الوحدة والحوار قبل فوات الأوان
  • رياض ناصر

    عاماً بعد عام والمأساة تتكرر، ولا تغيير في النفوس!! كل عام يذهب تصبح نتيجته اللبنانية والعربية والاسلامية أكثر فقراً وضياعاً، وأكثر خذلاناً لا بل أكثر دماراً وسفكاً للدماء.
    عام مضى شهدنا خلاله تمزيق المجتمع العراقي وانحداره الى حرب أهلية، وآخر مؤشرات الأفق الأحمر إعدام صدام في عيد الأضحى والغفران والتوبة الى الباري سبحانه وتعالى، ومن دون ان نحترم قواعد الجاهلية قبل انبثاق فجر الإسلام حين سنّت بأعرافها وقوانينها التقيد بالأشهر الحرم، وأيضاً عشنا مأساة رفع البندقية وتصويبها الى الصدر الفلسطيني من أخيه في النضال والصراع مع اسرائيل، وعلى جبهة السودان عيد الدم مستمر ونازف، وفي الصومال الغارق في فقره شوهد أكبر هروب لعاصفة ميليشيات المحاكم على يد الحكومة وحليفتها أثيوبيا، أما لبنان هذا البلد الذي يحبه العالم الغربي قبل العربي وهو كما يلقبونه منارة الشرق ومصرف «الغرب والعرب» والمركز التجاري العالمي، أرادوا تدميره بأحدث الأسلحة العالمية فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا لأن مقاومة شعبه مؤمنة وباسلة قالت عنها اسرائيل «إننا نرهبهم بالموت وهم يرمون بأنفسهم على الموت»، هذه المقاومة البطلة قهرت الجيش الاسرائيلي الذي لم يقدر على قهره أكبر جيوش العرب. والآن تشهد الساحة اللبنانية سلسلة تحركات محلية وإقليمية تستهدف تعزيز الاستقرار الداخلي وحلحلة التعقيدات القائمة، لكن مع الحرص الذي يبديه أكثر من طرف، وخصوصاً المقاومة، للتوصل الى حلول تحفظ الوطن وتصون وحدته فإن القلق لا يزال يستوطن النفوس بسبب ثبات الادارة الاميركية على موقفها في استخدام الساحة اللبنانية لخدمة مشروعها الساعي الى ضرب قوى الممانعة العربية والاسلامية في المنطقة. وليس في الأمر جديد بل غليان في المنطقة، إذ في كل مكان إنذار بتقسيم الأمة العربية والاسلامية في الدين والأهداف والمصالح العليا وبتهديد أمنها من قوى إقليمية أصبحت تقوى على حساب ضعفها.
    اتحدوا أيها اللبنانيون والعرب. اللوحة العربية سوداء قاتمة فاحمة وكل خطوط ألوانها رسمت بدماء الضحايا الحمراء، ومن دون وحدة فإن ليالينا المعتمة سوف تستمر وتظلم أكثر، وسنكون الجاني على أوطاننا وأجيالنا. وأخيراً نقول «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم (ص).


    لنكتب تاريخاً لمستقبلنا...

  • مهنا البنا

    يوم صارت لعدونا الأوحد مقهى استراحة فوق دماء أطفالنا وشيوخنا...
    في عصر يحكم فيه الأقزام ويُسجن عمالقة الوطن...
    في زمن تكبّل فيه كلمات الحق والصدق من سلطة العهر السياسي المحصنة بالبكاء...
    في زمان سقطت فيه الهوية اقتتالاً على السماء، واختصر فيه الانتماء طائفة هنا أو عائلة هناك...
    فكنا الرعد المزلزل لانبثاق زوبعة الحياة، فوضعنا دماءنا على الأكف وحملنا نعشنا المضرج بالعز على طريق الانتصار... لنكتب تاريخاً مشرّفاً لوطن عظيم استحالت سنابله خناجر في خاصرة المحتل... وأضحت سهوله قبوراً للمعتدين على بلادنا... وأصبح ومضات في بدعة الله يسطر ملاحم البطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة، وينتصر في معارك الوجود... يملكه شعبه ولا يباع بمأدبة سفارة...
    في إعلامه، مقاومة مشاريع التفتيت والتقسيم، وإظهار شخصيتنا الحضارية، وممارسة حرية الصراع الفكري. في أمنه، محاربة الارتهانات الخارجية، وحماية الحريات من الغزوات المدمرة لفكرنا وقضايا شعبنا.
    في سلطته، حماية مقاومته لا خيانتها، اعتزاز بأبنائه لا عرضهم بالمزاد في مؤتمرات الأمم، ورفعة بعظمة إنتاجه لا تعرف الخنوع لجلاديه، وقوة يفرضها الواجب القومي، وحرية يحميها نظام المصلحة العامة، ورجولة ترفع معنويات المقاومين لا دموع تذرف على مصالح خاصة، وحكومة تصنع الانتصار ولا تستجديه.
    في معاركه، قدرة على اجتراح المعجزات بإيمان مقاوميه، وصلابة أسراه في معتقلات يهود الخارج...
    هكذا نكتب تاريخاً لمستقبل أجيالنا، بحبر الدماء المقدسة المجبولة بتراب العز على صفحات الوجود، بريشة الأحرار الذين يؤسرون داخل الوطن في معتقلات يهود الداخل ولا يستسلمون، بشجاعة المناضلين الذين يؤسرون لأنهم يوماً قاوموا محتلاً، وحاربوا انعزالاً وأسقطوا مشروع إسرائيل في تقسيم لبنان واختطافه.