وضعت الحركة نتنياهو وجيشه أمام اختبار ميداني انقلبت فيه الصورة
مع هذا، أظهر رئيس حكومة العدو حرصاً على تجنّب الحرب، وأن تكون «الخيار الأخير» في حال اقتضت الضرورة، بالمعايير الإسرائيلية. وهذا يعود إلى إدراكه أنه ستكون للحرب أثمان مؤلمة جدّاً لإسرائيل، من ضمنها أن الردّ سيمتدّ إلى العمق، إضافة إلى إدراكه أن الإسرائيليين أبعد ما يكونون عن دعم مثل هذه المعركة التي من غير الواضح كيف ستنتهي، فضلاً عن أنها لن تنهي المقاومة. إزاء تلك المعطيات، بدا نتنياهو مهتمّاً بألّا يمتدّ التصعيد إلى وقت الانتخابات، لأنه إن حدث ذلك، فسيكون مضطراً إلى رفع مستوى اعتداءاته، إذ إن ما دون ذلك سيظهره ضعيفاً ويقوِّض الصورة التي يروّجها. وعليه، يمكن التقدير، منذ الآن، أن نتنياهو سيعمد إلى تقديم الجولة الأخيرة وكأنها محطة إضافية في تعزيز الردع الذي يوفّر الأمن للمستوطنات، بالقول: «إذا لم يتوقفوا عن إطلاق النيران كلياً، وأنا لا أقصد يوماً أو يومين بل كلياً، سنضطر إلى تفعيل خطة المعركة الواسعة التي أعددناها. الويل لحماس والجهاد إذا وصلوا إلى هذا اليوم. سنقوم بما يجب لإعادة الأمن الكامل».
وكان لوزير الأمن، نفتالي بينِت، نصيبه في هذا التحدّي الذي نجحت «الجهاد» في أن تفرضه على كيان العدو، إذ لم تمضِ سوى أيام على تهديدات بينِت ضدّ المقاومة، حتى عَدَل الوزير عن مواقفه بالقول إن إسرائيل لا ترغب في عملية واسعة النطاق، «لكنها ستلجأ إلى هذا الخيار إذا لم يكن هناك مفرّ منه». وكما في محطات مشابهة، تحوّلت جولة التصعيد الحالية إلى مناسبة للتنافس الانتخابي وتبادل الانتقادات بين المسؤولين الإسرائيليين. وفي هذا السياق، رأى رئيس تحالف «أزرق أبيض»، بيني غانتس، أن «ردع إسرائيل سُحق في السنتين الماضيتين بصورة خطيرة، وتمّ فقدان المبادرة». لكن غانتس اعتبر انطلاقاً من تجربته الشخصية أن «الجولات (مع غزة) ستؤدي في النهاية إلى معركة واسعة، أو أن توافق حماس على تسوية فورية وفعالة وملموسة، ومن ضمنها إعادة الأبناء (الجنود الأسرى)»، محاولاً المزايدة على نتنياهو بتقديم نفسه أكثر يمينية وتطرّفاً في ما يتعلق بالقضايا الأمنية، عبر التوعّد بأن إسرائيل «لن تتردّد في احتلال غزة إذا كان هذا ما تتطلّبه إعادة الهدوء».