ألبير فرحات *
أبدأ بالقول بأن مجريات الحرب الأخيرة التي شنتها اسرائيل على لبنان وضد لبنان والنتائج التي أسفرت عنها كانت ذات أبعاد تاريخية وتداعيات استراتيجية سوف تحكم، الى حدّ كبير، مصائر منطقتنا ومستقبلها. من هنا ضخامة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا لاستجلاء ما جرى، وتحديد المهمات التي يجب علينا، كل في ميدانه، ان نضطلع بها لكي لا نضيّع ما حققه شعبنا ومقاومته، وأيضاً لكي نسير بحالنا الى الأمام، لبنانياً وعربياً.
من هنا أيضاً هذه المحاولة لمعالجة الجانب الحقوقي من المسألة، الذي يتضمن أيضاً بعداً سياسياً وأخلاقياً، يتجاوز الاهتمام به النطاقين المحلي والاقليمي، ليشمل النطاق العالمي.
وبالواقع، فإنه منذ الساعات الأولى للعدوان ارتفعت في أرجاء الدنيا أصوات شخصيات حقوقية مرموقة للتنديد بما يجري، وللمطالبة بملاحقة المجرمين ومحاكمتهم وبالتعويض على الضحايا، جماعات وأفراداً.
وقد أتاح لي الحظ ان أعمل لبعض الوقت مع بعثة تقصّي الحقائق المفوضة من قبل «الرابطة الأميركية للحقوقيين»، وهي الرابطة التي ترأسها فانيسا راموس Vanessa RAMOS القاضية البرازيلية المعروفة باستقامتها. وقد ضمّت هذه البعثة حقوقيين هما د. هوغو رويز دياز Hugo RUIZ DIAZ (الباراغواي) والسيدة ميراي منديس ـ فرانس Mireille Mendes (فرنسا) التي باشرت تحقيقاتها بينما كانت نيران الحرب لا تزال دائرة، ثم عادت مرة أخرى من أجل استكمال الكشوفات على الأرض، وجمع المعلومات من مصادرها، والاستماع الى إفادات الضحايا والشهود. وتقوم هذه البعثة حالياً بمتابعة عملها ابتغاء هدف حددته «الرابطة الاميركية» ألا وهو تقديم ملف الى النيابة العامة لمحكمة الجزاء الدولية بغية تحريك هذا المرجع الدولي لملاحقة اسرائيل بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ومن ضمنها جريمة الإبادة الجماعية GENOCIDE.
لا بد من ان نتناول هنا بعض القضايا الخاصة بملاحقة تلك الجرائم وفقاً للترتيب الآتي:
1 ــ تصنيف الجرائم.
2 ــ المراجع الصالحة للنظر بها.
3 ــ العقوبات المطلوب فرضها.
4 ــ التحرك الدولي المطلوب من لبنان والدول العربية وجامعتها.
ولكن لا بدّ لي من القول، إنصافاً للحقيقة، إنه لا يوجد إجماع عندنا في لبنان على بعض من هذه المسائل، إذ يوجد سجال حقوقي يتناول هذا الجانب أو ذاك من الموضوع، وثمة تباين سياسي حول ملاءمة أو عدم ملاءمة سلوك هذا السبيل أو ذاك. وعليه فسوف نعرض آراءنا الصادرة عن قناعاتنا حقوقياً وسياسياً، آملين ان يؤخذ سعينا هذا على تلك القاعدة الشهيرة القائلة بأن «من اجتهد برأيه وأصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد».
  • أولاً ــ تصنيف الجرائم:
    إن سلسلة الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل من وجهة نظر القانون الدولي العام والمعاهدات الدولية المعنية والقانون الداخلي اللبناني لا تكاد تعدّ ولا تحصى. بل إنه، وفي كل يوم يظهر جديد وتتبين وقائع تبنى عليها استنتاجات قانونية.
    وإذا شئنا مباشرة التعداد فإننا نلحظ الجرائم الآتية:
    1 ــ إرهاب الدولة، علماً بأنه لا يوجد بعد تعريف متفق عليه لهذا الجرم دولياً، وذلك لأسباب معروفة، ولكن التي لا تمنع الإدلاء من قبلنا بهذه الجريمة.
    2 ــ العدوان، علماً أيضاً بعدم وجود تعريف متفق عليه لهذا الجرم دولياً، وذلك أيضاً لأسباب معروفة، ولكن التي لا تمنع أيضاً الإدلاء به من قبلنا.
    3 ــ جرائم الحرب.
    4 ــ الجرائم ضد الانسانية.
    5 ــ وأخيراً، وفي عداد الجرائم ضد الانسانية، جريمة خاصة هي جريمة إبادة الجنس GENOCIDE.
    فقرة حول جريمة إبادة GENOCIDE:
    هنا لا بد من التوقف عند هذه الأخيرة إذ إن الرأي منقسم عندنا في لبنان وفي الخارج أيضاً حول توافر عناصر هذه الجريمة في عدوان اسرائيل الأخير على لبنان.
    غير ان بعثة تقصي الحقائق، كما انني شخصياً من القائلين بتوافر هذه العناصر.
    أما قناعتي في هذا الصدد فهي صادرة أولاً عن قناعة البعثة التي أجريت معها نقاشاً طويلاً في الموضوع، وتستند الى آراء مراجع وهيئات حقوقية تحظى بالاحترام على الصعيد العالمي أذكر منها:
    ــ الرأي الذي أبداه البروفيسور فرانسيس أ. بويل Francis A. Boyle أستاذ القانون في جامعة إيللينويس ILLINOIS في الولايات المتحدة وذلك في الطلب الذي وجهه الى الجمعية العمومية للقيام في صورة عاجلة بإنشاء محكمة جنائية دولية لملاحقة اسرائيل بـ «جرائم الحرب، وجرائم ضد الانسانية، وجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة في حق الشعبين اللبناني والفلسطيني»، كما جاء في الطلب المذكور.
    ــ التوصيات الصادرة عن المؤتمر الاستثنائي الذي دعت إليه رابطة الحقوقيين الديموقراطيين العالمية والذي عقد في بانيوليه (ضاحية باريسية) بين 26 و27 آب 2006 والتي أشارت الى ضرورة ملاحقة اسرائيل بجرم الابادة الجماعية (سواء كان هدفها ابادة طائفة لبنانية أو الشعب اللبناني جماعياً).
    ــ السابقة الناشئة من كون اسرائيل قد دانتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة بهذا الجرم إثر مجزرة صبرا وشاتيلا.
    ــ التصريحات التي دللت على وجود نية خاصة لاستهداف بلد بكامله وشعب بأسره بدءاً بالتصريح الذي صدر عن أحد المسؤولين الاسرائيليين القائل بأن حربهم ستكون «حرباً شاملة» وان من بين أهدافها: «إعادة لبنان عشرين سنة الى الوراء»، وكذلك الممارسات المستهدفة لمجموعات بشرية بكاملها لكونها لبنانية مثل استدراج السكان المدنيين للخروج من قراهم بذريعة عدم تعريض حياتهم وسلامتهم إفرادياً ثم استهدافهم عندما يجتمعون، وأيضاً القصف المتعمد غداة قصف سابق لمواكب تشييع الشهداء، وأخيراً لا آخر قصف جسر مدني صغير أو هدف متواضع ثم العودة بعد تدميره الى قصف السكان المدنيين الذين يكونون قد تقاطروا لمعرفة ما حصل، وغيرها وغيرها من الممارسات التي تتكشف يوماً بعد يوم.
  • ثانياً ــ المراجع الصالحة لتقديم الشكاوى إليها:
    في رأينا ان المراجع المطلوب استحداثها أو الموجودة والصالحة للنظر في الشكاوى هي الآتية:
    1 ــ المحكمة الدولية الخاصة (ad hoc):
    من الضروري المطالبة بتأليف محكمة دولية خاصة (ad hoc) لملاحقة اسرائيل بالجرائم التي ارتكبتها في لبنان بسبب الخطورة الخاصة لهذه الجرائم وبسبب التهديد للسلم والأمن في المنطقة وعلى الصعيد العالمي للعدوان الذي أقدمت عليه.
    يبدو ان هناك من هو غير ميّال لسلوك هذه السبيل بذريعة ان تأليف هذه المحكمة هو من اختصاص مجلس الأمن الدولي حيث سوف يصطدم طلب لبنان هذا بفيتو دولتين على الأقل.
    يهمنا هنا ان نرحب بالموقف الذي صدر عن رئيس الجمهورية من هذا الموضوع والقائل بأن علينا المطالبة بحقوقنا ولتتحمل الدول التي تستخدم الفيتو ضد طلبنا المحق المسؤولية السياسية والحقوقية والأخلاقية عن عملها.
    غير اننا نعرف ان مجلس الأمن الدولي ليس خاتمة المطاف، فان في إمكان الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث لا وجود لأي فيتو، ان تبت في هذه المسألة وان تقرر انشاء هذه المحكمة استناداً الى تلك الصلاحيات التي أولاها القرار الرقم 337 الشهير والمادتان 20 و22 من الشرعة.
    ويجدر هنا ان ننوّه بالمبادرة التي قام بها الزميل الاستاذ كميل داغر عندما بادر الى تنظيم عريضة وقّعها عدد كبير من رجال القانون اللبنانيين، ووجّهوها الى الحكومة، طالبين منها سلوك هذا السبيل. ولكن من دون نتيجة حتى الآن.
    2 ــ محكمة الجزاء الدولية Cour Penale Internationale:
    هذه المحكمة أنشئت بمقتضى اتفاقية روما تاريخ 17 تموز 1998 التي انضمت إليها حتى الآن 104 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. ولكن هناك إشكالاً يطرحه البعض ناتجاً من ان كلاً من لبنان واسرائيل غير منضمين الى تلك المعاهدة (على غرار الولايات المتحدة الاميركية) وانهما ليسا بالتالي مخولين بمراجعتها وفقاً لنظامها.
    إلا ان هناك رأياً آخر مفاده ان في إمكان أية من منظمات المجتمع المدني المعترف بها أي على الخصوص تلك التي تتمتع بصفة استشارية أو صفة مراقبة لدى هذه الوكالة أو تلك من وكالات الأمم المتحدة التقدم بشكوى الى النيابة العامة للمحكمة التي يمكنها تحريك الدعوى ومباشرة التحقيقات بناء على صلاحيتها الصادرة عن مبادرتها الذاتية (proprio motu). وعلى المادة 16 من نظام المحكمة.
    هذا الرأي تبنّاه الوزير السابق الاستاذ بهيج طبارة في الدراسة التي رفعها الى رئيس مجلس الوزراء في هذا الصدد («النهار» 18/8/2006). صحيح ان هذه التحقيقات قد أو سوف تصطدم بعدم قبول الشكوى لأسباب تتعلق بالشكل، غير ان من المفيد لنا ان نتحرك في كل الاتجاهات لأن الموضوع ليس فقط موضوعاً حقوقياً بالمعنى الضيق للكلمة بل موضوع حقوقي ـ سياسي ينبغي سلوك جميع السبل لتعبئة الرأي العام العالمي حوله دفاعاً عن الحق والعدالة والخير.
    ــ محكمة العدل الدولية:
    على الرغم من انه لا يوجد تصريح مسبق صادر عن لبنان بالتزامه صلاحية هذه المحكمة وان اسرائيل عمدت الى إلغاء مفعول تصريحها السابق، إلا ان المادة 9 من الاتفاق الدولي المتعلق بالإبادة الجماعية GENOCIDE الذي انضم إليه كل من لبنان واسرائيل يولي هذه المحكمة صلاحية النظر في كل نزاع ينشأ عن تفسير هذا الاتفاق أو تطبيقه، وبالتالي فإن تقديم الدعوى على هذا الأساس يكون مقبولاً، علماً ان المخاوف التي يبديها البعض من كون تقديم هذه الشكوى يشكل اعترافاً من لبنان بإسرائيل هي مخاوف لا أساس لها. وهذا الموقف تبناه أيضاً الاستاذ بهيج طبارة في الدراسة والمرجع المشار إليهما أعلاه.
    4 ــ منظمة الأمم المتحدة:
    ان الباب واسع باتساع الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل في لبنان ومخالفتها القرار الرقم 1701 والتعديات اليومية التي تمارسها في حق السيادة والأرض لتقديم الشكوى تلو الشكوى طلباً للإدانة ولكن أيضاً طلباً للعقوبات التي يمكن ان تصدر عن المنظمة الدولية والتي سوف نعدّدها في القسم الخاص بالعقوبات منعاً للتكرار.
    5 ــ الدعاوى التي يقيمها لبنانيون مزدوجو الجنسية أو أجانب لدى محاكم بلدانهم أو حتى لبنانيون أمام محاكم البلدان التي تولي قضاءها صلاحيات دولية:
    من المعروف ان هناك لبنانيين يحملون جنسية بلد الاغتراب. هؤلاء في إمكانهم مراجعة القضاء في هذه البلدان، غير ان هناك بلداناً مثل الولايات المتحدة الاميركية (وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر)، واسبانيا وبلجيكا (على الرغم من تضييق الصلاحيات) تولي قضاءها صلاحية النظر في جرائم يرتكبها أجانب غير مقيمين في حق أجانب غير مقيمين أيضاً كلما تعلق الأمر بجرائم ضد الانسانية.
    ثالثاً ــ في العقوبات المطلوب إنزالها:
    انها تلك التي تدخل في صلاحية تلك المراجع بدءاً بالإدانة المعنوية والعقوبات السياسية والاقتصادية والمالية وصولاً الى العقوبات العسكرية المنصوص عليها في الفصل السابع من الشرعة.
    غير اننا نريد لفت النظر الى مجموعة من العقوبات التي نصّ عليها ميثاق الامم المتحدة ويمكن ان تصدر عن مجلس الامن أو عن الجمعية العمومية مباشرة أو من طريق القرار 177 الذي سبق ذكره.
    وإن سند هذه العقوبات هو:
    ــ المادة 6 من ميثاق الامم المتحدة التي تنصّ على انه: «إذا أمعن عضو من أعضائها في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العمومية ان تفصله من الهيئة».
    ــ المادة 41 قد نصت على التدابير غير العسكرية التي يمكن اللجوء إليها في حق الدول التي لا تنفذ قرارات الهيئة الدولية كقطع العلاقات الدبلوماسية والصلات السياسية وسبل المواصلات والاتصلات جزئياً.
    ــ التدابير العسكرية التي ينص عليها الفصل السابع من ميثاق المنظمة.
    وفي الواقع أن اسرائيل قد أمعنت منذ نشوئها في ممارسة إرهاب دولة منظم، وسياسة عدوان وتوسع، وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وهي تمعن في عدم التقيد بأي من قرارات المنظمة الدولية وأحكام المحكمة الدولية في لاهاي (وخصوصاً ذلك القرار الاستشاري الذي قضى بهدم الجدار الفاصل)، وأخذاً بعين الاعتبار ان اسرائيل كانت الدولة الوحيدة التي أُنشئت بقرار من الأمم وقبلت في عضويتها بشرط التقيد بنصوص القرارين 181 و194، فإن المطالبة بتطبيق العقوبات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية وقطع سبل المواصلات والاتصال تبدو مشروعة ومطلوبة باعتبارها دولة «مارقة» خارجة عن القانون الدولي.
    نحن نعرف ان كل هذه الخطوات سوف تصطدم برفض الولايات المتحدة المطلق وسائر حلفاء اسرائيل غير ان واجبنا هو سلوك هذه السبل وطرق هذه الأبواب، لأنه لا يجوز لنا عدم المطالبة بحقوقنا لأي سبب من الأسباب.
    رابعاً ــ في الخطوات المطلوب من الدول العربية وجامعة الدول العربية اتخاذها:
    إن أول واجبات جامعة الدول العربية، إذا كان لا يزال من الجائز انتظار أي تحرك جدي منها دفاعاً عن الحق العربي، هو اتخاذ قرار بإلزام الدول العربية التي عقدت معاهدات صلح مع اسرائيل بإلغاء هذه المعاهدات وقطع العلاقات الدبلوماسية، والاقتصادية والتجارية وكل أشكال التطبيع معها بالنسبة الى سائر الدول العربية التي تقيم مثل هذه العلاقات.
    أما على الصعيد العسكري فإن الدول العربية مطالبة بإحياء معاهدة الدفاع المشترك العربية وتفعيلها.
    لقد أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية د. عمرو موسى في ساعة من ساعات اليقظة ان ما يسمى «عملية السلام» قد مات. وبالفعل فإن ما مات فات وما فات مات. واذا كانت هناك دول عربية تعتقد ان في الامكان استرداد الحقوق وتحقيق السلام الشامل والعادل من طريق الوقوف على أبواب الغير فإنها تتحمل مسؤولية كبرى، ولا بد من ان تخضع يوماً للمحاسبة من شعوبها.
    خامساً ــ في إنشاء محكمة شعوب:
    من الضروري والمفيد أيضاً طرح مسألة تأليف محكمة شعوب عالمية لمقاضاة اسرائيل وإدانتها على جرائمها من قبل الرأي العام على غرار محكمة برتراند راسل ومحكمة الشعوب العالمية التي عقدت جلستها في اليابان عام 1983 على إثر الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 ومجازر صبرا وشاتيلا.
    إن هذا العرض الذي قدّمته يبقى قاصراً عن تعداد المراجع الدولية التي يمكن ان نتوجه إليها ما لم نذكر مجلس حقوق الانسان المنبثق حديثاً من الجمعية العمومية للأمم المتحدة والذي زارت بعثة منه ذات مستوى رفيع لبنان والمنطقة خلال هذا الشهر. ونأمل ان نتمكن في فرصة أخرى من بحث أمره كمرجع حقوقي عالي المستوى والنشاط الذي يبذله في موضوعنا، باعتبار انه لا يزال يسير في خطواته الأولى. وكذلك المراجعات والشكاوى التي يمكن تقديمها أمام مختلف الوكالات المتخصصة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة ولا سيما من خلال إخلال اسرائيل بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والمرأة والدفاع عن البيئة وغيرها.
    غير ان في ودّي في الختام تأكيد مجدداً ضرورة تجاوز المخاوف التي لا يزال البعض منا يبديها في خصوص المراجعات والشكاوى التي نرى من الضروري سلوك سبيلها.
    ويجري التعبير عن هذه المخاوف بالقول ان سلوكنا هذا السبيل قد يدفع بإسرائيل أو غيرها الى تقديم شكاوي في حق المقاومة الاسلامية بسبب كونها قد أقدمت على عمل عدواني من خلال العملية التي نفذتها داخل أراضي العدو، ومن خلال ما يزعم من استهدافها المدنيين.
    ان إقدام المقاومة على تنفيذ عمليات خارج أراضيها وداخل أراضي البلد المحتل يعتبر عملاً مشروعاً من أعمال المقاومة بمقتضى المادة 4 من اتفاقات جنيف. واننا نستشهد هنا تأييداً لرأينا هذا بما جاء في التعليق الذي نشرته هيئة اتفاقات جنيف.
    أما استهداف المدنيين فإن العكس هو الصحيح، إذ إن المقاومة الاسلامية قد أعلنت انها ستتفادى استهداف المنطقة الصناعية في حيفا بسبب وجود صناعات خطيرة فيها، ومن شأن قصفها ان يحدث آثاراً كارثية تطاول مئات الألوف من السكان. وكذلك دعوة السكان العرب في حيفا الى الخروج منها كانت تستهدف حمايتهم بسبب التدابير العنصرية التي اتخذتها اسرائيل بحصر الصناعات الحربية في مناطقهم وبعدم توفير الملاجئ وأسباب الوقاية التي يجري توفيرها للمدنيين في كل الحروب، لا إيذاء غير العرب من المدنيين.
    وفي مطلق الأحوال، لا يجوز لنا الـــــــــسكوت عـــــــــــن جرائم العدو بسبب تلك المخاوف، وذلك لأسباب مبدئية ولعدم التهرب من مسؤولية أعمالنا إذا ترتبت علينا مثل هذه المسؤوليات.
    * محام بالاستئناف،
    عضو النقابة الجنائية الدولية (BPI)