تتوجَّه «ندوة العمل الوطني»، في هذا الظرف الخطير الذي يتخبَّط فيه ناس الوطن، ومن التزام «الندوة» بالمنطلقات التي نهضت عليها منذ أكثر من أربعين سنة، والتي أرساها لها منهجُ دولة الرئيس الدكتور سليم الحُصّ، إلى اللبنانيين جميعاً؛ كلٌّ في موقعه وضمن مسؤولياته، بدءاً من مقام فخامة رئيس الجمهوريَّة، وهو وفاقاً للدستور، رمز الدولة؛ ومن السلطة التشريعيّة، ممثَّلة، بالمجلس النيابي، عبر دولة رئيسه الموقَّر؛ ومن السلطة التنفيذيّة، ممثَّلة بحكومة تصريف الأعمال الراهنة، عبر دولة رئيسها المُكرَّم؛ ومن دولة الرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة العتيدة؛ وكذلك من أهل السياسة والفِكر والثقافة والاجتماع كافَّةً، بأشخاصهم وممثَّلين، كذلك، بمؤسَّساتهم وهيئاتهم النقابيَّة، ومن سائر الشعب اللبناني، بـ«الكتاب المفتوح» التالي:أيُّها اللبنانيون،
إنّ في ما يشهده بلدنا حالياً، وتعيشه غالبية اللبنانيين الساحقة، من تشرذمٍ سياسيٍّ وقلق مصيريٍّ وطنيٍّ وسياسيٍّ واضطرابات أمنيَّةٍ، ما انفكَّت تتفاقم حالياً في أنحاء عدَّة من البلاد؛ ما هو إلّا النتيجة الحتميَّة والمباشرة، لما تعانيه الدولة من تراخٍ غير مسؤولٍ تجاه أي سعيٍ جادٍّ إلى تشكيل حكومةٍ تعمل على لَجْمِ الانكفاء السياسي العام الحاصل، وما يلحق به من نُكوصٍ مرعب، في مساحات الفاعليَّة الإيجابيَّة، للمجالات الماليّة والاقتصاديّة والصحيّة. إنَّ في هذا جميعه، ما يؤكِّد، للقاصي والداني، أنَّ البلد مُقبلٌ، بكُليَّته، على اضمحلالٍ معنوي وعُسْرٍ سياسي وفقر مالي وضعف اقتصادي وبؤسٍ اجتماعي، لم يشهد تاريخُه العريق لأيٍّ منها مثيلاً.
ترى «الندوة» أنَّه وإن كان كثير من أهل الفكر في لبنان قد حذّروا، وطيلة عقود من الزمن، من أنَّ الوضع العام في البلد ينجرف نحو شفير الهاوية؛ فها أنّ اللبنانيين، على اختلاف مناطقهم وتنوّع توجّهاتهم السياسية، لا يجدون ذواتهم وأعمالهم وتطلُّعاتهم إلّا وقد صارت في الهاوية، وليس عند شفيرها على الإطلاق. وإنْ كان بعضٌ من أهل الرأي والعاملين في الحقل العام، يرى أنّ لا جدوى من أيّ إصلاحٍ، في ظلّ نظام المحاصَصة الطوائفيَّة الفاسِدِ المعمول به حاليّاً؛ وأن لا مناص من تركه يتهاوى.
إنّ ما يشهده بلدنا حالياً ما هو إلّا نتيجة ما تعانيه الدولة من تراخٍ غير مسؤولٍ تجاه أي سعي جادٍّ إلى تشكيل حكومة


إنَّ هذا التوجُّه لا يمكن أن يكون مؤشِّرَ خيرٍ إلى فاعليّةِ مبادئ «المواطنة» ومفاهيمها، التي تؤمن بهما «ندوة العمل الوطني» منذ تأسيسها، ركيزةً لا غنى عنها للنهوض الوطني والسياسي والاجتماعي في لبنان؛ إذ بات واضحاً، لكثير من اللبنانيين، أنَّ الهاوية التي وقع الوطن في مزالقها، ليست سوى هاوية لا قعر لها ولا قرار؛ بل هاويةُ انحدار مستمرٍّ واندحارٍ متعاظم، لا مُنتهى لها إلّا بتلاشي كلّ ما قام عليه لبنان من رؤىً حضاريَّة وقِيَمٍ ثقافيَّة ومفاهيم وطنيَّة. وإنَّ «ندوة العمل الوطني»، مِن الذين يرونَ بأنَّهُ يقتضي النهوض إلى العمل الجاد، في سبيل إرساءٍ عمليٍّ لنظامٍ سياسيٍ بديلٍ، يهدف في آخر المسار، إلى بناء دولة مدنيّة ديمقراطيّة، على أُسس حكم القانون والعدالة والتنمية والثقافة النهضويّة ومقاومة العدوِّ الصهيوني الغاصب.
من هنا، فإنَّ «ندوة العمل الوطني»، تتساءل، مع غالبيّة اللبنانيين، إذا ما كانت الجماعات المتحكِّمة بسلطة القرار الرسمي في البلد، باتت غير قادرة على الوقوفِ بحقٍّ عند ما تفرضه عليها مسؤوليّاتها، في تَنَكُّب مقاليد السلطة واتّخاذ القرارات باسم الشعب في لبنان؛ فإن «الندوة» تؤكد على الحاجة الوطنيّة القصوى إلى العمل على تأمين ضروريات المعيشة، بتنظيم دعم الرغيف والدواء وضروريات الحياة الأخرى؛ كما ضرورة النظر في موضوع تعديل قانون الانتخاب ليكون أكثر عدالة وتمثيلاً.
بناءً عليه،
إنَّ «ندوة العمل الوطني»،
وتأسيساً على التوجُّه العام للدستور اللبناني، القائم على أنّ «الشعب هو مصدر السلطات»؛
ومن خلال تطبيق الأصول المعاصرة للمفاهيم الديمقراطيّة، التي تحترمُ مفاهيم الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص؛
وانطلاقاً من مفاهيم «المواطنة» التي تؤمن بها «الندوة»، وتسعى إلى تحقيقها، في بلد يتساوى فيه جميع أبنائه في الحقوق والواجبات، ضمن المبادئ السامية للعيش الإنساني المعاصِر؛
تدعو اللُّبنانيين جميعاً، إلى التلاقي الوطني الفعلي والجامِعٍ، معها؛ في قيام «مؤتمر وطنيٍّ دائم»، ينهضُ إلى تحقيق مبادئ «المواطنة» وقِيَمِها ومفاهيمها، وضمن معطيات الدستور اللبناني؛ للعمل المشترك والمنظَّم لخلاص البلد ممّا يعانيه، والسعي الرصين والمسؤول إلى نجاته من مآسي هذا الوقوع الضالّ والمُخزي والخاسر في هوَّةِ انحدارٍ عامٍّ لا قرار لها، وذلك بالعمل الفوري، على تشكيل حكومة قادرة على:
1) التأمين الفوري لضروريات المعيشة، بتنظيم دعم الرغيف والدواء وسائر الضروريّات التي لا غنى للإنسان عنها.
2) متابعة التحقيق الجِدّي والمسؤول والشفّاف في مسألة الأموال المنهوبة والتفجيرات التي حصلت في مرفأ بيروت.
3) النظر في موضوع تعديل قانون الانتخاب ليكون أكثر عدالة وتمثيلاً.

عشتم وعاش لبنان