فادي عبود *
يعتقد البعض أن التعاطي مع الشأن البيئي في لبنان بعيد عن التجاذبات السياسية ويعتمد على العلم المجرد، وبالتالي يعتمد الحلول البيئية المتعارف عليها المعتمدة في اوروبا وأميركا. هذا هو الاعتقاد.البيئية العلمية فليس من الواضح من المسؤول عنها. واللافت للنظر أن المدير العام للبيئة، الذي نكنّ له كل احترام كناشط بيئي يعتمد على الشفافية والصدقية في عمله، تمّ تعيينه مديراً عاماً بالوكالة للتنظيم المدني وكأن الشأن البيئي ليس في حاجة الى كل وقت المدير العام!
بالنسبة إلى عمليات التدوير، نحن نرى أن أغلبية بلدان العالم الغربي تعتمد على إعفاءات ضرائبية وهبات لتشجيع هذه الصناعة من جهة، وعلى ضرائب مباشرة لتشجيع الفرز وإعادة التصنيع من جهة أخرى.
والتلوث البيئي موضوع آخر. فلم نفهم التسلسل المنطقي والعلمي المعتمد في لبنان بالنسبة إلى هذا الموضوع، ولم نفهم قرارات الحكومة السابقة والحالية بشأنه، فأوروبا تتجه اكثر وأكثر لاستعمال محركات السيارات العاملة على المازوت الاخضر EN 590. السيارات الحديثة العاملة على المازوت والتي تعتمد محركات Euro 4 تعدّ أقلّ تلويثاً من محركات البنزين، ولا سيما أن السيارات العاملة على المازوت تستهلك طاقة أقلّ بنحو 35% من السيارات نفسها العاملة على البنزين، وهذه لا تعمل أبداً على المازوت الصناعي، لذا لا خوف من استعمال المازوت الصناعي والمازوت المهرب لتسيير هذه السيارات، فهل سبب منعها بيئي ام ضرائبي ؟ والأنكى أن وزارة البيئة لم تتحرك أبداً للسماح باستيراد سيارات Hybrid الممنوع استيرادها الى لبنان لأن هناك قانوناً يمنع استيراد سيارات تعمل على محركين، وهذه السيارات تعمل على البنزين والكهرباء ويصل مداها الى اكثر من 400 كلم لكل صفيحة بنزين. هذه ممنوع استيرادها الى لبنان والوزارة تتفرج، علماً أن هذه السيارات هي من الأنظف بيئياً.
سنسلّط الاضواء على موضوع تحويل النفايات الى طاقة، وقد نفتح باب الحوار على موضوع المحارق. قبل البدء بالتفاصيل، سنذكر أن الدنمارك، البلد الاوروبي المعروف باحترام البيئة، يدوّر 32% من نفاياته لإنتاج الطاقة، وهذه تؤمّن التدفئة لـ 360000 منزل، والكهرباء لـ 430000 منزل من خلال مصانع لإنتاج المياه الساخنة والكهرباء. في الواقع إن المدارس والمنازل تبنى خصيصاً حول ما يسمّى مصانع EFW أي Energy from Waste (طاقة من النفايات)، ونحن في لبنان لا نجد نطاقاً بلدياً واحداً يقبل بالبحث في موضوع المحارق لأن أحداً لم يكلف خاطره التمحيص العلمي في هذا الموضوع.
وبالإضافة الى الدنمارك، فإن السويد، والنمسا، وسويسرا وألمانيا وبريطانيا كلها تعتمد على مصانع EFW، وهذه تناقض نظرية بعض نشطاء البيئة في أن الحرق مشكلة وأنها طريقة لا تعتمد المعايير البيئية، وهذه النظرية معتمدة في لبنان برغم عدم صحتها. وفي الواقع، لم يجر البحث مثل هذه المشاريع منذ اكثر من 20 سنة وخاصة بعد مشكلة محرقة برج حمود، إذ أصبحت فكرة المحرقة «وسخة» ولا أحد يريد «توسيخ» يديه بهذا الموضوع. إن الاساليب المعتمدة في عمليات تحويل النفايات الى طاقة تخضع لشروط بيئية قاسية كما تخضع الى الرقابة وتعدّ الافضل بيئياً للتخلص من النفايات. الحرق المباشر هو احد الاساليب المتبعة، والأسلوب الآخر هو Gasification، حيث تحرق النفايات لكن من خلال ضبط كمية الهواء المستعمل او طريقة Pyrolysis إذ توضع النفايات في خزانات مسحوب منها الهواء وتسخّن لحين تحللها، عندها ينتج منها غاز طبيعي. وكل هذه الاساليب اصبحت معروفة وتستعمل لإنتاج الكهرباء في العالم.
سننهي ببعض الافكار طالبين من اهل السياسة تبنّيها:
1) تحفيز ضرائبي لكل من يركّب سخّانات شمسية وتدفئة على Heat Pumps تعتمد على حرارة الارض ، ويعزل البناء بالطرق العلمية.
2) ليس فقط السماح باستيراد سيارات Hybrid بل إعفاؤها من الرسوم الجمركية وخفض رسوم التسجيل.
3) وضع ضرائب على تمر النفايات لإجبار شركات جمع النفايات على فرزها وتأمينها للمصانع بأسعار تشجيعية.
4) تكليف المواطن ضريبة جمع نفايات إذا لم يضع النفايات في المستوعبات الخاصة المفروض تأمينها لكل نوع نفايات على حدة، والقيام بحملة اعلامية ذكية ومكثّفة عن اهمية الفرز.
5) تقديم حوافز ضريبية لمصانع التدوير.
6) تقديم حوافز ضريبية لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة Renewable Energy ومنها الهواء، الأمواج، الشمس، حرق النفايات وغيرها، وتحرير قطاع إنتاج الكهرباء كلياً».
7) وضع رسوم ميكانيك على اساس «صداقة» المركبة الآلية للبيئة، ترتفع على السيارات الملوثة وتخفض على السيارات الأقلّ تلويثاً».
نكتفي بهذه النقاط في انتظار من يتبنّى... وللبحث صلة.
*رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين