عطفاً على البيان السابق الصادر عن حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان حول قضيّة مشاركة الجامعة اللبنانيّة، برئاسة رئيسها فؤاد أيّوب، في مؤتمر ومعرض «إيدك- دبي 2021» ؛ولمّا كان المكتبُ الإعلاميُّ للجامعة اللبنانيّة قد أصدر بياناً نفى فيه «مشاركةَ هيئاتٍ رسميّةٍ أو وفودٍ تابعةٍ للعدوّ الإسرائيليّ في المؤتمر المذكور»، ثم عاد وأصدر بياناً جديداً أشار فيه إلى أنّ الجامعة «وفي إطار مشاركتها في مؤتمر الإمارات الدوليّ لطبّ الأسنان (ايدك-دبي 2021) ومعرض طبّ الأسنان العربيّ، قد اتّخذتْ التدابير كافّةَ ذاتِ الصلة بموضوع مقاطعة العدوّ الإسرائيليّ»، وهو ما يشي بإقرارٍ ضمنيٍّ (متأخّر) بمشاركةِ إسرائيليّين في المؤتمر والمعرض المذكوريْن.
فإنّنا، وحرصاً على الحفاظ على دور جامعتنا الوطنيّة التوعويّ والثقافيّ وتنميةِ الالتزام بالمبادئ والقيم والثوابت الوطنيّة، نضع أمام أهل الجامعة، إدارةً وأساتذةً وطلّاباً، وأمام الرأي العامّ اللبنانيّ والعربيّ وأنصارِ مقاطعة الصهيونيّة في العالم، معلوماتٍ إضافيّةً، مرفقةً بالمراجع كافّة ذاتِ الصلة. كما نتطرّق إلى وجود ممثّلين عن جامعاتٍ لبنانيّةٍ أخرى في اتحادٍ يشمل إسرائيليّين، وإلى اجتماعٍ افتراضيٍّ سبق «ايدك-دبي» وجمع ممثّلي تلك الجامعات بممثّلين إسرائيليّين.

1) فالاتحاد (أو التحالف) العلميّ العالميّ لطبّ الأسنان GSDA، ومركزُه دبي، يضمّ من بين أعضائه «نقابةَ أطبّاء الأسنان الإسرائيليّة» ، ولكنّه يضمّ أيضاً العديدَ من النقابات والجامعات العربيّة، ومن بينها: الجامعةُ اللبنانيّة – كلّيّة طبّ الأسنان، والجامعةُ الأنطونيّة، وجامعةُ القدّيس يوسف، وجمعيّاتٌ لبنانيةٌ وعربيةٌ أخرى. كما يضمّ، من بين أعضاء مجلسه الاستشاريّ، البروفسور زياد سلامة، منسّقَ الصحّة والعلوم الطبّيّة في مكتب العلاقات الخارجيّة ومديرَ مركز الأبحاث في كلّيّة طبّ الأسنان في الجامعة اللبنانيّة.
فهل يعقل أو يجوز أن لا تَعْلم النقاباتُ والجامعاتُ العربيّة، واللبنانيّةُ ضمناً، وأن لا يعلم زياد سلامة (الذي تظهر صورتُه على الصفحة الرئيسة)، بانضمام ممثّلين عن الكيان الصهيونيّ إلى «الاتحاد (أو التحالف)» المذكور، أي GSDA، قبل المسارعة إلى المشاركة في اجتماعاته؟ ولماذا لم يتمّ تعليقُ العضويّة اللبنانيّة بعد انضمام نقابة الأطبّاء الإسرائيليّة؟
هذه فرصةٌ جديدةٌ كي نأملَ من الجميع التحقّقَ من هويّة المشاركين قبل الموافقة على الانضمام إلى أيّ اتحادٍ أو مجلسٍ استشاريّ أو تنفيذيّ أو اجتماع يضمّ ممثّلين عن كيان العدوّ. ذلك لأنّ هذه المشاركة شكلٌ من أشكال التطبيع، لكونها «تبيِّض» صفحةَ الاحتلال والقتل والتهجير الإسرائيليّ من خلال تقديم الإسرائيليين «رُسُلاً» للطبّ والإنسانيّة والتعاون والتقدّم العلميّ والمهنيّ والأكاديميّ.
2) في 6 شباط 2021، أيْ قبل انعقاد مؤتمر إيدك-دبي في نهاية حزيران، انعقد – افتراضيّاً - الاجتماعُ السنويُّ الثامن عشر للاتحاد المذكور، وحضره ممثّلون عن مؤسّساتٍ ونقاباتٍ وجامعاتٍ من مختلف أنحاء العالم. استهلّ الاجتماعَ الرئيسُ التنفيذيُّ للاتحاد و«إيدك-دبي» الدكتور عبد السلام المدني، فقال: «بفضل التطوّر الكبير الذي يشهده قطاعُ التكنولوجيا، فإنّنا نجتمع مجدّداً على منبرٍ واحدٍ وهدفٍ واحد، وهو الارتقاءُ بهذا القطاع وهذه المهنة، ألا وهي مهنةُ طبّ الأسنان وصحّة الفم». وناقش الحاضرون الاستعدادَ وجاهزيّةَ دبي لاستضافة مؤتمر ومعرض ايدك-دبي 2021.
ما يهمُّنا هنا أنّ هذا الاجتماعَ الافتراضيّ حضرتْه نقابةُ أطبّاء الأسنان الإسرائيليّة، عبر نقيب أطبّاء الأسنان الإسرائيليّين، المدعوّ ليور كاتزاب، إلى جانب الإسرائيليّ حاييم نيومان، منسّقِ العلاقات الخارجّية في النقابة المذكورة. لكنْ حضره أيضاً د. زياد سلامة، منسّقُ الصحّة في مكتب العلاقات الخارجيّة في الجامعة اللبنانيّة. كما حضره كلٌّ من مايا نهرا، مديرة قسم تقنيّات مختبر طبّ الأسنان، ورودني عبد الله، منسِّق هذا القسم، في الجامعة الأنطونيّة. وحضره كذلك: جوزيف مخزومي، عميدُ كليّة طبّ الأسنان في الجامعة اليسوعيّة، وبول بولس من الجامعة نفسها، وطوني ديب، رئيسُ جمعيّة خرّيجي طبّ الأسنان في الجامعة ذاتها ومديرُ Dental News. ولو افترضنا أنّ السادة اللبنانيّين لم يكونوا يعلمون بانضمام الإسرائيليّين إلى الاجتماع، أفلم يكن من واجبهم القانونيّ والوطنيّ الانسحابُ بعد أن علموا به، لا سيّما أنّ د. المدني رحّب بالأعضاء الجدد خلال الاجتماع؟
3) في أيّار 2021، كما هو معلوم، حصلتْ هبّةٌ فلسطينيّةٌ شعبيّةٌ كبرى هزّت الكيانَ الصهيونيّ، واستقطبتْ دعماً شعبيّاً لبنانيّاً وعربيّاً غيرَ مسبوق منذ سنوات. غير أنّ «إيدك-دبي» واصل التحضيرَ لانعقاد المؤتمر والمعرض في حزيران. بل لم يتردّدْ موقعُه الإلكترونيّ في نشر أسماءِ ستِّ شركاتٍ إسرائيليّةٍ ستشارك في المؤتمر (سبق للحملة أن ذكرتْها بالاسم في بيانها الأوّل).
ردّاً على ذلك، وبتاريخ 17 أيّار 2021، أعلنتْ نقابةُ أطبّاء الأسنان في فلسطين أنّه «استناداً إلى تصريح الدكتور عبد السلام المدني، الرئيسِ التنفيذيّ لمعرض ومؤتمر الايدك، بأنّ أيَّ شخصٍ يُسمح له بتأشيرة دخول للدولة حسب النظام المتّبع للدولة فإنّه يمكنه المشاركة...؛ واستناداً إلى وجود شركاتٍ إسرائيليّةٍ صهيونيّةٍ مشاركة بمعرض المؤتمر حسب ما هو موثَّق في الموقع الرسميّ لمؤتمر ومعرض الايدك؛ ولأنّ دولة الإمارات تربطها علاقاتٌ كاملةٌ مع دولة الاحتلال؛... نعلن المقاطعةَ الرسميّةَ لمعرض ومؤتمر الايدك، ونعتبر [أنّهما] معرضٌ ومؤتمرٌ تطبيعيٌّ مع العدوّ الصهيونيّ. وعليه فإنّنا نهيب بكم جميعاً، بالداخل والخارج، المقاطعةَ وعدمَ المشاركة في هذا المؤتمر التطبيعيّ...».
وفي اليوم نفسه، أعلنت النقابةُ العامّةُ لأطبّاء الأسنان في مصر «تعليقَ المشاركة في أيّ فعّاليّاتٍ تشارك فيها دولةُ الاحتلال بصورةٍ رسميّة»، داعيةً «جميعَ أطبّاء الأسنان إلى مقاطعة أيّ فعاليّةٍ أو مؤتمرٍ تكون دولةُ الاحتلال جزءاً منه في هذا الوقت العصيب».
كما أعلنتْ نقابةُ أطبّاء الأسنان في الأردن مقاطعتها للمؤتمر «بكافّة أشكاله، سواء من ناحية الحضور أو إلقاء المحاضرات أو كضيوف شرف... والتعميم على كافّة الزميلات والزملاء الالتزامَ بقرار المجلس بالمقاطعة وعدم المشاركة تحت طائلة المساءلة النقابيّة... ومخاطبة كافّة النقابات وجمعيّات طبّ الأسنان في كافّة الدول العربيّة لتبنّي موقفنا بمقاطعة المؤتمر...».
وفي اليوم نفسه، أعلنتْ نقابةُ أطبّاء الأسنان في سوريا مقاطعةَ المؤتمر «استناداً للقضايا المصيريّة والثوابت القوميّة في عدم التعامل مع الاحتلال، أو أيّ رمزٍ من رموزه السياسيّة أو الاقتصاديّة أو التجاريّة، لا بصفةٍ رسميّةٍ ولا غير رسميّة...».
وأعلنتْ نقابةُ أطبّاء الأسنان في اليمن أنّ «المشاركة في المؤتمر في ظلّ وجود شركات إسرائيليّة هي بمثابة تطبيع مع إسرائيل، وهو أمرٌ مرفوض...».
كما دعا «الاتحادُ العربيّ لنقابات مختبرات طب الأسنان» إلى مقاطعة ايدك-دبي «بسبب اشتراك شركاتٍ إسرائيليّةٍ فيه...».
والأمر عينُه حصل مع النقابة الوطنيّة لأطبّاء الأسنان في موريتانيا، والمجلس الوطنيّ لأخلاقيات طبّ الأسنان في الجزائر الذي أصدر رئيسُه بياناً جاء فيه: «... إنّ مشاركتَنا في مؤتمر ايدك-دبي تُعدّ من المستحيلات... وقرّرنا... الانسحابَ من المشاركة في كلّ الفعّاليّات التي يتواجد فيها الكيانُ الصهيونيّ بكلّ رموزه، سواء العلميّة أو التجاريّة، احتراماً لمبادئ الدولة والشعب الجزائريّ تجاه القضيّة الفلسطينيّة».
وفي 28 حزيران 2021، أيْ قبل يومٍ واحدٍ من انطلاق مؤتمر ومعرض ايدك-دبي، أصدرتْ نقابةُ أطبّاء الأسنان الفلسطينيّة بياناً جديداً يؤكّد وجوبَ مقاطعة المؤتمر. وحذّرتْ كلَّ مَن يخالف القرارَ بأنّه سيُتّخذ في حقّه «الإجراءُ النقابيُّ حسب النظام والقانون المعمول به...».
وفي 3 تمّوز، أعلنتْ نقابةُ الأطبّاء في تونس مقاطعةَ المؤتمر «طالما يشارك فيه ممثّلٌ لكيان الاحتلال واغتصابِ حقوق الشعب الفلسطينيّ الشقيق...».
4) أمّا في لبنان، وفي حين لم تشاركْ نقابةُ أطبّاء الأسنان ولا أيُّ جامعة من الجامعات الخاصّة، فقد أعلنت الجامعةُ اللبنانيّة، بتاريخ 30/06/2021، أنّها تشارك «في مؤتمر الإمارات الدوليّ لطبّ الأسنان ومعرض طبّ الأسنان العربيّ إيدك-دبي 2021، ويترأّس وفدَ الجامعة اللبنانيّة رئيسُها البروفسور فؤاد أيّوب، يرافقه عميدُ كلّيّة طبّ الأسنان البروفسور طوني زينون، ومنسّقُ الصحّة والعلوم الطبّيّة في مكتب العلاقات الخارجيّة ومديرُ مركز الأبحاث في كليّة طبّ الأسنان البروفسور زياد سلامة، والدكتور رياض باشو». كما «قدّم وفدُ الجامعة اللبنانيّة درعاً تكريميّة، باسم كلّيّة طبّ الأسنان، إلى الدكتور عبد السلام المدني، المديرِ التنفيذيِّ لإيدك-دبي».
على أنّنا نوضح هنا أنّ الجامعات اليسوعيّة والأنطونيّة والقدّيس يوسف لم تشاركْ في معرض ومؤتمر إيدك-دبي في حزيران، وإنْ شارك ممثّلون عنها في اجتماع شباط الافتراضيّ على ما سبق الذكر. فلماذا لم تشارك في حزيران؟ هل لهذا علاقةٌ بمقاطعة 9 نقابات عربيّة ذكرناها آنفاً، أو بمشاركة شركات إسرائيليّة في «ايدك-دبي»؟
وقد تبيّن من خلال الموقع الإلكترونيّ لـ«ايدك-دبي» أنّ شركة Tuvia Levy Ltd الإسرائيليّة هي إحدى الشركات المنظِّمة للمعرض، بشخص رئيسها أوري ليفي. وتشير هذه الشركة على موقعها الإلكترونيّ إلى أنّها «تمثّل المعارضَ والمؤتمرات الإسرائيليّة في الإمارات العربيّة المتحدة».
5) السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا غرّد لبنانُ في حزيران، عبر الجامعة اللبنانيّة، خارج السرب العربيّ المقاطِع الكبير، وهو الذي قاوم شعبُه العدوَّ وطرده من معظم أراضيه ولا يقيم أيَّ معاهدة سلامٍ معه ولا يوجد فيه أيُّ مكتبٍ تمثيليٍّ إسرائيليّ، في حين أنّ بعضَ النقابات العربيّة التي قاطعت المؤتمرَ والمعرضَ تنتمي إلى بلدانٍ تقيم بعضُ أنظمتها (مصر، الأردن، السلطة الفلسطينيّة) معاهداتِ «سلامٍ» معه؟! لماذا قرّر وفدُ الجامعة اللبنانيّة أن يضرب بعرض الحائط قرارَ النقابات العربيّة (في فلسطين ومصر وسوريا والأردن وموريتانيا والجزائر وتونس واليمن...)؟
على الموقع الرسميّ للجامعة اللبنانية فقرةٌ تتحدّث عن موقع الجامعة ودورها في المجتمع اللبنانيّ، ورد فيها: «للجامعة اللبنانيّة دورٌ أساسيّ في بناء المجتمع اللبنانيّ وتطويره وتنميته إنسانيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وتربويّاً وثقافيّاً. وينبع هذا الدورُ من موقعها كجامعة رسميّة وطنيّة وحيدة في لبنان... وتستقبل أكثرَ من نصف الطلّاب الجامعيّين في لبنان من جميع الشرائح الاجتماعيّة والمناطق اللبنانيّة...»، فما هو الدور الإنسانيّ والتثقيفيّ والتربويّ الذي أراد رئيسُ الجامعة اللبنانيّة القيامَ به من خلال مشاركته، باسم الجامعة الوطنيّة، في ايدك-دبي، بحضور شركات إسرائيليّة، وما سبقه من حضور منسّق الصحّة في مكتب العلاقات الخارجيّة في الجامعة في اجتماعٍ افتراضيّ حضره نقيبُ أطبّاء الأسنان الإسرائيليّة؟!
6) ملاحظة غير هامشيّة: الدكتور عبد السلام المدني – الذي كرّمه رئيسُ الجامعة اللبنانيّة فؤاد أيّوب – هو الرئيسُ التنفيذيّ لـDIHAD التي كانت قد أبرمتْ مع منظّمة ZAKA الإسرائيليّة «مذكّرةَ تفاهمٍ» في مجال المساعدات الدوليّة، وذلك في 26 نوفمبر 2020 في الإمارات العربيّة المتحدة. وتعليقاً على الاتفاقيّة قال مؤسِّسُ منظمة زاكا ورئيسُها يهودا ميشى زهاف: «نعتبره امتيازاً عظيماً، ضمن تطبيق اتفاقات ابراهام [بين الإمارات و«إسرائيل»]، أن نكون أوّلَ منظّمةٍ إنسانيّةٍ إسرائيليّةٍ توقّع اتفاقيّةَ تعاونٍ مع ديهاد...»، فشكرَه عبد السلام المدني على «ثقته بديهاد وبمشاريعها المستدامة التي تدعم خدمةَ الإنسانية»، مضيفاً: «نحن فخورون بانضمام [زاكا] إلى مؤتمر ومعرض ديهاد كأوّل مؤسّسة من دولة إسرائيل تشارك في هذا الحدث الإنسانيّ»!
فهل عبد السلام المدني، المطبِّع بامتياز، جديرٌ بتكريم الجامعة اللبنانيّة ورئيسِها؟! وما الرسالةُ التي يرسلها هذا «التكريمُ اللبنانيّ» إلى كيان العدوّ وإلى المطبِّعين، ولا سيّما وسط المجازر المتواصلة ضدّ أهلنا في غزّة خصوصاً وفلسطين عموماً؟
***
ختاماً، إنّ المشاركة في مؤتمر ومعرض ايدك-دبي في حزيران 2021، وقبله المشاركة في الاجتماع الافتراضيّ في 6 شباط من العام نفسه، عملان تطبيعيّان، لأنّهما يتعاملان مع نقابة أطبّاء الأسنان الإسرائيليّين ومع الشركات الإسرائيليّة وكأنّها هيئاتٌ «طبيعيّةٌ»، لا جزءٌ لا يتجزّأ من كيانٍ محتلٍّ ومجرمٍ وعنصريّ، قام على أنقاض فلسطين، وما زال يمارس عدوانَه على الشعب الفلسطينيّ واللبنانيّ والسوريّ.
وهاتان المشاركتان، في حزيران وشباط، مخالفتان للمادّة الأولى من قانون مقاطعة «إسرائيل»، الصادر سنة 1955. وها نحن نعيد نشرَ هذه المادّة للمرّة المئة لأنّ غالبيّة اللبنانيّين، للأسف، لا تعلم بوجودها:
«يحظَّر على كلّ شخصٍ، طبيعيٍّ أو معنويّ، أن يَعقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً، أو عمليّاتٍ ماليّةً، أو أيّ تعاملٍ آخرَ أيّاً كانت طبيعتُه».
اللافت أنّ د. عصام إسماعيل، وهو بالمناسبة عضو في اللجنة القانونيّة في الجامعة اللبنانيّة التي يرأسها أيّوب، يؤكّد في مقالٍ نشرتْه جريدةُ «الأخبار» عام 2010، أنّ المقاطعة بموجب هذا القانون «كاملة ومطلقة». ويضيف أنّ القانون لا يسمح تحت شعارات «حرّيّة التعبير» أو «العولمة» أو «الأمر الواقع» بأن نعمد إلى «المشاركة في ندواتٍ ومؤتمراتٍ وأنشطةٍ رياضيّة وثقافيّة يكون للعدوّ الإسرائيليّ، أو أحدِ حاملي جنسيّته، وجودٌ فيها»؛ ففي هذا «خرقٌ لقانون المقاطعة، ويعطي هذا العدوَّ فرصةَ الولوج إلى الفكر اللبنانيّ أو العربيّ، لتكون هذه الخطوةُ مقدِّمةً لخطواتٍ تطبيعيّةٍ أخرى، لتصل إلى درجة قبول المجتمعات والنخب العربيّة «الشعبَ الإسرائيليَّ» كمرحلةٍ لتقبُّل الدولة الإسرائيليّة في أراضي فلسطين».
والسؤال هنا: ألم يَعلم المشاركون اللبنانيّون، خصوصاً أيّوب، رأيَ د. إسماعيل، المثبتَ في المقال أعلاه؟
إنّ حملةَ مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان تطالب بمحاسبةٍ جدّيّةٍ وصارمةٍ لكلّ مشاركٍ في مؤتمر ومعرض ايدك-دبي في حزيران، وفي الاجتماع الافتراضيّ الذي سبقه في شباط. إنّ مشاركة الجامعات اللبنانيّة في مؤتمراتٍ ومعارضَ واجتماعاتٍ (افتراضيّة أو غير افتراضيّة) يَحْضرها إسرائيليّون هي من أخطر أشكال التطبيع، لا بسبب تجاهلها واقعَ القهر الذي يفرضه العدوُّ على شعبنا منذ عقودٍ فحسب، بل لِما لها أيضاً من أثرٍ سلبيٍّ مباشر في الطلّاب الجامعيّين اللبنانيّين لجهة «تجريعهم» القبولَ بـ«تجزئة» الإسرائيليّين إلى جنديّ وطبيبٍ وعالمٍ وأستاذٍ جامعيّ وفنّان، بعد إسقاط الصفة الاحتلاليّة عن كلّ واحدٍ منهم، في حين أنّهم جميعاً محتلّون لأرضنا، بغضّ النظر عن مهنهم وعقائدهم السياسيّة.

حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان
12 تمّوز 2021