مهند دليقان *تعاني السياسة التي يتبعها السيد حسن عبد العظيم منذ بداية الأزمة السورية مشكلتين أساسيتين، يمكن بفهمهما تفسير تراجعه عن مواقف أطلقها خلال الأزمة السورية وإبدالها مواقف أخرى، ثم التراجع عن المواقف الجديدة وهكذا في سلسلة من التعديلات غير المنتهية.
أولاً: الحزب القائد، والقائد يصنع الجماهير!
يستطيع المتابع لمواقف الأستاذ عبد العظيم منذ بداية الأزمة السورية أن يلتقط شيئاً مشتركاً بينها جميعها، وهو محاولته الاستفادة من توازنات القوى الدولية بسكونها لا بحركتها. ومعلوم أن فهم الوضع الدولي واستثماره ليس بالأمر المعيب بل هو أمر مطلوب، لكن الاستناد إلى التوازنات بشكلها اللحظي وعدم القدرة على فهم مآلاتها صوّر لعبد العظيم استمرار الغلبة الأمريكية أحادية القطبية على العالم. الأمر الذي دفعه إلى مهاجمة الفيتو الروسي - الصيني المكرر ثلاثة مرات، وإن كانت لهجة رفضه في المرة الثالثة أقل حدّة من سابقاتها. وهنا نلقي الاعتبار الوطني جانباً ونتعامل مع الرجل كسياسي براغماتي، لأن الوقوف عند مهاجمة السيد عبد العظيم للفيتو الروسي من وجهة النظر الوطنية، الفيتو الذي منع التدخل العسكري المباشر على الطريقة الليبية والعراقية، سيأخذنا إلى مطارح لا رغبة لنا بالوصول إليها.
بالتوازي مع ذلك رفض الأستاذ عبد العظيم ويرفض التدخل الخارجي، ولكنه أخرج «التدخل العسكري العربي» من دائرة هذا التدخل، ما يعني مثلاً أن التدخلات السعودية والقطرية، وبعزل تعسفي عن كونها امتداداً للأميركي، ليست تدخلاً خارجياً، وما يعني في مبالغة يمكن بنائها على عدم وضوح السيد عبد العظيم نفسه أن التدخل عبر «داعش» وأشباهها في حال كان «الداعشيون» عرباً، هو أيضاً، ليس بتدخلٍ خارجي!
نزعم أنّ الطروحات التي تهاجم السيد عبد العظيم في وطنيته منطلقةً من مواقفه الملتبسة التي بيّنا جزء منها، تفتقر إلى العمق، أو أنها مجرد طروحات يلقيها بعض متشددي الموالاة جزافاً. في حين ندّعي أنّه يكمن وراء هذه المواقف سببان معرفيان، الأول هو قصور في فهم التوازنات الدولية وطريقة حركتها وتحديداً في فهم الأزمة الاقتصادية العالمية وأبعادها، والثاني - وهو الأخطر - هو تلك العقلية التي يتشارك بها مع جزء مهم من النظام: عقلية الحزب القائد التي تتمحور حول موضوعة أساسية هي «القائد يصنع الجماهير». وبمعنى آخر ليس مهماً كيف تصل إلى السلطة، المهم أن تصل. وحين تصل ستقوم «بتزبيط» جميع الأمور وتسويتها بالشكل اللائق.
إنّ هذه العقلية مترافقةً مع قصور معرفي عن فهم الوضع الدولي وتحولاته، دفعت الأستاذ عبد العظيم وغيره إلى محاولة إرضاء جميع الأطراف في محاولة لاحتلال موقع توافقي يوصله إلى السلطة ضمن توازن داخلي صفري أو قريب من الصفري، فهو مع «اسقاط نظام الفساد والاستبداد»، ولكنه ليس مع «اسقاط النظام» حاف. وهو ضد التدخل الخارجي ولكنه ضد الفيتو ومع تدخل عربي، وهو ضد العنف لكنه مع دعم الجيش الحر، وهو ضد الحوار مع الأسد لكنه مع الحوار. الموقف الذي لا يختلف في جوهره عن مواقف متشددي السلطة برفضهم الحوار مع من تلوثت يداه بالدم، وكأنهم خارج معادلة الدم. كما أنه يؤمن – مؤخراً - بعدم إمكانية حسم ميداني لأي من الطرفين، لكنه يحاول إيهام الناس بأن الحل السياسي هو تسليم لمقاليد السلطة لطرف لم ينتصر، ويعرف أن ذلك لن يتم. ويصر على حجب الصفة المعارضة عن ائتلاف قوى التغيير السلمي في جنيف، ويعرف أن ذلك لن يتم، ولكنه لا يهتم كثيراً بمدى ثقة «الجماهير» بمصداقيته التي تتزعزع مع كل تراجع يقوم به.
ثانياً: التوحد الثانوي
يفرد سيغموند فرويد ضمن كتاباته عن آليات الدفاع النفسي حيّزاً واسعاً لمتلازمة التوحد الثانوي، فيبيّن أنها محاولة المعتدى عليه تمثل مواقف ومشاعر وسلوكات المعتدي، في محاولة منه لتجنب الاعتداء. هذا بالضبط سلوك جزء من هيئة التنسيق وعلى رأسه السيد حسن عبد العظيم تجاه «المجلس الوطني» سابقاً، وتجاه «ائتلاف قوى الثورة» حالياً. الكيانان اللذان لم يعترفا بالهيئة حتى اللحظة، واللذان يعتبرانها صنيعة نظام، وهي لا تنفك تسعى لتقارب ما معهما، ولا تصيغ موقفاً من مواقفها إلا ورقيب «ائتلاف الدوحة» يحتل الجزء الأساسي من تفكيرها. فتخرج مواقفها مرتبكة مشتتة موزعة بين لا ونعم لكل شيء، وللشيء نفسه. فمثلاً لا يعتبر السيد عبد العظيم مشكلة، وهو الرافض للطائفية، تشكيل ميشيل كيلو لما أسماه «هيئة المسيحيين السوريين». ولا يثنيه عن محاولة التقارب مع الائتلاف، وهو الرافض للتدخل الخارجي، قبول هذا الأخير ودعمه ولهاثه وراء عدوانٍ أميركي على سوريا.
ويبدو أن استمرار محاولة ارضاء الجميع، واستمرار التمسح بجماعة الائتلاف، وعدم الجدية في تكوين قاعدة شعبية من خلال مراكمة الثقة سيضع المستقبل السياسي للسيد حسن عبد العظيم موضع تساؤل جدي.
* أمين حزب «الإرادة الشعبية» السوري
11 تعليق
التعليقات
-
الحقيقةنحن نريد الحقيقة:1-ماذا يعني وقوف الهيئة ضد الفيتو الروسي..يعني انهم مع التدخل الخارجي 2-ماذا يعني دعمهم للجيش الحر وهم تنظيم اجرامي لا يختلف عن النصرة والداعش والدليل جرائمهم في ريف اللاذقية وحلب والحسكة .....وعمالتهم للامريكي وتدريهم بالاردن على يد الامريكيين3-ورقة التفاهم بينهم وبين الاخوان ينص حرفيا بجواز التدخل العسكري القطري والسعودي ....ويقر بالتدخل العسكري بواسطة الامم المتحدة الخارجي بحجة حماية المدنيين كما حرى لليبيا .....
-
في سورية يا استاذنا المحترمفي سورية يا استاذنا المحترم اما تقف مع اميركا وحلفها مع كل اجرامه او تقف مع النظام مع كل اجرامه او مع روسيا وايران التين لم تحاولا حتى الان ان تلجما النظام او منعه من ممارسة اي جريمة. تقديم الدعم للنظام دون الضغط عليه لمنعه من خوض الحرب بطريقة اجرامية يجعل هذا المحور ايضا مجرما. ايران وروسيالم يمنعا النظام لا من تدمير الاحياء ولا تدمير القرى ولا استخدام سلاح الطيران ولا محاصرة المدن وتجويعهابكل ساكنيها من مدنيين ومن مجموعات مسلحة وايران وروسيا لم يبرءاالنظام اساسا من استخدام الاسلحة الكيميائية. ايران وروسيا اقصى ما قالتاه في الموضوع انه ليس هناك دليل ان النظام هو الذي استخدم السلاح الكيميائي.. بجميع الاحوال القوى الوطنية السورية ومنها هيئة التنسيق اما ان تقف مع واحد من هذين المحورين المجرمين واما ان تحاول ان تقف منفصلة ومستقلة ودون اوهام بانها تستطيع ان تفرض ارادتها على اميركا وروسيا وايران واسرائيل والسعودية في نفس الوقت.. هذا بالضبط ما حاولت ان تفعله هيئة التنسيق وحسن عبدالعظيم. ان يسمى مثل هذا الموقف ضبابيا وانتهازيا وما هنالك من هذه الصفات شيء عادي ومتوقع. بالمناسبة وعلى سيرة ان حسن عبدالعظيم يريد ان يؤسس استبداد جديد. لو كان هذا مشروعه لما امكن تاسيس هيئة التنسيق التي تضم قوى مختلفة ما يجمعها هو المطالبة بنظام تعددي، كيف سيتم تحويل هيئة تضم احزاب متعددة مختلفة لا يمكن ان تجتمع الا على اساس قيام نظام ديمقراطي يضمن التعايش ضمن الاختلاف. كيف يمكن تحويل مثل هذه الجبهة لحزب ديكتاتوري.. هناك مجال طبعا لرد احمق على هذا السؤال يستخدم ايضا ثرثرات اضافية حول علم النفس واكتشافاته.
-
المشكلة ان ....انتهازية حسن عبعظيم تجعله يخلط الحابل بالنابل .
-
مدبر حلبونفي أحد مسرحياته يحن غوار لأيام ضيعته ومدبرها فيقول (سقى الله أيامك يا مدبر حلوم )، والماغوط كاتب النص وإن استبدل حلبون بحلوم في سياق المثل الدارج عن القصة التي نعرفها جميعاً عن حلبون ومدبرها ، كان يريد مقاربة مسألة التغيير وانعكاساتها على الناس في فترة الانقلابات التي عاشتها ضيعتنا الكبيرة آنذاك ، حيث يستنتج المتابع لمجريات الأحداث من خلال إجراء المقارنة ، أن كل أشكال التدبير وقتها لم تنفع أهل الضيعة ، إلى أن كان انتصار تشرين فإذا كان الشيء بالشيء يذكر ، فكلما سمعت مَثَل القصة أو مشهد المسرحية أذكر السيد حسن عبد العظيم باعتباره من أهالي ضيعة حلبون بريف دمشق ، وأتساءل إذا ما كان المنسق العام يدبر أمور هيئته بطريقة ابن ضيعته ، ولا أقول ذلك تشكيكاً به أو انتقاصاً من قدره ، لكنني أفكر بصوت مرتفع ، وأراجع خطابه السياسي منذ بدء الأزمة حتى الآن فأجده رمادياً غير واضح ومجتزءاً غير مكتمل ومتناقضاً غير مقنع ولا أعرف منه ماذا يريد أو ماذا يفعل الآن للسوريين أو ماذا ينتظر ليحدد موقفه ، هو منذ البداية يقف بالمنتصف يضع رجلاً هنا وأخرى هناك ويراهن على الوقت وربما ينتظره لقول شيئاً لم نسمعه منه حتى الآن ، هو يريد أن يتزعم المعارضة ولا يهمه كيف ، صحيح أنه من أفضل الموجودين خاصة إذا قارنته بغيره من المعارضين ، لكني أقول له أن التلفيقية تختلف عن التوفيقية ، في هذه المرحلة من تطور الأحداث ، سورية بحاجة إلى جهود الوطنيين أمثالك لصنع مستقبلها
-
عبد العظيم ذو ميول دينيةبالفعل! هذا الرجل منذ أن قابل السفير الأميركي في بدايات الأحداث وأنا لا أفهم له "ساس من راس"! كثير التقلّب، ولا ينفك يعيد ذات "المعزوفة" التي كنا نصدقها في أول شهر ونصف من الأحداث. لا أعرف كيف اجتمع هيثم مناع مع حسن عبد العظيم في هيئة تنسيق واحدة، فالأول معارض شيوعي حر، والثاني لا يخفي ميوله الدينية (البعض يقول عنه إخونجي متستر). ليته انتبه إلى عمره الكبير، وحافظ على ما تبقى منه وختمه بما يجعلنا نتذكره بالخير لا بغيره.
-
عبد العظيم و عبد الكريم قاسمنعم , " لا زعيم إلا عبد العظيم " تيمنا بالرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم الذي منحه أنصاره في أعقاب ثورة 14 تموز شعار " لا زعيم إلا كريم " , و قد نال قاسم هذا الشعار لأن رتبته العسكرية حين قامت الثورة " زعيم " حسب مصطلحات الرتب العسكرية العراقية حينها و تعني بالمصطلحات العسكرية الحالية رتبة " عميد " .