يجعل اللبنانيين يستفيقون من سباتهم العميق ويتنبّهون إلى ما يُحاك ضد وطنهم بشعارات جميلة ولكن مزيفة دغدغت مشاعرهم فأعمتهم عن الحقيقة... إذ إن قسماً كبيراً منهم يرى في المقاومة امتداداً للمشروع الإيراني ــ السوري وتهديداً للاستقلال والوحدة الوطنية والسلم الأهلي الذي يقف على شفير الهاوية... بينما لا ينفكون يطلبون «المساعدة» من الولايات المتحدة الأميركية التي تنبهت بعد إخفاق مشروعها في العراق إلى بلد صغير يدعى لبنان نصف شعبها يجهل وجوده حتى اليوم.
    وبدل أن نحيي هذه الذكرى التي لن يكترث لها أحد في هذا الزمن الرديء بالتحيات والاحتفالات، ينبغي أن نقدم الاعتذار لأبطال المقاومة وشهدائها الذين كانوا بالأمس معنا على مقاعد الدراسة الجامعية لأنهم قدموا حياتهم وشبابهم في سبيل وطن يعتبر فيه عدد من القادة أن المقاومة أصبحت عبئاً عليهم وأن عليها أن تسلم سلاحها في وقت لا تزال فيه إسرائيل تنتهك بفجور سماء وطننا ومياهه في ظل وجود القوات الدولية، وفي وقت لا تزال فيه أميركا ترفض أن تسلح الجيش اللبناني كي لا تساوي قوته قوة الجيش الإسرائيلي الذي تمدّه بالأسلحة المتطورة ليقتلنا!
    وأخيراً، بدل أن يجتمع اللبنانيون الغافلون مع هؤلاء القادة لإبرام الصفقات ضد المقاومة، فإنه يجدر بهم أن يتمثلوا بالدول الغربية «الصديقة» الساهرة على أمننا واستقلالنا في احتفالها منذ مئات السنين حتى اليوم بمقاومتها عندما كانت تحت الاحتلال وتقديرها لها بالنصب التذكارية التي تضعها في ساحاتها!