لتعمّ التجربة
الحمد لله الذي أمدّ بأعمارنا لنرى ونشهد، ما لم نشهد مثيلاً له من قبل. هو الإيمان العظيم الذي أتاح انتصار المقاومة الاسلامية العربية، على اسرائيل، برغم قلة الإمكانات.
الجميل أن الوحدة الوطنية الشعبية تجسّدت باستضافة اللبنانيين لبعضهم البعض، ورأينا كيف أن لبنان بجميع مناطقه وطوائفه ومذاهبه استقبل أهل الجنوب في مثال وطني نادر.
المثال الأبرز في دعم الصمود عبّرت عنه مواقف التيار الوطني الحر، الذي سارع الى احتضان المهجّرين، لقد حافظ الجنرال بذلك على وحدة لبنان ولحمة شعبه، وخفّف من غلواء من لا يريد لزعامة الموارنة إلا أن تكون أسيرة الديماغوجية العمياء، أو رهينة التعصب المعقودة على «الحزب» أو «العائلة» أو المركز الموروث.
الحمد لله الذي أمدّ بعمرنا لنرى المؤامرة المتعددة الأطراف الداخلية والخارجية تفشل.
بعض هؤلاء يحاول اليوم إجهاض الانتصار، بالكلام التهويلي عن حجم الخسائر التي أصابت البلد، متناسين ما فعلته أيديهم من خراب وإفقار وتهجير طوال خمسة عشر عاماً، وكانوا ذراع الوصاية السورية، وكانت لهم حصة الأسد في الهدر والسرقة وتوزيع المغانم حتى بلغت الديون 49 مليار دولار.
إن لبنان اليوم محاصر، وما زالت القوى التي حاربت المقاومة جميعها تعمل في الخفاء والعلن لكسر شوكة المقاومة ووضع لبنان تحت السيطرة الاسرائيلية. ولدينا مثل صغير على ذلك، فنحن محاصرون جواً وبحراً وبراً، في محاولة لقتل اقتصادنا ولخلق حرب أهلية.
فلننزع فتيل الحرب والموت الاقتصادي البطيء ولنحفظ مقاومتنا الشريفة داخل جيشنا العظيم.
لتنضم فصائل المقاومة الى جزء من الجيش اللبناني، وليكن حرس وطني يطبق تدريب وتكتيك واستراتيجية المقاومة فتعمّ التجربة وتعمّم الفائدة، فنحن في لبنان ما زلنا بحاجة الى رجال المقاومة وقيادتها وأسلوبها داخل حرس وطني من جميع المذاهب والطوائف بجزء من جيشنا الوطني العظيم.
إن المقاومة هي السبيل لردع اسرائيل وإيقاف أطماعها ودرء خطر التوطين عن بلادنا ولإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد.
فهل نعي الخطر، ونبدأ المعالجة قبل أن تداهمنا الأخطار.
محمد أنيس النصولي

على وقع الدم

دم ودموع، صراخ وعويل، صوت قنابل، وصواريخ لا تدري أين ترقد لتبعث الموت الشنيع.
هي حكاية في وطني، تكتب بجفون الأطفال النائمة وقلوب الأمهات القلقة وحيرة الآباء. «هي حكاية يرفض من يستمع إليها أن يصمت قليلاً لتنتهي بعبرة، فكأني به يعرف العبرة منها قبل أن تبدأ، ويعلم جيداً أن العبرة تثير امتعاض وتقاعس أحلامه ورؤيته للحياة، فيحاول إيقاف السرد، ليكون له من الكلام نصيب. فأهل الحكاية تناسوه وجعلوه متفرجاً ومصغياً، فلا قيمة لكلامه ولا مغزى منه.
وحتى إنه لا يفقه في أي من صورها، فصورها لا تمت لعاداته وسلوكه ومفاهيمه بصلة، لكنه رغم ذلك يرفض أن يصمت، وكل هذا على وقع الدم».
في وطني لم أكن أعلم أن أحداً من أبنائه قد يترك أحبّته ويذهب ليمزق أجساد المغتصبين. في وطني أيضاً لم أكن أعلم أن هناك من يرفض مواجهة الغطرسة.
في وطني لم أعرف أن الحقد أو حبّ التملك والسيطرة يطغى على قراءة السلام على الشهداء وشتم العدو بل وضربه أيضاً.
في وطني ما زال هناك من يشكك في حقيقة أن أحداً قد يقدم روحه لأجل حرية الوطن وبقائه،
إذا كانت هذه الدماء بسيطة وصادقة، وهي كذلك، أيها الخائفون على الوطن ومصالحه، فنحن نقول لكم إن الحياة الحرة الكريمة لا تبنى على الكلام. إن العمل الحقيقي والفعال هو الذي أنشأ الدنيا، وبالتالي سواعد اللبنانيين. وعرق الجبين الذي لا يهان هو الذي خلق لبنان بعزته وكرامته وكلمته وحتى بالدم.
محمد علي المسمار