غزة | تتواصل المباحثات التي يجريها الوسيطان القطري والمصري، برعاية أميركية، للتوصّل إلى صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، في وقت تتمسّك فيه الأولى بشروطها، وعلى رأسها وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وإدخال مساعدات عاجلة إليه. وبحسب ما علمت «الأخبار»، من مصادر في حركة «حماس»، فإن «نقاشات مطوّلة جرت بين الحركة والوسيطين المصري والقطري، قدّم الأخيران في خلالها مجموعة من الاقتراحات للتوصّل إلى صفقة تنهي الحرب، في وقت واصلت فيه حكومة الاحتلال المماطلة والرفض». وأشارت المصادر إلى أن «حماس» «عدّلت في موقفها الذي يقول بتبييض السجون، وقبلت بالإفراج عن 100 أسير فلسطيني، مقابل كل أسير إسرائيلي في المرحلة الأولى»، وهو ما يعني أن «تُفرج إسرائيل عن جميع المعتقلين من قطاع غزة والضفة الغربية خلال الحرب، إضافة إلى جميع النساء والأطفال في سجون الاحتلال، بواقع 4 آلاف أسير في المرحلة الأولى»، التي تتضمّن أيضاً «انسحاب قوات الاحتلال من المناطق التي دخلتها وخاصة المنطقة التي تفصل شمال القطاع عن جنوبه (وادي غزة)، والسماح بعودة النازحين إلى منازلهم، وإدخال 1000 شاحنة مساعدات يومية عبر الحدود مع مصر، ومعبر كرم أبو سالم». كما تصرّ المقاومة على أنه «لن يتمّ تسليم أي أسير إسرائيلي قبل إدخال المساعدات الإنسانية إلى مختلف مناطق غزة»، وأن التجاوزات التي جرت خلال التهدئة الأولى «لن تسمح بتكرارها، ولن تذهب إلى بدء أي صفقة جديدة من دون ضمانات دولية واضحة بوقف الحرب وإغاثة المواطنين بشكل عاجل».أما المرحلة الثانية، فتتضمّن «الإفراج عن المجنّدات الإسرائيليات، مقابل عدد يتمّ الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية». وبحسب معلومات «الأخبار»، فإنه «حتى الوقت الحالي، لم يتمّ تقديم مقترحات عملية حول الأعداد والأسماء التي سيتمّ الإفراج عنها في هذه المرحلة»، فيما تصرّ المقاومة على أن الثمن في المرحلتين الثانية والثالثة، «سيكون مضاعفاً عمّا كان عليه في الأولى». وقالت المصادر المطّلعة على المفاوضات إن «الاعتقاد الإسرائيلي بأن الضغط العسكري سيدفع المقاومة إلى تخفيف مطالبها، فشِل، والمقاومة لا تزال تتمتّع بقوّة وسيطرة وتحكّم كبير في غزة، يمكّنها كل ذلك من الصمود في وجه الاحتلال لأشهر طويلة». وأضافت أن «استمرار حكومة الاحتلال في المماطلة، سيدفع المقاومة إلى رفع سقفها التفاوضي أكثر». وبناءً على ذلك، فإن «المقترحات التي يتمّ الحديث عنها اليوم، ربما لن تكون مقبولة خلال الأسابيع المقبلة من قبل المقاومة»، كما أن المقاومة «تصرّ على أن الوضع الإنساني أولوية لديها تسبق أي حديث حول الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين». وأكّدت المصادر أن «حماس» ترفض بشكل قاطع أي حديث عن تهدئة مؤقّتة، وأن «هذا القرار يستند إلى موقف شعبي فلسطيني رافض لتكرار ما حدث خلال التهدئة الأولى قبل قرابة شهرين، فيما يصرّ الفلسطينيون على إعادة الإعمار العاجلة لقطاع غزة، بعد عودة النازحين إلى منازلهم».
يروّج الأميركيون أنهم «يضمنون» أن الحرب لن تتجدّد بعد انقضاء الهدنة الطويلة


وبالنتيجة، فإن النقطة التي لا تزال عالقة، هي وقف إطلاق النار الكامل الذي تريده المقاومة، أو المؤقّت الذي يطالب به العدو، فيما يحاول الوسطاء تقديم رؤية وسطية بين الطرفين. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن «ما يجري تداوله في المفاوضات حالياً، هو مقترح قطري لصفقة تبادل أسرى شاملة، تبدأ بهدنة، وتتألف من 3 مراحل، وبين كل مرحلة وأخرى نحو 6 أسابيع هدنة، ما يعني في المحصّلة نحو 3 إلى 4 أشهر هدنة في كامل غزة، مع إدخال المساعدات الإنسانية إلى كامل القطاع، والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم». ومن جهتهم، يحاول الأميركيون الترويج أنهم «يضمنون» أن الحرب «لن يكون ممكناً تجديدها بعد انقضاء الهدنة الطويلة المذكورة»، وهم يقولون إنهم خلال ذلك، سيعملون على «تهيئة ظروف وقف إطلاق النار، عبر تحديد معالم اليوم التالي للحرب، والاتفاق عليها مع الإسرائيليين».
وفي حين يرى مطّلعون على المفاوضات، أن العرض الجاري تداوله يبدو «مغرياً» للمقاومة، إلا أنهم يعتقدون أن «المكر الأميركي لا سقف له، وبالتالي تحتاج المقاومة إلى ضمانات جدّية من الأميركيين والوسطاء وربما أطراف دولية وأممية أخرى، بأن الحرب لن تتجدّد مع انقضاء الهدنة». ومع ذلك، يمكن لمس إشارات لافتة إلى ضغوط أميركية شديدة، تمارسها إدارة جو بايدن على جميع الأطراف، للذهاب نحو اتفاق تبادل وهدنة جديد، في أسرع وقت ممكن. وفي هذا الإطار، أجرى بايدن، أمس، اتصالين بكل من أمير دولة قطر والرئيس المصري، لبحث تطورات الحرب والمفاوضات. كما أكّد «البيت الأبيض»، في بيان، «(إننا) نبذل كل ما في وسعنا من أجل التوصّل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن»، مشيراً إلى أنهم «متفائلون بشأن التقدّم الذي تحقّق، ولكن لا نتوقّع أي تطورات وشيكة». وفي السياق نفسه، نقل موقع «واللا» العبري، أمس، عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن الرئيس الأميركي أبلغ رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنه «لن يدعم حرباً مدّتها سنة على غزّة». وأضاف هؤلاء أن «بايدن لن يسمح أن تبقى الحرب على غزة، وعدد الضحايا المرتفع فيها على رأس اهتمام الأخبار في الولايات المتحدة»، وهذا له علاقة مباشرة بوضعية بايدن الانتخابية. كما «طلب بايدن من نتنياهو الإسراع في الانتقال إلى مرحلة أخرى من الحرب تكون أقلّ كثافة». بدوره، أبلغ نتنياهو، بايدن، أن «انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي يسيطر عليها الآن، سيؤدّي إلى إعادة سيطرة حماس عليها».