اعداد : علي شهاب
لعلّ الدراسة التي أجراها مديرا المنتدى البريطاني للنزاعات «مارك بيري» و«الستير كروك» هي الأكثر جدية ودقة في مقاربة الحرب بين حزب الله واسرائيل، ذلك ان الباحثين انطلقا من معطيات ميدانية استقياها من مصادرها في تل أبيب وواشنطن، مع اعترافهما بعدم اكتمال الخصائص العلمية لما قدماه بسبب عدم قدرتهما على لقاء ضباط ميدانيين في الجانب الآخر، لأن «قياديي حزب الله لن يتحدثوا علناً عن أسلوب إدارتهم للمعركة، ولا عن انتشارهم ولا عن استراتيجيتهم في المستقبل». ويؤسس كروك وبيري على ملاحظات أمنية وسياسية وعسكرية، فيخرجان بنتيجة تخالف «وجهة النظر» الاسرائيلية والأميركية، الى حد إعلان انتصار حزب الله الذي «نجح في اختراق الاستراتيجيا الاسرائيلية ودورة صناعة القرار عبر سلسلة عمليات استخبارية وعسكرية وسياسية، وحقق انتصاراً حاسماً وكاملاً».
مع الإشارة الى تاريخ كل من الباحثين، إذ عملت كروك مستشارة لشؤون الشرق الأوسط في المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي، وهي عضو في لجنة ميتشيل المتعلقة بالانتفاضة الفلسطينية، أما بيري فهو مستشار سياسي في واشنطن، ومؤلف 6 كتب عن التاريخ الأميركي، ومستشار شخصي سابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
الحرب الأمنية
أولى محطات التقرير الأمني هي إشارة الى نجاح حزب الله في مباغتة اسرائيل بأسره الجنديين على الرغم من ان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله «أوضح مراراً انه ينوي أسر جنود اسرائيليين»، وقد أدت عناصر عديدة دوراً في التعمية على توقيت الأسر، وخاصة أنه «كان هناك سبب للافتراض بأنه لن يفعل ذلك في منتصف فصل الصيف»، عندما «يزور عرب الخليج وعائلات شيعية» لبنان.
وقد بلغ حجم المفاجأة حداً ان «عملية الاختطاف بأسرها كانت سهلة، بعدما انتهك جنود اسرائيليون عند الحدود الإجراءات العملانية وتركوا آلياتهم على مرأى من حزب الله، من دون آلية للتواصل مع قيادتهم، ومن دون التحرك ضمن تغطية نارية».
وتُشير الدراسة الى سلسلة من «الأخطاء الفادحة» التي ارتكبها قادة الجيش الاسرائيلي الذين تصرفوا في شكل «مغاير للإجراءات المرعية عادة» عند الحدود مع لبنان، حيث قُتل الجنود الثمانية حين «أمر ضابط اسرائيلي الآليات بمطاردة الخاطفين، فدخلت آليتان حقل ألغام ودُمّرتا بالكامل».
على الرغم من مفاجأتهم بالرد الاسرائيلي، «استنفر مقاتلو حزب الله في غضون دقائق، وأُبلغ قادة الترسانة الصاروخية». وهنا، تقدر الدراسة عدد مخازن الأسلحة التي «حُفرت في صخور الجبال بعمق يصل الى أربعين متراً بـ600 وُزّعت في شكل استراتيجي جنوبي الليطاني، حيث لم يعرف أي مسؤول في حزب الله مكان المخازن، لأسباب أمنية، وكانت كل مجموعة على علم بمكان ثلاثة مخازن، واحد رئيسي واثنان احتياطيان في حال تعرض الأول للتدمير».
وقد اعتمد الجيش الاسرائيلي في تحديد مواقع المخازن على «تقارير استخبارية والتنصت وصور تجسس التقطتها أقمار صناعية للجيش الأميركي، ومن خلال شبكة من المصادر الاستخبارية التي تعتمد على أجانب يعملون في لبنان». وعلى الرغم من المروحة الواسعة من المصادر الاستخبارية، «فشل الهجوم الجوي الاسرائيلي على مخازن السلاح، كما هي الحال بالنسبة إلى الهجوم الاسرائيلي على مقر قيادة حزب الله في بيروت. فلم يُقتل أي سياسي من حزب الله خلال الحرب، على الرغم من إصرار اسرائيل على أن قيادة المنظمة قد مُنيت بخسائر».
وبحسب ضابط أميركي تابع مجريات الحرب «عن قرب، فإن الغارات الجوية التي استهدفت قيادات حزب الله كانت عديمة الجدوى».
ويرى كروك وبيري ان «الهدنة بعد الغارة على قانا، قدمت دليلاً على ان حزب الله نجح في مواجهة الغارات الجوية، وأنه كان يخطط لحرب طويلة جهزّ لها ببراعة». وفي التفاصيل، «أذهل التزام عناصر حزب الله بالهدنة قادة الجيش الاسرائيلي الذين استنتجوا أن التواصل بين قيادة الحزب والقاعدة لم يتأثر بالغارات»، فشلٌ اسرائيلي آخر على صعيد الحرب الأمنية.
لم يمر وقت طويل قبل أن يصل قادة الجيش الاسرائيلي الى خلاصة مفادها ان «المعلومات الاستخبارية عن قوة حزب الله كانت خاطئة تماماً». في المقابل، نجح حزب الله في مكافحة التجسس الاسرائيلي، و«فكك قبل الحرب شبكة اسرائيلية، وقبض بالتعاون مع الأجهزة اللبنانية على 16 جاسوساً لاسرائيل. حتى إن قادة أمن الحزب نجحوا في بعض الحالات في تسريب معلومات مضللة للإسرائيليين عن منصات الصواريخ والمواقع».
كذلك، كان «في مقدور استخبارات حزب الله اعتراض تقنيات الاتصالات الاسرائيلية المعقدة التي تعتمد على ترددات عالية، ما خلّف صدمة عصيبة تركت أثرها في الحسابات الاسرائيلية».
أول استنتاج يخرج به الباحثان في المنتدى البريطاني هو ان «الإخفاق الأمني الاسرائيلي خلال الحرب كان كارثياً. لم يكن نجاح اسرائيل في إحراز نصر حاسم وارداً أبداً». وهكذا وجد قادة الجيش الاسرائيلي أنفسهم أمام خيار وحيد هو اجتياح لبنان براً «بهدف كسر إرادة حزب الله أن ينتصر».
الحرب البرية
«ترددت القيادة العسكرية الاسرائيلية في تحديد زمان نشر قواتها البرية ومكانه، بعد مرور أسبوع» على بدء الحرب. كان قادة الجيش يخبرون وسائل الإعلام بأن «موعد الغزو البري أمر فائق السرية، فيما كانوا هم أنفسهم يجهلون تاريخ هذا الموعد».
أما أول أسباب التردد الاسرائيلي في زج سلاح البر فكانت «التجربة التي خاضتها مجموعات اسرائيلية صغيرة اجتازت الحدود، من حيث ذكرت التقارير التي رفعتها الوحدات الخاصة في الجيش الاسرائيلي بحلول 18 تموز أن مجموعات حزب الله كانت تقاتل بشراسة للاحتفاظ بمواقعها عند الخطوط الأمامية المطلة على اسرائيل».
ويُكمل الباحثان في طرح جملة استنتاجات وأسئلة يستخرجانها من المعطيات الميدانية:
ــ استُدعي الاحتياط الاسرائيلي الى الجبهة بتاريخ 21 تموز. هذا الاستدعاء المُبكر للجنود (كان من المفترض ان يهزم الجيش الاسرائيلي حزب الله عبر الهجمات الجوية من دون الحاجة إلى استدعاء الاحتياط) كان متسرعاً وضعيف التنسيق.
ــ استدعاء الاحتياط بتاريخ 21 تموز كان إشارة واضحة لخبراء الاستراتيجيا العسكرية في وزارة الدفاع الأميركية إلى أن اسرائيل لم تكن على ما يُرام. وذلك يفسر سبب وصول الاحتياط الى الجبهة من دون أسلحة مناسبة ولا خطة متماسكة ولا ذخائر ضرورية.
ــ بحسب أحد القادة العسكريين الأميركيين كانت القوات الاسرائيلية «غير مستعدة ومربكة. ليس هذا الجيش الاسرائيلي المتبجّح الذي رأيناه في حروب سابقة».
ــ في 22 تموز، دخلت الولايات المتحدة الأميركية في الحرب. قبل يوم واحد، تلقى البيت الأبيض طلباً من أولمرت بتوفير ذخائر: دليل آخر على أنَّ سلاح الجو الاسرائيلي فشل في ضرب قدرات حزب الله خلال الجولة الافتتاحية للحرب. شعر مسؤولو البنتاغون بالرعب من الطلب الاسرائيلي، لأن ذلك يعني ان اسرائيل استنفدت ذخائرها خلال الأيام الأولى للحرب. وبحسب ضابط أميركي فإن ذلك يعني أمراً واحداً: التفاف الحبل حول عنق الاسرائيليين.
ــ ظلت قناة المنار تبث في بيروت على الرغم من الغارات الجوية الاسرائيلية: دليل آخر على ضعف فعالية سلاح الجو الاسرائيلي الذي لم يستطع قطع إرسال محطة تلفزيونية.
ــ في 22 تموز، قاتل عناصر لواء «نصر» التابع لحزب الله الجنود الاسرائيليين في أزقة مارون الراس. كان القتال دموياً ولكن مقاتلي حزب الله لم يتزحزحوا. انتظر العديد من عناصر لواء «نصر» الاجتياح الاسرائيلي لأيام، وبسبب قدرة حزب الله على التنصت على الاتصالات الاسرائيلية، واجه الجيش الاسرائيلي مجموعات محصنة جيداً.
ــ تُظهر تقارير الحرب ان القوات الاسرائيلية لم تقدر على تأمين محيط مارون الراس التي لم تسقط بالكامل. وفيما استدعت اسرائيل الاحتياط، لم يكن حزب الله في حاجة الى ذلك. في هذا الإطار، قال خبير عسكري في المنطقة إن «لواء نصر المؤلف من 3000 مقاتل خاض الحرب وحده. ولم يضطر حزب الله الى تعزيز هذ اللواء».
ــ في 25 تموز، ذكرت اسرائيل ان أبو جعفر، المسؤول في حزب الله عن منطقة الحدود، قُتل في تبادل لإطلاق النار قرب مارون الراس. ذلك لم يكن صحيحاً. بعد انتهاء الحرب أدلى أبو جعفر بتصريحات علنية.
ــ بقيت بنت جبيل بأيدي حزب الله حتى انتهاء الحرب. ونجا المقاتلون من الغارات الاسرائيلية الجوية والقصف المدفعي.
ــ في 26 تموز، اعترفت القيادة الاسرائيلية بأن القتال في بنت جبيل كان الأشد في جنوب لبنان، فقررت إرسال لواء النخبة «غولاني». وفي غضون ساعتين، كان قد قُتل 9 جنود من غولاني وجُرح 22 آخرين. لاحقاً نشر الجيش الاسرائيلي فرقة من لواء المظليين في مارون الراس حيث كان القتال مع عناصر لواء «نصر» في يومه الثالث. وفي 27 تموز وافقت الحكومة الاسرائيلية على استدعاء 3 فرق إضافية تضم 15000 جندي. وبحلول 28 تموز، أصبح واضحاً فشل الجيش الاسرائيلي في وقف صواريخ حزب الله. في اليوم نفسه، نشر حزب الله صاروخاً جديداً من طراز «خيبر ــ 1» قادراً على ضرب العفولة.
ــ في 28 تموز، سرّب الموساد معلومات تشير الى قدرة حزب الله على القتال لأشهر طويلة، وتؤكد عدم تضرر قدراته العسكرية. رفض الجيش الاسرائيلي تقارير الموساد. وظهر الى العلن الصدع في المؤسسة الأمنية والعسكرية.
ــ بحسب خبير عسكري على علاقة بالبنتاغون، فإن قدرة سلاح الجو الأميركي (على شن هجمات على إيران) اهتزت بسبب الحرب الاسرائيلية على لبنان.
ــ أثبت مقاتلو حزب الله انضباطهم وتخصصهم. وبرهنوا على أنهم لا يقلّون شأناً عن ألوية النخبة الاسرائيلية. في 9 آب، أعلن الجيش الاسرائيلي مقتل 15 من جنوده وإصابة 40 آخرين في مرجعيون والخيام وكفركلا، هذا معدل إصابات مذهل.
ــ لم يستطع الجيش الاسرائيلي حماية آلياته في مواجهة صواريخ مضادة للدروع من الجيل الثاني، المصنوعة في عام 1973.
ــ نُقل عدد كبير من القوات الاسرائيلية جواً الى مناطق جنوبي الليطاني. كان يمكن أن يؤدي هذا الأمر الى كارثة. كانت مجموعات حزب الله تحاصر كل المواقع وكان في إمكانها سحق الجنود الاسرائيليين، ما لم يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
ــ تُظهر الأرقام ان الخسائر لدى حزب الله واسرائيل متساوية تقريباً. من المستحيل ألا يشيّع حزب الله شهداءه: أقام حزب الله 180 جنازة، وهو ما يقارب عدد القتلى في صفوف الاسرائيليين.
ــ هزيمة اسرائيل على يد حزب الله كانت حاسمة، ولكن الهزيمة السياسية للولايات المتحدة الاميركية، التي انحازت الى اسرائيل ورفضت وضع حد للحرب، كانت كارثية.
المعركة السياسية
يستهل كروك وبيري الجزء الثالث من دراستهما بالإشارة الى استطلاع للرأي في مصر، إبّان حرب تموز، أظهر أن أكثر الزعماء السياسيين شعبية هما حسن نصر الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
«شكل استطلاع الرأي تبرّؤاً من الرئيس المصري حسني مبارك الذي أطلق مواقف ضد حزب الله في بداية الحرب، ومن الملكين السعودي والأردني اللذين انتقدا الشيعة في محاولة لإبعاد العالم السني عن دعم ايران. ولكن في نهاية الحرب، كان هؤلاء يتدافعون مذعورين لإيجاد مخرج»، الى حد ان دبلوماسياً أميركياً في المنطقة تساءل «لم نسمع الكثير عن هؤلاء في الآونة الأخيرة، أليس كذلك؟».
النتيجة الأولى للمعركة السياسية، بحسب الدراسة البريطانية، هي أن «السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة تمر بصعوبات». وقد أكد أحد الدبلوماسيين الأميركيين هذا الأمر بقوله إن «الأبواب أغلقت في وجه الأميركيين في عمان والقاهرة والسعودية (بعد الحرب). وعندما كنا نتصل، لم يكن أحد يُجيب على اتصالاتنا».
كذلك، إحدى إشارات «الانهيار» السياسي الأميركي، كانت جولة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.
لائحة أخرى من الخلاصات يخرج بها كروك وبيري في الجزء الأخير:
ــ أولاً: إنَّ انتصار حزب الله أثبت أن في الإمكان هزيمة اسرائيل أو أي قوة غربية متطورة عسكرياً في معركة مفتوحة، إذا ما استُخدمت تكتيكات عسكرية مناسبة على مدى طويل.
ــ ثانياً: أثبت انتصار حزب الله للشعوب في العالم الإسلامي ان الاستراتيجيا التي تتبعها الحكومات العربية والمسلمة في استرضاء الولايات المتحدة من أجل الحصول على مكافآت سياسية، لا ولن تجدي نفعاً.
ــ ثالثاً: ان انتصار حزب الله كان له تأثير محطم في حلفاء أميركا في المنطقة. إن الدعم الشعبي لحزب الله على امتداد العالم العربي وضع الزعماء العرب الأقربين الى أميركا في موقع حرج. إن أي تآكل آخر في موقع هؤلاء الزعماء قد يؤدي الى فقدانهم السيطرة على بلادهم. وبالتالي، يبدو ان الملكين السعودي والأردني ومبارك لن يدعموا أي برنامج أميركي يدعو إلى الضغط العسكري أو السياسي أو الاقتصادي على إيران. لأن من شأن أي حرب على ايران في المستقبل أن تؤدي الى عزل حكومات مصر والأردن والسعودية.
وإن أي ضربة للمنشآت النووية الإيرانية سترد عليها ايران بإطلاق صواريخ على منشآت اسرائيل النووية. لن يستطيع أحد التنبؤ برد الفعل الاسرائيلي، ولكن من الواضح (تبعاً لموقف بوش خلال حرب تموز) أن الولايات المتحدة لن تفعل أي شيء لوقف اسرائيل. وسينهار بيت الزجاج في منطقة الخليج الفارسي بفعل الصواريخ الايرانية. وهنا تجدر الإشارة الى ان الملاحظة الوحيدة في دوائر الاستخبارات الاميركية هي ان اسرائيل، وليس حزب الله، هي التي كانت تبحث عن مخرج للحرب بحلول 10 آب.
ــ رابعاً: إن انتصار حزب الله أضعف في شكل خطير الحكومة الاسرائيلية. تعتقد اسرائيل أنها خسرت قوة ردعها وأن عليها استرجاعها. بعض المسؤولين الاسرائيليين في واشنطن يؤكدون ان المسألة هي مسألة وقت فقط. تحتاج اسرائيل الى سنوات طويلة من أجل إعادة بناء قدراتها العسكرية والاستخبارية.
ــ خامساً: ان انتصار حزب الله وضع حداً لأي أمل في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. يبدو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في موقع أضعف حتى من مواقع زعماء مصر والأردن والسعودية، والدعم الشعبي لحماس في تصاعد.
ــ سادساً: أسفر انتصار حزب الله عن عمى شديد في القيادة السياسية الاسرائيلية إزاء وقائع وضع اسرائيل الجيوستراتيجي. في منتصف الحرب تبنّى أولمرت منطق بوش في كلامه على الحرب على الإرهاب بإشارته الى خطر حزب الله كجزء من محور الشر. إن سياسة الولايات المتحدة واسرائيل جمعت بين الجماعات الاسلامية التي تريد المشاركة في العمليات السياسية في بلادها وبين التكفيريين والسلفيين.
ــ سابعاً: موقع حزب الله في لبنان أصبح أقوى بكثير كما هي حال حلفائه. وتعزز موقع الزعيم المسيحي ميشال عون. أما القيادة السنية فهي أمام خيارين اثنين: تأليف حكومة وحدة وطنية أو الذهاب الى انتخابات مبكرة. ولا يحتاج الأمر الى عبقري سياسي لمعرفة أي خيار سيتّبعه سعد الحريري.
ــ ثامناً: موقع ايران في العراق قد تعزز. في منتصف الحرب، حذر وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في مجلس خاص من أن عدوانية اسرائيل ستؤدي الى نتائج رهيبة تضر بالجيش الاميركي في العراق حيث تتزايد المعارضة الشيعية السياسية والشعبية.
لقد علمنا ان البنتاغون ووزارة الخارجية لا يدركان كيف يمكن الحرب في لبنان التأثير على وضع أميركا في العراق، لأنهما لم يطلبا ملخصاً من الاستخبارات الاميركية عن هذا الموضوع. يبدو ان الولايات المتحدة تبدد مليارات الدولارات سنوياً على جمع المعلومات وتحليلها.
ــ تاسعاً: تعزز موقع سوريا، وفشل المشروع الفرنسي في لبنان.
من غير الممكن تأليف حكومة لبنانية معادية لسوريا وموالية لأميركا بعد الآن.
ــ عاشراً: من الواضح الآن أن أي ضربة عسكرية أميركية لإيران لن تجد دعماً كبيراً في العالم الإسلامي. وقد تواجه برد فعل عسكري يطيح قوة الولايات المتحدة في المنطقة. إذا ما شنت الولايات المتحدة هجوماً على الحكومة الايرانية يبدو ان أصدقاء أميركا في المنطقة سيسقطون، وستهتز دول الخليج العربي من الخوف، وسيصبح 138 ألف جندي أميركي في العراق أسرى لدى الشيعة، وسترد إيران بضرب اسرائيل. سنجرؤ الآن على قول الآتي «حين يقع هجوم كهذا، ستُهزم الولايات المتحدة».
الخلاصة
إن انتصار حزب الله في الحرب مع اسرائيل أكثر دلالة مما يظن الخبراء في أوروبا وأميركا. قوة اسرائيل وأميركا قد تلطخت، وقيادة جديدة تنشأ في الشرق الأوسط.