غسان سعود
يفرض المجتمع المسيحي على سياسيي الرابع عشر من آذار، الإجابة عن 12 سؤالاً بوضوح مقنع قبل البحث في احتمال تغيير الخيار السياسي الذي تبنّاه المجتمع المسيحي منذ أكثر من عام ونصف عام. ويزداد، مع الوقت، انسجاماً مع نفسه في صياغة استمراريته، وفقاً لبعض المحلّلين السياسيين المحايدين. يتعلّق السؤال الأول بما وصل إليه مشروع «الدولة اللبنانية» التي يأمل المسيحيون في قيامها منذ ثورتهم على الانتداب الفرنسي، والتي أعاقت قيامها الدول الكبرى وفي مقدمها الولايات المتحدة، وتشتدّ حدّة المسيحيين في طرح هذا السؤال عند استعادة ما يعتبرونه «غدر» حلفائهم المسلمين في 14 آذار، الذين اختاروا «مرّة جديدة» مصالحهم النيابية والسلطوية على حساب «مشروع الدولة»، الذي عُلّق العمل به مرة جديدة نتيجة التسويات المعروفة، التي أدت إلى سؤال ما زال هاجسه يخيّم على المسيحيين، يتعلّق بالانقلاب المفاجئ على التقسيمات الانتخابية العادلة من بعض مسيحيي 14 آذار «النوعيين» و«غير العدديين». ويتناول السؤال الثالث حجة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة و“أتباعه المسيحيين” في تفضيل الرئيس إميل لحود على العماد ميشال عون عند تأليف الحكومة. وإذ يسكت المسيحيون عن تهميش ممثّلهم الرئيس ومحاولة عزله، يسألون رابعاً عن سبب الحصار المفروض على قوى 14 آذار المسيحية من قبل حلفائهم، ومصادرة حقوق المسيحيين في مواقع إدارية ووظيفية عدة، ويطلبون من حزبي الكتائب و“القوات اللبنانية” وما تبقى من لقاء قرنة شهوان توضيح سبب عدم مطالبتهم لشريكهم المفترض بتوزيع عادل لـ“مغانم السلطة”. ويسأل المجتمع المسيحي عن سبب عدم قبول استقالة وزير الداخلية حسن السبع، على رغم مرور نصف عام على تقديمها، ويسألون عن البديل “الآذاري” من الدولة المدنية التي تم التفاهم على السعي لإقامتها بين التيار الوطني الحر و“حزب الله” في البند الأول من وثيقتهم المشتركة، وخاصة مع ازدياد الكلام على “المشروع السنّي المستقبلي” الذي تبرز في لبنان ملامح عملية لتحقيقه أكثر بكثير من المعطيات الشعرية حول مشروع “الجمهورية الإسلامية في لبنان”. ويتناول السؤال الثامن، سبب “الجمود السوري” من قبل الحكومة اللبنانية تجاه البدء بالمحاسبة ومعالجة ملف المعتقلين في السجون الإسرائيلية والسورية، وإنهاء ملف مزارع شبعا بالطرق الديبلوماسية، وإصلاح القضاء وسائر مؤسسات الدولة. أما السؤال التاسع فيتركّز على سبب تجاهل الحكومة اللبنانية، شبه المقيمة في مجلس الأمن، لتمنّي العماد ميشال عون الطلب من مجلس الأمن إصدار قرار دولي يمنع توطين الفلسطينيين في لبنان. ويسأل المسيحيون عاشراً عن سبب عدم ظهور أيٍّ من مسيحيي 14 آذار خلف المنابر في القصور الرئاسية الأجنبية حيث يواظب سنّة الأكثرية النيابية ودروزها على عقد المؤتمرات الصحافية إلى جانب رؤساء الدول والحكومات، وعن سبب عدم وجود وزير مسيحي واحد في الوفد الوزاري السباعي الذي توجّه إلى روما “عاصمة المسيحيين” في الأيام الأولى للعدوان.
ويطلبون إجابة مقنعة عن سبب إصرار “تيار المستقبل” والحزب التقدمي الاشتراكي على تفريغ الرئاسة من قيمتها، والمجيء برئيس للجمهورية ضعيف، وسط “تواطؤ” مسيحيي الأكثرية النيابية. وينتهي المسيحيون في سؤالهم الثاني عشر بالاستفهام عن مغزى الازدواجية الحكومية في التعاطي مع “حزب الله”، والدافع الذي يشجّع المسيحيين الذين ذاقوا مرّ القمع خمس عشرة سنة على القبول بتحويل اللبنانيين الشيعة “كبش فداء” لمرحلة الوصاية السورية، وإذلالهم كما أُذلّ المسيحيون قَبلَهم، ومن الطرفين السياسيين نفسيهما.
وتعتقد غالبية المسيحيين تعتقد بأن الإجابة عن هذه الأسئلة تبدو مستحيلة بالنسبة إلى سياسيي 14 آذار .