رام الله | بالتزامن مع تواصل جرائم الحرب التي يرتكبها في قطاع غزة، شنّ جيش الاحتلال حملة عسكرية واسعة في مخيم نور شمس في مدينة طولكرم في الضفة الغربية المحتلّة، مرتكباً مجزرة موازية أوقعت 12 شهيداً على الأقلّ بعد استهدافهم بطائرة انتحارية مُسيّرة. وعند منتصف ليل الأربعاء - الخميس، اقتحم جيش العدو المخيم المذكور تحت وابل من الرصاص الكثيف والقنابل، ولكنه وُوجه بمقاومة عنيفة من مقاتلي المقاومة، أدت إلى مقتل جندي من وحدة المستعربين وجرح عدد آخر، فدفع بالجرافات العسكرية الثقيلة التي جرفت الشوارع للكشف عن العبوات الناسفة. وبعدما اغتيل فتًى فلسطيني، عند بداية الاقتحام، بشكل متعمّد، بإطلاق القنّاصة النار عليه، ومع مرور ساعات من الاشتباكات، وتمكُّن المقاومين من تفجير العديد من العبوات الناسفة بقوات الاحتلال وإمطارها بالرصاص، استخدم العدو طائرة انتحارية مُسيّرة للهجوم على المخيم، ما أدى إلى استشهاد 12 فلسطينياً بينهم مقاومون وأطفال، بينما أكّدت «كتائب القسام» و«كتيبة طولكرم» تمكُّن مقاتليهما من إيقاع الجنود في عدّة كمائن، وتحقيق إصابات في صفوفهم.في المقابل، اعترف جيش العدو بمقتل أحد جنوده، وإصابة 9 من عناصر وحدة المستعربين، جراء انفجار عبوة ناسفة فيهم، فيما فرضت قوات الاحتلال حصاراً على «نور شمس»، ومنعت دخول مركبات الإسعاف إليه للوصول إلى المصابين في حيّ المنشية الذي شهد جولة الاشتباكات الأولى، ودمّرت بشكل كبير البنية التحتية هناك. كذلك، شنّ جيش العدو حملة مداهمة لمنازل المخيم، وقام عناصر مخابراته بإجراء تحقيقات ميدانية، بينما نُشر القناصة على أسطح البنايات المرتفعة. وأسفرت عملية الجرف عن انقطاع الكهرباء وخدمتَي الاتصالات والإنترنت، كما فُرض منع التجوال في «نور شمس» وأُغلقت مداخله بالسواتر الترابية، واعتُقل عدد من الشبان فيه ومُنعت طواقم الإسعاف من الدخول إليه، ما اضطرّ المواطنين إلى وضع جثامين الشهداء والجرحى في أحد مساجد المخيم. وبحسب شهود عيان، فإن قوات الاحتلال قصفت عدّة منازل بقذائف «الإنيرغا»، وأطلقت باتجاهها الرصاص الحي، ومن ثمّ لجأت إلى هدم عدد منها، توازياً مع إطلاقها الرصاص الكثيف تجاه كلّ ما أو من يتحرّك، وسط تحليق مكثّف للطيران.
وتشهد الضفة الغربية، منذ بدء العدوان على غزة، حصاراً خانقاً لمدنها وقراها، وتشديداً للحواجز العسكرية، واستخداماً للرصاص الحي بقصد القتل، وهذا ما يفسّر ارتفاع عدد الشهداء فيها إلى نحو 80 والجرحى إلى 1400 منذ السابع من تشرين الأول الجاري. وشيّع الفلسطينيون، أمس، جثمانَي الشهيدَين جبريل أحمد عوض (32 عاماً) ومحمد عبد الرحمن فواقة (21 عاماً) إلى مثواهما الأخير في قرية بدرس غرب رام الله، وقرية دورا القرع شمال شرق رام الله. وفي نابلس، شيّعت الجماهير الشهيد إبراهيم نزيه الحاج علي (24 عاماً) في بلدة جماعين جنوب غرب المدينة. كما شيّع المواطنون جثمان الشهيد أحمد صدوق في مخيم الدهيشة. وكان هؤلاء ارتقوا شهداء، أول من أمس، برصاص الاحتلال والمستوطنين.
دعت «حماس» الفلسطينيين في الضفة والقدس والداخل المحتل، إلى مواصلة النفير العام اليوم


وبالتوازي مع ذلك، شهد مخيم عقبة جبر في أريحا اقتحاماً من قِبل قوات الاحتلال التي داهمت عدّة منازل هناك، ثمّ انسحبت من المكان بعد نحو ساعتين، وسط مواجهات مسلّحة، لم يُبلَّغ عن وقوع إصابات من جرّائها. أيضاً، واصل المقاومون استهداف حواجز جيش الاحتلال والأبراج والنقاط العسكرية والمستوطنات ومركبات المستوطنين على الشوارع الالتفافية. وسُجّل منذ بدء معركة «طوفان الأقصى» وحتى منتصف نهار الخميس، 1089 عملاً مقاوماً، منها 312 عملية إطلاق نار، و38 عملية نوعية، وقرابة 739 مواجهة بأشكال مختلفة من رشق الحجارة والزجاجات الحارقة وغيرها، و167 مسيرة وتظاهرة شعبية، قُتل خلالها مستوطن وأصيب 24 مستوطناً وجندياً، إضافة إلى الجنود الذين أصيبوا في مخيم نور شمس.
في المقابل، وخلال ساعات فجر أمس، شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في الضّفة طاولت 120 فلسطينياً على الأقلّ، بينهم نواب في المجلس التشريعي، وقيادات، وأسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون العدو، بالإضافة إلى صحافيين، في حصيلة هي الأعلى منذ بداية «طوفان الأقصى». ووقعت غالبية الاعتقالات في محافظة الخليل. ووصفت «هيئة شؤون الأسرى» و«نادي الأسير» عمليات الاعتقال تلك بأنها الأشرس منذ سنوات، حيث وصل عددها منذ بدء الحرب إلى أكثر من 850، وتركّزت في محافظتَي الخليل والقدس، إضافةً إلى المعتقلين من العمال، ومعتقلين من غزة لم تُعرف أعدادهم حتى اللحظة بشكل دقيق، ولا هوياتهم.
وتترافق حملات الاعتقالات الواسعة في الضفة، والتي تستهدف بشكل أساسي كوادر «حماس»، وترمي إلى إخماد الهبة الشعبية التي بدأت تتّسع في ظلّ تصاعد العدوان على غزة، مع انتهاكات خطيرة بحق الأسرى في السجون. وأكّد رئيس «هيئة شؤون الأسرى»، قدورة فارس، خلال مؤتمر صحافي في رام الله، أن الأسرى يتعرّضون لانتهاكات متعدّدة وهمجية، ويواجهون التجويع والبرد والإجبار على خلع الملابس، الأمر الذي يعرّض المصابين بأمراض مزمنة من بينهم لخطر كبير، بالتوازي مع استمرار الاحتلال في قطع الماء والكهرباء عنهم، إضافةً إلى اعتداء الجنود عليهم بالضرب المبرح باستخدام الفؤوس والمجارف. وحذّر من إقدام الاحتلال على إعدام الأسرى، خصوصاً في ظل الانشغال بالعدوان على القطاع.
في هذا الوقت، تواصلت المسيرات الشعبية في الضفة لإسناد قطاع غزة، وسط دعوات إلى التصعيد اليوم في «جمعة النَّفير لأجل العودة ورفض التّهجير»، ضدّ حرب الإبادة الجماعية والمجازر المروّعة التي يرتكبها الاحتلال ضدّ المدنيين في القطاع. وكانت حركة «حماس» دعت الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة والداخل المحتل، إلى مواصلة النفير العام اليوم، وشدّ الرّحال والرباط والاعتكاف في المسجد الأقصى، والاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه في كلّ الأماكن والساحات، انتقاماً لدماء الشهداء في غزّة وانتصاراً للقدس والأقصى. كما حضّت الحركة الجماهير العربية والفلسطينيين في مخيمات اللجوء والشتات على الانطلاق في حشود إلى الحدود مع فلسطين المحتلة وإلى أقرب نقطة من فلسطين، وإعلان التضامن مع غزّة ومقاومتها الباسلة، حاثّةً على أن يكون بعد غد الأحد، يوماً للتَّضامن العالمي مع أطفال غزة. كما شدّدت على مواصلة الفعاليات والمسيرات والاعتصامات طيلة الأيام المقبلة، طالما استمرت حرب الإبادة في غزة.