يُتوقّع أن تُصعّد إسرائيل عدوانها في الضفة الغربية، في الفترة المقبلة، عسكريّاً واستيطانيّاً
وعلى رغم الدمار الهائل الذي ألحقه العدوان بغزة، إلّا أن الفلسطينيين باتوا أكثر ثقة بمقاومتهم، وخروجهم منتصرين من هذه الجولة، وذلك انطلاقاً من فشل إسرائيل في فرْض شروطها على المقاومة، بحسب صحيفة «هآرتس» العبرية، التي لفتت أيضاً إلى أن إسرائيل ظلّت، على مدى يومَي الجمعة والسبت، تنتظر مساعدة المخابرات المصرية، على أمل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، نظراً إلى أنها لم تكن قادرة على إملاء استراتيجية خروج من هذه العملية، لا في التوقيت ولا في الشروط التي سعت إليها.
من جهتها، خاضت المقاومة في غزة مواجهات عنيفة ليس آخرها معركة «ثأر الأحرار»، انطلاقاً من المعادلة التي فرضتها، وهي «وحدة الساحات» وعدم الاستفراد بها، بما فيها الضفة الغربية. وبالعودة إلى خلفيات العدوان، فإن سببه المباشر الردّ الكبير الذي نفّذته المقاومة على اغتيال الشيخ الأسير خضر عدنان، والذي شكّل لطمة لحكومة اليمين المتطرّفة، وكذلك المواجهة القصيرة التي وقعت في شهر رمضان والقصف الصاروخي من قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا عقب اقتحام المسجد الأقصى، والذي ينسحب كذلك على معركة «سيف القدس»، وهو ما دفع نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، تسيون عيران، إلى المطالبة بالتحقيق مع المسؤولين الذين سمحوا بموت الشهيد خضر عدنان في السجن لأنه أفضى إلى الحرب على غزة والتحقيق مع نتنياهو لعدم استجابته لطلب قادة الجيش والمخابرات بوقف الحرب يوم الخميس الماضي.
تبدو إسرائيل واهمة إذا ظنّت أن شنّ عملية عسكرية على قطاع غزة يمكن أن يسحب المقاومة بعيداً من المعادلات التي سعت إلى فرْضها بالدم، وهي التي حرصت على تجسيدها وهي تحت القصف والعدوان. ولعلّ ذلك تَجسّد في الرسائل التي حملتها الصواريخ التي أُطلقت، يوم الجمعة، على مدينة القدس، والتي قالت «سرايا القدس» إنها بمثابة رسالة للجميع، وإن ما يجري في القدس ليس ببعيد عمّا يجري في غزة، في وقت أجمع فيه محلّلون وخبراء عسكريون إسرائيليون على أن الكيان لم يحقّق أهدافاً مهمّة من وراء عدوانه، باستثناء اغتيال قياديَّين عسكريَّين في «الجهاد»، وأن عدواناً آخر على غزة هو مسألة وقت ليس أكثر.
من هنا، يُتوقّع أن تُصعّد إسرائيل عدوانها في الضفة الغربية، في الفترة المقبلة، عسكريّاً واستيطانيّاً؛ فهي تريد اجتثاث تنامي المقاومة المسلّحة بأيّ طريقة، وإطلاق العنان للمشروع الاستيطاني، سواء من خلال البناء الاستيطاني وتشريع البؤر ومصادرة الأراضي، أو عبر تسهيل مخطّطات الجمعيات الاستيطانية ضدّ المسجد الأقصى، الساعية إلى حشد آلاف المستوطنين للمشاركة في «مسيرة الأعلام» في القدس، الخميس المقبل، وذلك بعدما اتّخذت خطوة هي الأولى من نوعها بتقديم طلب رسمي إلى سلطات الاحتلال للسماح لها بتنفيذ اقتحام جماعي للمسجد، وهي بكلّ تأكيد عوامل انفجار لن تكون حدودها فلسطين المحتلّة فقط، وخاصّة في ظلّ تعهّد العديد من قوى المقاومة بعدم السماح بذلك. واستباقاً لـ«مسيرة الأعلام» التي كانت أحد أسباب معركة «سيف القدس»، فقد هدّد عضو «الكابينت» وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس، باغتيال مَن يحاول عرقلة المسيرة، قائلاً إن «أيّ تنظيم يحاول المسّ بالمسيرة وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل لمنْعها؛ فدم جميع قادته سيكون على طاولة التصفيات، وسنعمل على تصفيتهم كما فعلنا ذلك مع الجهاد الإسلامي»، في إشارة منه إلى حركة «حماس».