يأتي إقرار الكونغرس الأميركي لمساعدات بقيمة 26 مليار دولار لإسرائيل، هي جزء من حزمة مساعدات معظمها عسكرية بقيمة 95 مليار دولار مخصّصة، إضافة إليها، لأوكرانيا ولتايوان، ليؤكد مجدداً الشراكة الأميركية الكاملة في حرب الإبادة التي تشنّها على الشعب الفلسطيني في غزة.ويعكس خيار واشنطن دمج المساعدات لهذه الأطراف الثلاثة في حزمة واحدة حقيقة رؤيتها للسياق الاستراتيجي الدولي وربطها بين النزاعات والصراعات التي تخوضها مباشرة أو بالوكالة في شرق آسيا وحدود أوروبا الشمالية الشرقية والشرق الأوسط. قناعة صنّاع القرار في الإمبراطورية المنحدرة هي أنها تواجه تحدّياً متعاظماً لهيمنتها من مجموعة من القوى الدولتية وغير الدولتية، تفترض أنها موحّدة أو في الحد الأدنى وجود درجة عالية من التنسيق في ما بينها، وأن الاعتبارات الاستراتيجية في مثل هذه الظروف ينبغي أن تطغى على ما عداها.
إدارة جو بايدن تدرك بأن منح مساعدات عسكرية لإسرائيل بهذا الحجم راهناً ستكون له تداعيات كارثية على المستوى الانتخابي الداخلي بالنسبة إليها، وهي ترى الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها الجامعات الأميركية ضد دعمها اللامحدود وغير المشروط لإسرائيل، لكنها قررت الالتزام بالثوابت التي حكمت السياسة الخارجية الأميركية في منطقتنا منذ عقود طويلة. لا يمنع مثل هذا الالتزام من التعبير عن الاختلاف مع كيفية إدارة الطرف الإسرائيلي للحرب مع قوى المقاومة في غزة وفي بقية بلدان المنطقة، لكن هذا الأمر لا يتناقض مع توافق هذه الإدارة الكامل مع الأهداف البعيدة المدى للحرب المذكورة.
يتضمّن الملف الذي تنشره «الأخبار»، مساهمات لخبراء في الشأنين الأميركي والإسرائيلي، حول خلفيات نشأة ونمو العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، والمراحل المختلفة لتطورها وارتقائها المستمر من مستويات التقاطع فالتحالف وصولاً إلى شبه الاندماج العضوي، وتحليل لواقعها الحالي ولاحتمالات مآلاتها المستقبلية. ونظراً إلى محورية هذا الموضوع ومفاعيله بالنسبة إلى بلدان منطقتنا وشعوبها، فإن هذه المساهمات ستكون فاتحة لمساهمات أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة.