يكشف هذا القرار مستوى الخطورة الذي تنظر منه المؤسسة الأمنية إلى ما بعد ضربة «أرامكو»
مفاجآتٌ تستهدف إسرائيل إيصال رسالة إلى الخارج بأنها لم تعدم الوسيلة لتطوير قدراتها في مواجهتها، وفق ما يوحي به سماح الرقابة العسكرية لوسائل الإعلام بنشر قرار الجيش، الذي ينطوي أيضاً على رسائل طمأنة إلى الداخل. لكن مشكلة إسرائيل لا تتصل فقط بامتلاك القدرات، وإنما أيضاً بالقلق من أن إيران غيّرت سياساتها العملانية، وباتت أكثر اندفاعاً وجرأة واستعداداً للردّ على الاعتداءات. وفي هذا الإطار، يبدو لافتاً أن القرار أتى بعد أيام فقط من حديث رئيس أركان الجيش عن ارتفاع مستوى التهديدات المحدقة بإسرائيل، وتحذير نتنياهو من امتلاك إيران صواريخ دقيقة وقادرة على إصابة أيّ هدف في الشرق الأوسط، بدقة تصل إلى أمتار معدودة (5 – 10 أمتار)، وسعيها إلى نشر مثل هذه الصواريخ في سوريا والعراق واليمن.
وفي الاتجاه نفسه، يأتي تنبيه مفوّض شكاوى الجنود، وقائد الكليات العسكرية في جيش العدو سابقاً، اللواء إسحاق بريك، إلى أن التهديد الصاروخي الإيراني يرتقي إلى مستوى «تهديد وجودي من نوع جديد»، محوره أن لا ضرورة لاحتلال إسرائيل، وإنما «يكفي تحويلها إلى منطقة كارثة لا يمكن العيش فيها». وأوضح بريك تلك الاستراتيجية بالقول إنها تقوم على نشر إيران صواريخ لدى حلفائها حول دولة إسرائيل، وحول أعداء محتملين آخرين، في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغزة، لافتاً إلى أن إسرائيل لم تطوّر في السنوات العشر الأخيرة أي وسيلة مناسبة لمواجهة أكثر من 1500 صاروخ تسقط يومياً على الجبهة الداخلية. وأشار إلى أن ثمة إدراكاً اليوم في وزارة الأمن لكون القبة الحديدية عاجزة عن مواجهة معدّل الصواريخ التي ستسقط على إسرائيل، ولضرورة تطوير منظومة اعتراض جديدة. وختم بريك حديثه بانتقاد المستوى السياسي في إسرائيل، مُشبّهاً إياه بـ«نيرون» الذي تابع العزف عندما التهمت النيران روما، قائلاً إن «المسؤولين السياسيين يواصلون حروب الأنا، فيما التهديد الخطير يحلّق فوق رؤوس المواطنين»، محذّراً إياهم من أنهم في حال لم يعملوا فهذا مؤشر مؤكد على الانهيار.