غزة | في الوقت الذي تتزايد فيه تهديدات الاحتلال بتنفيذ حملة اغتيالات تطاول المسؤولين عن تحريك عمليات المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، تتركّز أنظار جيش الاحتلال الإسرائيلي خصوصاً على قطاع غزة، حيث يقيم عدد من قيادات المقاومة من حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، الذين تتهمهم إسرائيل بتحريك وتمويل خلايا المقاومة في جنين ونابلس وطولكرم. وفي المقابل، تتلقّف الأذرع العسكرية للفصائل التهديدات الإسرائيلية بكثير من الجدية، ولا سيّما في ظل التحليق المكثف لطائرات التجسس المأهولة، والمسيرات الانتحارية، فضلاً عن رصد تحركات غير طبيعية على الحدود الشرقية للقطاع، تذكّر بتلك التي يستبق بها العدو أي جولة تصعيد مع غزة، من مثل إغلاق الشوارع المكشوفة التي يمكن أن تطاولها الصواريخ المضادة للدروع، فضلاً عن نقل بعض المستوطنين من أطراف المستوطنات إلى العمق. ويضاف إلى ما تَقدّم، بدء الاحتلال، أمس، ببناء جدار جديد من الصواريخ المضادة للدبابات يبلغ طوله مئات الأمتار في «ناحل عوز» بالقرب من قطاع غزة. وسط ذلك، شهدت الأيام الماضية، جولة من النقاشات المعمقة بين الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، تضمّنت مراجعة جولات القتال السابقة، لأعوام 2019 و2022 و2023، والتي قضى فيها ثمانية من قيادات المجلس العسكري لـ«سرايا القدس»، الذراع العسكرية لـ«الجهاد الإسلامي». وفي السياق، أكّدت مصادر في المقاومة، في حديث إلى «الأخبار»، أن النقاشات تناولت السيناريوات التي من المتوقع أن ينفذها جيش الاحتلال في القطاع، وطريقة التعاطي معها، والردّ عليها، وخصوصاً في حال قرر العدو الاستفراد بأي من الحركتين، «الجهاد» أو «حماس»، دوناً عن الأخرى. وبحسب المصادر نفسها، فإن قيادات عسكرية من الحركتَين توافقت على إجهاض أي مخطط إسرائيلي يستهدف اللعب على الخلافات الداخلية بين قواعدهما، والتوجه إلى رد مشترك ومنسق ونوعي في حال أقدم الاحتلال على اغتيال أيّ من القيادات العسكرية، سواء من «حماس» أو «الجهاد». وكانت عقدت فصائل المقاومة، الثلاثاء الماضي، مؤتمراً صحافياً، أكدت فيه أن «رد الشعب الفلسطيني الموحد ومقاومته على ارتكاب الاحتلال لأي حماقة بحق شعبنا وقيادة المقاومة سيكون غير مسبوق»، مضيفةً أنه «لا زال سيف القدس مشرعاً، ولا زالت وحدة الساحات والجبهات ميداناً للمعركة القادمة». كذلك، في إطار تحسين قدراتها العسكرية، تواصل الفصائل إطلاق عدد من الصواريخ التجريبية، والتي كان آخرها يوم أمس.
تقدّر مصادر في المقاومة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن يتراجع عن تهديداته


وتقدّر أوساط في المقاومة أن يقْدم جيش الاحتلال على اغتيال قيادات من الصف الثاني من «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، ولا سيّما من محرّري صفقة «وفاء الأحرار» المبعدين إلى قطاع غزة، في حين يزعم الجيش الإسرائيلي أنه يمتلك معلومات واعترافات من هؤلاء بأنهم المسؤولون عن تجنيد عدد من منفّذي العمليات الأخيرة في نابلس والخليل وتل أبيب. وكان الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، قد أكد، في خطاب الإثنين، أن «أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانياً أو فلسطينياً أو إيرانياً أو سورياً أو إلى أي تابعية، سيكون له رد الفعل القوي، ولا يمكن السكوت عنه ولن نسمح بأن تفتح ساحة لبنان للاغتيالات».
وفي المقابل، قال عضو «الكابينت» الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تصريح: «إذا لم يكف قادة حماس عن الترويج للإرهاب في منطقة الضفة الغربية، فسوف تقوم إسرائيل بتصفيتهم بغض النظر عن المكان الذي يختبئون فيه، من يعمل بهدف قتلنا سيدفع ثمن ذلك»، فيما رأت صحيفة «ميكور ريشون» العبرية أن نصر الله «أدرك جيداً الضعف الإسرائيلي، وفهم ما كنا نقوله منذ أيام عدة عن أن من يريد تنفيذ الاغتيالات لا يصرّح بصوت عالٍ، بل ينفذ، والآن بعد أن وعد بالرد، فهو في الواقع يمنح حصانة كاملة من فكرة الاغتيالات التي قد تنفذ ضد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في لبنان». وفي سياق الجدل نفسه أيضاً، حذّر وزير الأمن، يوآف غالانت، من احتمالية اندلاع حرب على الحدود الشمالية مع لبنان.
وأيّاً يكن، تقدّر مصادر في المقاومة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن يتراجع عن تهديداته، لكن إذا كانت دون العمل في ساحة لبنان تهديدات نصر الله، فإن غزة ستبقى الحلقة الأضعف في المشهد الحالي. وتقول المصادر إنه «لا تتم الآن مناقشة القرار بالاغتيال، إنما دخل الاحتلال في الشقّ العملي»، مستدركةً بأنه «قد تطول مدة تنفيذه بانتظار الهدف أو الأهداف، أو لممارسة خديعة ما توفّر الغطاء لضرب المقاومين وهم في مأمن».