وبّخ قائد الكليات العسكرية في جيش الاحتلال، إيتاي فيروب، قائد «كلية القيادة التكتيكية» و«لواء جبل الشيخ» ومرشّح وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، لقيادة «الحرس القومي»، أفينوعام أمونا. أمّا سبب التوبيخ فهو لقاء جمع بن غفير وأمونا للتباحث في تعيين الأخير قائداً لـ«الحرس»، من دون تنسيق ومصادقة مسبقة من الجيش. وبحسب ما نقلته «إذاعة الجيش» عن الناطق باسم الأخير، فإن أمونا «خرق الحظر المفروض على اللقاءات المباشرة بين أولئك الذين يخدمون في الخدمة النظامية، وبين شخصيات رفيعة من المستوى السياسي». وعلى إثر توبيخه، طالب الضابط بتسريحه، فيما اعترف بحسب الناطق باسم الجيش بـ«خطورة أفعاله وأعلن تحمّل المسؤولية عنها»، قبل نقل التحقيق بشأنه إلى رئيس هيئة الأركان العامة، هرتسي هليفي.وأتى لقاء أمونا - بن غفير بعد أيام من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الالتزام الخطّي الذي قدّمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لبن غفير، وبموجبه تُقام وحدة جديدة، أقرب إلى الميليشيا، باسم «الحرس القومي» بقوام 2500 مقاتل، بهدف قمع فلسطينيّي الـ48 بشكل أساسي خلال التظاهرات والاحتجاجات التي يمكن أن تندلع على غِرار هبّة أيار 2021. وفي مقابل ذلك، امتنع بن غفير عن استخدام حق «الفيتو» وبقي في الحكومة، التي أعلن رئيسها تجميد خطّة «الانقلاب القضائي»، للتباحث مع المعسكر المعارض بشأنها، والتوصّل إلى تسوية قبيل العودة من العطلة الشتوية، التي تنتهي مع نهاية الشهر الحالي. وعلى الرغم من أن طلب أمونا تسريحه من الجيش تزامن مع لقائه بن غفير، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أن طلبه كان بمعزل عن هذا اللقاء، وسببه أنه «أدرك أنه لن يُرقّى إلى قائد لواء المظلّيين». وتقاطع ذلك مع اتّهامات سابقة من قِبله لقيادة الجيش، مفادها بأن الأخيرة «تتجاهل ترقية ذوي القلنسوات (الضباط المتدينون) مِن مِثل أمونا».
في الشكل العام، اختيار بن غفير لأمونا (43 عاماً) لترشيحه لقيادة «الحرس القومي» لم يكن مفاجئاً، لا سيما أن هذا الأخير اشتُهر بمواقفه العنصرية ضدّ الفلسطينيين؛ إذ وثّق في مقطع مصوّر نشرته «القناة 14» بينما كان يعتلي دبابة، مخاطبته جنوده قبيل اجتياح برّي لقطاع غزة، بالقول: «هؤلاء التشيكموكيم (- الوضيعون أو الحقيرون - في إشارة إلى المقاومين الفلسطينيين) يخرجون من قلب الأنفاق ويطلقون النار ويفعلون ما يريدون. هذا الأمر انتهى... سترونهم يهربون طوال الوقت. أطلقوا النار عليهم وهم يهربون. لن يكون الأمر لطيفاً إذا كان المرء عربياً في هذه الليلة». وكانت القناة نفسها قد أوردت المقطع المذكور لتعتبر أنه ينبغي على الضباط أن يكونوا مثل أمونا: «أن يشيروا بإصبعهم إلى العدو». لكن أمونا تعرّض للتوبيخ مرّة أولى عندما كان يقود وحدة «ماجيلان»، وذلك على خلفية قيام جندي في وحدته بالقفز من جيب عسكري أثناء سَيره، ما تسبّب بإصابته. ومردّ معاقبته أن القفز من الجيب العسكري كان أمراً معهوداً في تلك الوحدة، فيما لم يقُم أمونا باتّخاذ أيّ إجراءات لإيقاف هذه الظاهرة.
ونشأ أمونا، المولود عام 1980 لعائلة يهودية علمانية، في مستعمرة «رحوفوت»، وانضمّ إلى الجيش عام 1998، كما سلك في الوقت نفسه مسار التوبة بحسب الشريعة اليهودية، ليصبح يهودياً متديّناً منذ ذلك الحين. بدأ خدمته في سلاح المظليين، حيث تلقّى دورة تدريبية كمقاتل، ودورة مشاة ومدافع رشاشة ودورة ضابط مشاة. وخلال خدمته في الجيش، شغل مناصب عسكرية عديدة أبرزها قيادة «كلية القيادة التكتيكية»، وقيادة «لواء حرمون» (لواء جبل الشيخ)، كما قاد «كتيبة الجولان»، و«وحدة ماجلان»، والكتيبة «101». شارك في العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وكذلك في عمليات سرّية في إطار إستراتيجية «المعركة بين الحروب»، فضلاً عن إنقاذ مجموعة من عناصر «الخوذ البيضاء» في سوريا، وفقاً لما ذكره موقع «زمان يسرائيل» العبري في تقرير نُشر في آب 2020. كما شارك في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وتُنسب إليه المسؤولية عن قتل 31 مقاوماً فلسطينياً.
اشتهر أمونا بمواقفه العنصرية ضدّ الفلسطينيين


إضافة إلى ما تَقدّم، شارك أمونا في قمع مسيرات العودة على الشريط الفاصل بين غزة وبقية الأراضي المحتلّة عام 1948 في عام 2018، وكان المسؤول عن ارتكاب مجزرة بحقّ المتظاهرين في 14 أيار من العام المذكور، ليُرقّى على إثر ذلك إلى رتبة عقيد، ويعيَّن قائداً لـ«كتيبة الجولان» حتى 6 تموز 2020. لكن رئيس هيئة الأركان العامة السابق، أفيف كوخافي، قرّر في عام 2021 توبيخه بسبب حادثة إصابة الجندي المُشار إليها أعلاه، وتعليق ترقيته لمدّة عامين، ما دفعه إلى مغادرة الكيان، ومتابعة الدراسة في كلية الأمن القومي في لندن.
أمونا متزوّج من أورطال، وهو أب لسبعة أطفال، ويضع «الكيباه» (القلنسوة)؛ إذ يُعتبر أحد الضباط الصهاينة الدينيين البارزين في حزب «الصهيونية الدينية»، الذي يتزعّمه وزير المالية، والوزير في وزارة الأمن، بيتسلئيل سموتريتش. والجدير ذكره، هنا، أنه على خلفية تأخير تعيينه بسبب الإهمال، انبرى قادة الصهيونية الدينية إلى الدفاع عن أمونا، متّهمين كوخافي بأنه يؤخّر تعيينه «بسبب تديّنه».