ظهر الطبيب والكوميديان المصري باسم يوسف في برنامج المذيع البريطاني الشهير بيرس مورغان (Piers Morgan uncensored) ليتحدّث عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. بأسلوبه الساخر الذي اشتُهر به، تمكّن يوسف مِن صنع سياق للحلقة بعيداً عما كان مورغان مُخططاً له بوصفه مدافعاً عن «إسرائيل» وعن أفعال جيش الاحتلال. استطاع باسم أن يقدم السردية الفلسطينية والعربية ويوصل صوتاً آخر في الإعلام الغربي.

يعاني الإعلام الغربي من ضيق في الرؤية أو يضع نظره فقط على ما يريد، إذ نجد معايير مزدوجة وتطرفاً في الانحياز، ولا سيما لإسرائيل، وقد ظهر عدد من الكذبات على مدار الأيام الماضية ليبرّر للاحتلال حملته العسكرية الوحشية على قطاع غزة، التي راح ضحيتها آلاف الشهداء. لساعات طويلة، ظهرت غزة في الإعلام الغربي، ولكن كموطن للحيوانات كما وصفها وزير «الدفاع» الإسرائيلي يوآف غالانت، أو أرض لأمة ليس فيها بريء كما أعلنها ساسة المستوطنين المتطرفين.
ظهر باسم يوسف على شاشة إعلام غربي قرّر مقاطعة القطط الروسية، ولكنه يدعم آلة القتل الإسرائيلية، ما جعله مُحتدّاً جداً حتى يخلّص نفسه مِن الاتهامات المسبقة التي لا تُوجّه إلى «حماس» وحدها، ولكن إلى كل عربيّ عموماً، ومسلم خصوصاً، حيث يُنزع الحد الفاصل بين الدفاع عن النفس، أي «المقاومة» ضد المحتل وهي حقّ شرعي في الأعراف الدولية كافة، وبين الانتهاك الفعلي لحقوق الإنسان عبر منع الماء والغذاء والدواء عن قطاع غزة في تجسيد حقيقي لمعنى الإرهاب.
اضطر باسم يوسف لتوجيه الإهانات إلى «حماس» في إطار ساخر ومراوغ حتى يتمكّن مِن إكمال فكرته ودفع مُحاوره إلى الزاوية وإسقاط تهمه المسبقة بالإرهاب. وبعد استعراض مكرّر مِن مورغان لحجج إسرائيل، سقط في حجة باسم يوسف الذي استعرض الأفعال الوحشية الإسرائيلية حتى جعل مورغان يعترف أنّ «إسرائيل هي داعش». كان يوسف يعرف جيداً ألّا سبيل لأخذ مورغان بجدية، فهو يطرح نقاشاً عبثياً عن آلة قتل تستخدم قوةً غير متناسبة على قطاع مكتظّ بالمدنيين، فيما يبرَّر هذا باسم الإرهاب.
في الأخير، تمكّن باسم يوسف مِن استغلال شهرته، وقدّم الصوت الفلسطيني والرواية العربية في إعلام غربي أصبح شديد العداء للعرب عموماً، وفلسطين خصوصاً.
ظهور باسم يوسف في هذا البرنامج، ونجاحه في تسجيل هدف يستحق التقدير، وكل شخص يتحدث عن فلسطين يزيد مكانةً بسبب انحيازه للحق، ولكنّ شخصية باسم تبقى جدلية، إذ ما زال الإسلامَويّون، ولا سيما الإخوان المسلمين، يكنّون له العداء الشديد بسبب برنامجه الساخر «برنامج البرنامج» عام 2013، الذي كان أهم برنامج نقدي لحكم الجماعة قبل الإطاحة بهم، ويعدّونه سبباً رئيسياً في إخفاقهم في الحكم. لذا حتى ظهوره متحدثاً عن فلسطين شكّل لهم إشكالية، وجعل الآراء تتباين حوله على وسائل التواصل.