غزة | مع تصاعد التوتّر في مدينة القدس المحتلة نتيجة الاقتحامات المكثّفة للمستوطنين للمسجد الأقصى، وفي ظلّ تفعيل المخطّطات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير الواقع القائم في المسجد وتقسيمه بين المسلمين واليهود زمانياً ومكانياً، وإزاء دعوات وزير "الأمن القومي" الصهيوني، إيتمار بن غفير، إلى السماح لليهود في اقتحام الأقصى في أيّ وقت، نقل الوسطاء تهديدات من المقاومة الفلسطينية بأن ما يجري في القدس كفيل بتفجير الأوضاع. وفي خامس أيام ما يسمى «عيد العُرش» اليهودي أمس، اقتحم مئات المستوطنين، بحماية قوات الاحتلال، باحات المسجد على صورة دفعات متتالية، ونفّذوا جولات استفزازية وطقوساً تلمودية، وما يُعرف «السجود الملحمي» بزيّ الكهنة. في المقابل، حذّر خطيب الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، من أن «الاقتحامات للمسجد المبارك زادت وتيرتها هذه الأيام، لأن دعاة الاقتحام هم جزء من حكومة الاحتلال اليمينية»، مشيراً إلى أن «الاحتلال ومستوطنيه يتوهّمون أن الوقت مؤاتٍ لهم للانقضاض على الأقصى، ليغيّروا الواقع القائم فيه، تمهيداً لوضع اليد وفرض السيادة عليه». ولفت صبري إلى أن «الاحتلال ينقل المشاهد بالصوت والصورة إلى الخارج، وعنوانها أن المستوطنين يؤدّون شعائرهم الدينية بكل حرية في الأقصى، ليشجّع يهود العالم على القدوم إلى فلسطين، وهم لا يعلمون أن الأقصى يكون ثكنة عسكرية، وأن المقتحمين لا يجرؤون على اقتحامه إلا بحراسة مشدّدة».
من جهته، دعا الناطق باسم حركة «حماس» عن مدينة القدس، محمد حمادة، إلى «تكثيف الرباط في المسجد الأقصى وفي ساحاته وأزقة البلدة القديمة، لصدّ عدوان الاحتلال ومستوطنيه»، منبّهاً إلى أن «الاحتلال يصعّد على نحو خطيرٍ من عدوانه تجاه الأقصى». وأكدت حركة «الجهاد الإسلامي»، بدورها، أمس، أن «جرائم الاحتلال في مدينة القدس سيكون عليها ردّ مناسب، ولن يُسمح للاحتلال بتغيير الواقع في المسجد الأقصى». وفي السياق نفسه، جرت، في الأيام الماضية، سلسلة من الاتصالات بين فصائل المقاومة والوسطاء المصريين والقطريين والأمميين، في خصوص ما يجري في الأقصى. ووفقاً لما علمته «الأخبار» من مصادر فصائلية في قطاع غزة، فقد هدّدت المقاومة بأنها «لن تسكت عن المحاولات الإسرائيلية لتغيير الواقع في المسجد»، مشيرةً إلى أنها «تراقب ما يجري في القدس، وتتابع الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال والاعتداءات على المصلّين»، محذّرةً من أن «مخطّطات بن غفير كفيلة بتفجير معركة كبيرة جداً في المنطقة في حال تطبيقها على الأرض». كما أبلغت الفصائلُ الوسطاءَ بأنه «مع استمرار جرائم الاحتلال في القدس وتجاه الأقصى، فإن فرص تفجّر مواجهة عسكرية تتزايد»، ملوّحةً بـ«إمكانية أن تعود الفعاليات على حدود غزةفي الأيام المقبلة للردّ على جرائم الاحتلال».
حذرت الفصائل من أن فرص تفجّر مواجهة عسكرية تتزايد مع تصاعد اعتداءات المستوطنين في القدس


ظاهرة البصق على المسيحيين
في هذا الوقت، تصاعدت، في الأيام الفائتة، أعمال البصق على المسيحيين، التي ينفّذها يهود متطرّفون في البلدة القديمة في القدس، وهو ما تكرّر أمس إذ بصق عشرات اليهود على المسيحيين الذين كانوا في طريقهم إلى الصلاة في المدينة. ووفقاً لصحيفة «هآرتس» العبرية، فقد «بصق عشرات من اليهود، معظمهم من المراهقين، في اليومين الماضيين على المؤمنين المسيحيين الذين يقصدون الكنائس في القدس. ووقعت هذه الحوادث - وبعضها تمّ توثيقه - بينما شارك عشرات الآلاف من اليهود في فعاليات وصلوات في مناسبة عيد العرش في البلدة القديمة في القدس». ويوثّق مقطع فيديو، من بين مقاطع أخرى، مجموعة من المسيحيين وهم يحملون صليباً كبيراً، وذلك أثناء مغادرتهم الكنيسة في شارع باب الأسباط، حيث كانت في الشارع نفسه مسيرة استيطانية، وعندما لاحظ اليهود وجود المسيحيين، بدأوا البصق على الأرض بجانبهم. وفي عدد من الحالات الأخرى، تم توثيق يهود يبصقون على أبواب الكنائس في البلدة القديمة. وفي آب الماضي، وثّق مركز «بيانات الحرية الدينية» 21 حادثة من هذا النوع من يهود على المسيحيين أو مؤسسات مسيحية، معظمها في البلدة القديمة. ومنذ بداية العام الجاري، فتحت شرطة الاحتلال 16 ملفّ تحقيق على خلفية أعمال تخريب أو عنف أو مضايقة للمسيحيين والمؤسسات الدينية المسيحية، غالبها في القدس.
وعقب تكرار هذه الاعتداءات، حذر بطريرك القدس للّاتين، بييرباتيستا بيتسابيلا، قبل نحو أسبوعين، من أن «البصق، وإن لم يكن ظاهرة جديدة، لكننا نشعر أنها أصبحت أكثر شيوعاً في الآونة الأخيرة». وفي مؤتمر صحافي عقده قبل تعيينه في منصب الكاردينال، وهو أعلى رتبة دينية بعد البابا، أرجع بيتسابيلا تزايد الظاهرة إلى «الوجود المتزايد للجماعات والحركات اليهودية الحريدية والصهيونية في البلدة القديمة من القدس». وقال بيتسابيلا: «ليس هناك شكّ في أن بعض الحاخامات يوافقون عليه (البصق)، أو حتى يُشجّعون هذه الأفعال». وأضاف إن «اتّساع الظاهرة يرتبط، جزئياً على الأقلّ، بكون الحكومة الإسرائيلية الحالية تضمّ عناصر يمينية متطرّفة».