سمير سليمان *
في عددها الصادر بتاريخ 12 آذار 2007 نشرت جريدة «الأخبار» اللبنانية مقابلة مع رئيس قسم الثقافة فليمنغ روز في صحيفة «يولاند بوستن» الدنمركية التي نشرت في أواخر أيلول 2005 الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد (ص) فأثارت عاصفة من الاحتجاجات والسجالات التي، وإنْ كان أكثر المسلمين في شتى الأصقاع قد نسوها، كثير من نخب الغرب لما تنسها بعد، وهي تستذكرها في كل مناسبة يُبحث فيها أو يناقش شأن حضاري اسلامي أو مسألة علائقية على صلة بالثنائية الجدلية والتاريخية: العالم الإسلامي/العالم الغربي. وفي ما يلي قراءة نقدية لمجمل ما تضمّنته هذه المقابلة والإشكاليات الناتجة منها لناحية العلاقة بين الإسلام والغرب:
يتمسّك فليمنغ روز صاحب فكرة الرسوم الكاريكاتورية في مقابلته مع جريدة الأخبار اللبنانية من جديد بالرؤى والمواقف والمرافعات المكرورة عينها التي صدرت إبان أزمة الرسوم ثم تلتها في مناسبات أخرى. وكأن لا هوة علائقية بين العالمين قد غارت واتسعت وأمست تهدد مبدأ المشاركة والتواطن بين البشر في هذا العالم، ولا فضاء احتقانياً استُعمر وعُبِّئ بمؤجِّجات التناحر والصدام الحضاري، ولا صورة نمطية للآخر قد استُنزلت وتردت لتُناظِر حدودَ مساواته بالتوحش والبربرية، ولا محاولات للتقريب والتقارب عقمت الى درجة بتنا فيها كمن يدق الهواء والماء. أما الاحتدام السياسي فقد انفلت الى حروب كولونيالية وعدوانية مكشوفة بحجج وذرائع كخيط العنكبوت هي.
أهمية مقابلة فليمنغ روز، وهو مثقف معروف في بلاده، لا تتعلق بالرجل بل بها نفسها، لكونها تشكل من جَانِبٍ مناسبةً لمراجعة ظاهرة الرسوم الكاريكاتورية الدنمركية والاستعبار بها بما أثارته بين مسلمي العالم من ردات فعل متفاوتة ومتنوعة، بعضها كان درامياً ومسيئاً للإسلام وللمسلمين أنفسهم، وبما أثارته أيضاً من سجالات فكرية وسياسية وإعلامية لم يخل منها مكان، ناهيك بالتداعيات والارتدادات التي نتجت منها ولا تزال، وما استدعته من مفاعيل رجعية أعادت إلى واجهة الصراع الدولي المحتدم بدايات تاريخ العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم الغربي بإيجابياته وسلبياته (وما أكثرها!).
أما من جانب آخر، فتشكل مقابلة فليمنغ روز تكثيفاً مشهدياً لنظرة شريحة كبرى من مثقفي الغرب الى الإسلام والمسلمين، من خلال «موديل» أو نموذج خطابهم وموقفهم من الرسوم الكاريكاتورية، وبعض هؤلاء ــ ومنهم فليمنغ روز نفسه ــ زاروا بعض بلدان العالم الإسلامي والعربي لغايات متنوعة، فكتبوا وساجلوا في ما رأوا وعرفوا ــ وهو قليل مكثه وزَبَدُهُ ــ واتخذوا مواقف وأثاروا عواصف وعواطف. والمفارقة اللافتة أن خطاب هؤلاء والمواقف قلّما تقدمت خطوة إلى الأمام في التثبت من معرفة، أو من صحة قولٍ أو فعل، أو استفادة من عبرة، ما يعني أحد أمرين: إما أن معرفتهم المتأخرة والبَعدية بالإسلام وأحوال المسلمين والعرب قد ثبّتت معرفتهم القبْلية (بقطع النظر عن مستوى هذه المعرفة)، وبالتالي فهم على بيّنة من أمرهم وقناعة لأن صورة الآخر هي تماماً ما عرفوا ورأوا، وبالتالي فهم مؤتلفون مع ذواتهم لا يحتاجون الى تعديل أو تغيير في الخطاب والمواقف، أو أنهم في ما يؤمنون به قد ارتقوا الى مستوى الحقائق اليقينية الواحدية التي ما عادوا يحتاجون فيها إلى بيّنة ولا استدعاء تصويب أو ترشيد ولا الى حوار، ولا إلى معرفة بالآخر وعنه، إلا ما قرروه له من أحواز السلب أو الإيجاب، أصابوا في ذلك أو أخطأوا.... وإذا لم يرُقه تصورهم عنه، أو موقف اتخذوه منه، أو مطلب حق يطلبه، فليس له الاعتراض أو الاحتجاج.. فكيف بالتمرد! وإذا فعل، فلا يغيّر ذلك عند هؤلاء المثقفين من الأمر شيئاً، حتى لو أقروا بأنهم «لا يعرفون الكثير عن الإسلام ولا خبرة لهم في شؤونه أو شؤون الشرق الأوسط»، كما اعترف فليمنغ روز نفسه. على قلة هذه المعرفة والخبرة تتكرر في بنية خطاب تلك الشريحة من المثقفين الغربيين لوازم مرجعية ومعرفية ومعيارية عديدة يتركز بعض أهمها في المقابلة الصحافية مع فليمنغ روز، وهي الآتية:
أ ــ إطلالة استعلائية تقرأ الإسلام والمسلمين والعرب من علٍ حضاريٍ مشبع بـ«بارانويا» فوقية وعنصرية لطالما تمثلها الغرب تاريخياً في النظرة الى الآخر وفي الخطاب والمواقف منه.
ب ــ جهل نسبي بالإسلام واعتقادات المسلمين يصل أحياناً الى مستويات مثيرة للضحك، وها هو روز نفسه يقول في المقابلة إنه زار الأردن والضفة الغربية وإيران، وفي هذه الأخيرة عرف «أن علياً هو النبي عند الشيعة».!!
ج ــ تجاهل وتعمية، ليسا حسنيْ الطويّة دائماً، للخلفيات الأيديولوجية والسياسية المحرّكة للخطاب والمواقف السلبية من قضايا الإسلام والمسلمين، والمشكِّلة صورتهم النمطية المضللة والمبثوثة في وعي شرائح واسعة من المجتمع الغربي وبعض نخبه وذاكرتهم. وقد شكّل ذلك التجاهُل البائن في ردات الفعل على الرسوم الدنمركية في الغرب مصداقاً ناجزاً لوجود تلك الخلفيات الأيديولوجية والسياسية. وها هو فليمنغ روز في المقام نفسه يزعم أن الرسوم لم تكن سوى مجرد كاريكاتورات انتقادية جرى استخدامها من المحتجين المسلمين في العالم خارج سياقها، بينما يعرف كل من تسنّى له رؤيتها بأنها رسوم سياسية بامتياز في الشكل وفي الترميزات التي رمت إليها متضمنة سخرية مقصودة ولاذعة من نبي المسلمين(ص) ومن بعض مقدساتهم، إضافة الى أن فكرتها تستند إلى الصورة النمطية السلبية للإسلام والمسلمين المتسيّدة في الغرب.
د ــ تكرار مرافعات معروفة في الدفاع عن الثقافة الغربية وعن العلمانية والحريات والديموقراطية (أطلق عليها فليمنغ روز تسمية نادرة هي: «الديموقراطيات المقدسة») والمجتمع المتحضر، وهذي مرافعات لا نخالف أصحابها فيها، لكننا لا نوافق على بعض مقاصدها الظاهرة أو الباطنة، ومنها الانزلاق الى تحقير المجتمعات المسلمة وذلك من خلال اتهامها بالجنوح الى العنف والسعي الى فرض قناعاتها على الآخرين بالإكراه والقوة وبعدم المساواة بين الجنسين، وجميع هذه التهم كررها فليمنغ روز مراراً في مقابلته، وكذلك لا نوافق البتة، كما الكثيرون غيرنا من أهل الغرب وعقلاء الأرض، على امتطاء الحريات الديموقراطية وتوسّلها لانتهاك مقدسات الآخرين، أو ما يعتبرونه كذلك، ومنهم مواطنون كثر في دولة السيد فليمنغ روز نفسه. فما كانت الحرية لأحد مطلقة يوماً، وإلا لما كانت مجتمعات الغرب نفسه ومؤسساته الديموقراطية قد لجأت الى تحصين تلك الحريات بنظم وقوانين وسقوف، لولاها، ولو على تفاوت بينها في الضبط النسبي، لعمّت الفوضى وأكلت الفتنة الناس.
هـ ــ التبرّم من وجود الأقليات المسلمة المهاجرة في الغرب ومن شكواها الدائمة من التهميش والمضايقات التي تتعرض لها في مواطنها الجديدة الى درجة الدعوة الى تخيير المهاجرين بين القبول بما هم فيه والعودة من حيث أتوا. وهذا موقف يستبطن تعصباً عنصرياً يتكرر نضحه من إجابات المثقف الدنمركي وذلك على رغم نفيه تهمة التعصب في المقابلة نفسها.
من نافل القول في هذا السياق أن هذه الشريحة من مثقفي الغرب العصبويين لا تمثل الغرب كله، إلا أنها تعكس بالتأكيد رؤية ومواقف قطاعات واسعة من الرأي العام ومن النخب السياسية والأكاديمية والإعلامية ومن شرائح المجتمع المدني فيه. وتلك حقيقة مشهودة جاءت أزمة الرسوم الكاريكاتورية الدنمركية وتداعياتها مصداقاً إضافياً يؤكد صحتها.
في المقابل اتخذت نخب وقطاعات أخرى مستنيرة في الغرب، ولو بمساحة تأثير أقل اتساعاً، خطاباً ومواقف حيال ظاهرة الرسوم وردات فعل المسلمين المختلفة عليها يمكن وصفها بالعقلانية والتفهم والتوازن المنصف أو بالنقد الموضوعي لما يعتبرونه انحرافاً أو تجاوزاً، سواءً صدر ذلك عن المسلمين أو عن غيرهم، وهذا دأب هؤلاء في كل أمر للمسلمين وقضاياهم.
إن قضية بمفاعيل ظاهرة الرسوم الكاريكاتورية الدنمركية واستدامة تداعياتها شرقاً وغرباً على المستويات كافة، هي تجربة عامرة بالدلالات تستدعي المزيد من التنبّه الى المستوى الخطر الذي بلغه الاحتقان والتوتر العلائقيان بين العالم الاسلامي والعالم الغربي، وهما إذا استمرا في الاستفحال والتفاقم فإن سلام العالم بأسره سيغدو مهدداً بالانفجار.
إن النسيج العلائقي بين العالمين أمسى أوهى من أن تجدي في رفئه أو إصلاحه المحاولات والمقاربات التقليدية، وهو يتطلب بإلحاح انتقاضاً منهجياً وفلسفياً وثقافياً وسياسياً، ويقتضي من الطرفين العلائقيين اغتسالاً نقدياً تطهيرياً، وتنقية معرفية صارمة مزدوجة، وتقويماً للديناميات العلائقية التاريخية وإعادة السوية إليها لمصلحة الجهتين وتكاملهما. وتجربة الرسوم الكاريكاتورية حافلة على هذا الصعيد بالعبر والدروس ومنها:
1 ــ أظهرت أزمة الرسوم وتداعياتها أن الغرب الذي لا يبدو واحداً ولا موحداً استراتيجياً في بعض الأزمات الدولية ومفترقاتها، سرعان ما يعود الى التوحد والاصطفاف في مجال مشترك واستقطابي بين المختلفين، حتى لو طَفتْ على سطح العلاقات بين دُوَلِهِ أو حتى بين شعوبه أو بين شرائح اجتماعه بعض التباينات التي عَنَّ في لحظة شطط تنظيري متسرّع لبعض الاستراتيجيين الأميركيين من المحافظين الجدد أن يحتسبوها افتراقاً، وصولاً الى القطع بحدوث قطيعة استراتيجية بين شقي العالم الغربي: «أوروبا القديمة»، كما سموها في لحظة اختلافهم معها، والولايات المتحدة الأميركية، في مقدمات حرب احتلال العراق.
صحيح أن المنافسات الثقافية داخل المجتمعات المدنية في الغرب قد شهدت مستويات مختلفة من الجدل والسجال حول حدث الرسوم وتداعياته في مختلف الاتجاهات، وخاصة في فرنسا وبريطانيا والبلدان الإسكندنافية، إلا أن هذين الجدل والسجال جاءا أقرب إلى أن يكونا تعبيرين عن خصوصيات ثقافية معهودة في هذه المجتمعات، أكثر من كونهما معبّرين عن انقسام فعلي وعمودي.
2 ــ كشفت أزمة الرسوم الحجم «المخيف» للجهل المركّب بالآخر لدى الطرفين الغربي والمسلم، فتداخلت وتدخلت لشد أزره مجموعة عوامل تناحرية أيديولوجية وحضارية وثقافية وتاريخية وسياسية، فنفثت في عُقدِه وعصبياته ونفخت مشاعر التشكيك والتوجس وعززت المخاوف المتبادلة وتداعيات سوء الفهم، فاستحكمت محفّزات الفرقة والتباعد. ولا نظن من بعد أن منظومة علائقية سَوِيَّة يمكن أن تبنى على جهل أو تجاهل. فبالمعرفة والتعارف يكون تأسيس انتظام الاجتماع الإنساني ويستقيم تكامله وتنوعه. لكأنما إحلال الجهل والتجاهل، وهما نقيضا المعرفة والتعارف، هو بمثابة الشرط الضروري لانفصام الاجتماع البشري.
قال الإمام أبو حامد الغزالي يوماً قولة في الجاهل ما أصدقها: «إنه فَقَدَ هادِيَيْهِ: عقلَهُ وعِلْمَهُ»، فكيف إذا كان قد فقدهما معاً؟!
في هذا السياق يقول جون ستيوارث مِلْ: «إن الحقائق التي لا توضع موضع التحدي المستمر لإثبات صحتها، ستتوقف في نهاية المطاف عن أن تملك وَقْعَ الحقيقة، لأن تلك الحقائق جرى تضخيمها حتى غدت باطلاً».
3 ــ بيّنت أزمة الرسوم هذه أن «بارانويا» الغرب لم تعد تهمة يتساجل أهل المعمورة فيها. فالغرب نفسه لا يكاد ينفيها بعدما ارتدى خصائصها وحقق شروطها كافة تقريباً. فمن لا يقول اليوم إن الغرب يفرط إلى درجة مَرَضية (ومزمنة) في تقدير ذاته والاعتداد بقوته التي لا نرى هراواتها إلا مُشهرةً، ولا سيوفها إلا مسلولة. جنوح إلى الأحكام والتقديرات الخاطئة، وهيام في أوهام وأخيلة وتصورات وهواجس مبالغ فيها تتعلق بأخطار الآخر وتهديداته و«إرهابه»، وذلك كله في تهويمات ومزالق لاعقلانية تقرب من الهذيان والتطيّر العنصري والرهاب الأيديولوجي في كثير من المفاصل العلائقية بينه وبين العالم الإسلامي بشكل أخص.
4 ــ نقل حدث الرسوم الدنمركية الجدل العلائقي بين العالمين الغربي والاسلامي العربي، وفي داخل الغرب نفسه تحديداً، من دائرة إلصاق التهم بالآخر بصورة انعكاسية آلية والضغط عليه من خلالها، إلى دائرة الاعتراف بالذنب والإقرار به لدى الكثير من نخبه ولو بشكل نسبي. وذلك من خلال ما سمّته تلك النخب: تفهّم مشاعر المسلمين الناقمين على الإساءة إلى نبيهم (ص) وإهانة مقدساتهم، أو عبر التفسيرات التي تداولتها النخب لظاهرة الرسوم وللاحتجاجات عليها من مسلمي العالم. وبهذه الدلالات حققت هذه الظاهرة من خلال السجال الذي أثارته في المجتمعات الغربية نوعاً من انزياح التركيز على التهمة اليومية للمسلمين بالإرهاب، وهي تهمة إرهابية بامتياز، لنشهد بدايات تداول طرح «مواز» عنوانه: الإقرار بـ«استفزاز الغرب للمسلمين» ودعوة هؤلاء إلى «ضبط النفس»، أو اعتبار السجال الدائر تعبيراً عن مشكلة قائمة «داخل الغرب نفسه» ــ كما قال Olivier Roy.
5 ــ سلّطت احتجاجات المسلمين في العالمين الإسلامي والغربي والجدل الذي أثير حول أزمة الرسوم، الضوء على أوضاع الأقليات الإسلامية في الغرب وعلى أهمية دورها وحضورها حيث هي، فطرحت مشاكلها ومعاناتها وأزمة علاقاتها بالبيئات الاجتماعية التي تحيا بين ظهرانيها وذلك بدءاً من معضلة الاندماج (Intégration) والهوية، وصولاً إلى قضايا معيشها وحقوقها السياسية والمدنية وصيغ حياتها.
6 ــ على صعيد العلاقات بين المؤسسات الدينية المسيحية من جهة، وبين الإسلام والمؤسسات الدينية الإسلامية من جهة أخرى، أثبت حدث الرسوم الكاريكاتورية أن بنى تلك العلاقات منخورة من جذورها، وما ظهر منها منذ عقود لا يعدو كونه حالات ومواقف ظرفية أو مصلحية أو مساعي تلطيفية أو اختبارية لمَّا تؤسس بعد لتعارف حقيقي ولتعالق بين الدينين السماويين يمكن أن يفضي إلى تحالف سوي ومتماسك لا تطيحه أخطاء عابرة هنا أو ممارسات متخلّفة هناك، ولا تجعله يتهافت عن بكرة أبيه عند أول مفترق خلاف أو تباين أو استحقاق توافقي.
7 ــ قدمت الرسوم مصداقاً إضافياً على قوة حضور الشؤون والقضايا المتعلقة بالإسلام على الصعيد العالمي وذلك خارج نطاق التركيز على معادلة المساواة بين الإسلام والإرهاب. فثمة شؤون وقضايا أخرى أكبر شأناً وأشد تأثيراً في العلاقات الدولية من واقعة الرسوم الكاريكاتورية الدنمركية، لم تحظ بقوة التغطية والانشغال العالميين نفسها، بينما قفزت قضية الرسوم إلى واجهة الاهتمامات الدولية بمستوياتها المختلفة، وتحولت إلى حالة كوزموبوليتية كونيَّة أو عولمية بسرعة فائقة، وذلك منذ لحظة ظهور الإرهاصات الأولى لنزول المسلمين في العالم إلى الشوارع. فثمة منسيّات ومهملات من حقوق المسلمين ومن أطروحات الإسلام الحضارية الكبرى قد أعيد السجال فيها أو استعادت بعضاً من حقها بإعادة التركيز عليها وفي طليعتها علاقة المقدس بالحياة والحريات.
8 ــ شكلت الاحتجاجات على الرسوم الكاريكاتورية في بلدان العالم الإسلامي والعربي، وقد عمّته من أقصاه إلى أقصاه، علامة فارقة في السنوات الأخيرة، فمنذ احتلال أفغانستان ثم العراق، لم تشهد شوارع بلاد المسلمين هذا التدفّق الجماهيري الغفير من أجل قضية عامة عابرة لحدود الأعراق والأجناس والقوميات ومتجاوزة للعصبيات الوطنية والتباينات السياسية والاختلافات المذهبية والحزبية.
* استاذ في الجامعة اللبنانية