إلهام منصور *
منذ بدء الحرب الاخيرة على لبنان وحتى الساعة، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني يعلن ويصرح بأنه يريد قتل سيد المقاومة، السيد حسن نصر الله.
هل هناك من شيء أوضح من الاعلان والتصريح للقيام بعمل ما؟ ألا يعني ذلك ان اغتيال السيد، إذا تم، لا سمح الله، هو جريمة بكل ما للكلمة من معنى؟، جريمة عن سابق قصد وتصميم تستأهل أشد العقوبات حتى في أقل القوانين عدالة؟ طبعاً إنه جريمة، لكن أليس التصريح بإرادة القتل هو أيضاً جريمة؟
وهل لا يُلاحق من يقوم بتصريح كهذا؟ إذاً لماذا السكوت عنه؟ لماذا لا نسمع أي كلمة، ولو تعليقاً، على الموضوع، إن لم نقل استنكاراً وشجباً؟ لا نسمع شيئاً في الخارج ولا في الداخل.
أين الامم المتحدة، أين بوش ورايس وشيراك وبلير وكل الذين أهلكوا نعمتنا بدروسهم عن الحرية والديموقراطية والعدالة وال... ألا يعتبر هذا التصريح انتهاكاً للحرية والديموقراطية والعدالة، أم لهذه المفاهيم مضامين تتلون وفقاً للمصالح السياسية؟ لكن إن سكت المجتمع الدولي عن الموضوع، فأين صوت الداخل؟ لماذا لم نسمع، حتى الآن، أي اعتراض أو شكوى أو محــــــاولة انشاء محــــــــــكمة دولية أو ذات طابع دولي مثلاً لبحث الأمر؟ هل القـــــــتل يختلف عن التصريح بنية القتل؟ نعــــــــم يخــــــــتلف، إذ في القـــــــتل يبقى القاتل والمخطط والمنـــــــــــتفذ مجهولين الى اكـــــــــتشافهم بواسطة التحقيق، بينما التصريح بنية القتل هو واضح وبيّن والفاعل مـــــعروف.
لماذا إذاً السكوت وماذا يعني؟ هل هو فعل سياسي يفوق قدرة العامة مثلنا على فهمه؟ أين جماعة 14 شباط من تصريحات أولمرت؟ هل سكوتهم يعني التواطؤ معه؟ وإن افترضنا جدلاً انهم كذلك وعذرنا سكوتهم، حتى لا نقول قبولهم وتشجيعهم للموضوع الذي في رأيهم ينهي الأمر من جذوره، فأين جماعة 8 آذار ولماذا يسكتون؟ لماذا يتعاطون مع هذه القضية وغيرها من الداخل كأنهم يكفّرون عن ذنب لم يقترفوه؟ لماذا تهاجمهم الأكثرية النيابية التي افترضنا انها متواطئة، وهم يصمتون؟ انهم بسلوكهم هذا كأنهم يؤكدون أن لرغبة أعـــــــــداء الخارج وخــــصوم الداخل مبرراً.
إنهم يتعاملون مع هذا الامر وسواه من الامور الداخلية كالزوجة الشريفة التي يتهمها زوجها الخائن، للتستّر على خياناته، بأنها خائنة، وهي تحاول فقط ان تبرر نفسها من دون فضح خياناته. لماذا هذا السلوك التبريري؟ أي ذنب اقترفتم؟ هل الانتصار على أقوى جيش في الشرق الأوسط هو عيب؟ هل تلقين العدو درساً لن ينساه هو مذلة؟ هل تلقين العرب، كل العرب، دروساً في المقاومة ودحر العدوان هو مهانة؟ أم التحالف معكم لأغراض انتخابية ثم خيانتكم هو العيب؟ أم التواطؤ مع العدو هو المذلة؟ أم مطالبتكم بتسليم سلاحكم وأنتم في عزّ المعركة هي المهانة؟ يا لغرابة الأمور وفظاعة ما نشهد!! إن الخائن والمجرم والمتواطئ والمختلس و... يرفع رأسه وصوته بكل فجور غير آبه إلا بمصالحه الآنية السلطوية وبأوامر سفراء الدول الكبرى الأجنبية والعربية على السواء، ومن تحالف بصدق ثم طُعن في الظهر ومن حارب بصدق وانتصر، يخفي رأسه ويسكت صوته صوناً للوحدة الوطنية وكأنه هو وحده المسؤول عن هذه الوحدة. فكلما استمر الصمت ازداد الفجور، وكلما ازداد الفجور تراكم الضغط على النفوس، والضغط على النفس ينذر بما لا تحمد عقباه من فتنة وانفجار.
أما نفذ صبركم بعد أيها الصامتون، أم أنتم ورثة أيوب في هذا العصر؟
* استاذة الفلسفة في الجامعة اللبنانية