غزة | في الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطنون الفلسطينيون في قطاع غزة قرار «محكمة العدل الدولية» إلزام دولة الاحتلال بوقف الحرب عليهم، أثار قرار المحكمة الذي لم ينصّ صراحة على وقف الحرب، حالة من الإحباط لدى غالبية هؤلاء الذين عبّروا عن امتعاضهم من الحكم، معتبرين أنه يعطي دولة الاحتلال شهراً إضافياً لارتكاب مزيد من الجرائم بحقهم، بعدما أرهقتهم الحرب الجارية منذ قرابة أربعة أشهر، وجعلتهم يرزحون تحت نير المجاعة شمالاً والوضع المأساوي جنوباً.ويعبّر أبو محمد الأطرش، ذو الخمسين عاماً، عن خيبة أمله تجاه قرار المحكمة بالقول: «كنا نأمل أن يكون القرار ملزماً لدولة الاحتلال بإنهاء الحرب، ووقف المجاعة والوضع الإنساني الصعب في ظل الشتاء والبرد القارس وشحّ المياه»، مستدركاً بأنه «لم يعُد يؤمن بأي عدل على الأرض وأي محكمة أو جهة دولية يمكن أن توقف الجرائم والمجازر الإسرائيلية». ويضيف في حديث إلى «الأخبار»: «ليس لها من دون الله كاشفة. يجب أن نصمد وأن ننتظر الفرج من الله».
من جهته، يتساءل محمد نصار بينما يجمع الأخشاب لإيقاد النار اللازمة لتسخين الماء أمام منزله: «عن أي محكمة تتحدّثون؟»، مشيراً إلى أن «الاحتلال لا يهمّه أحد، وهو ماضٍ في تدمير غزة بأي ثمن. وأنا عن نفسي أن أجد الحطب والماء أهم عندي من كل الأمم المتحدة أو محاكمها وحتى دول العالم كلها».
ويقول حسن أبو السعيد (35 عاماً) من مدينة غزة، بدوره، إن «ما يهمّنا فقط هو وقف الحرب، وأن يعود أهلنا الذين نزحوا من الشمال، وأن لا يكون لدولة الاحتلال سلطة علينا، فهي تتعامل معنا من منطلق انتقامي وتريد أن تدمر غزة كلها، وتدعمها أميركا وتوفّر لها المال والسلاح، فيما تتمنى الكثير من الدول العربية أن تباد غزة وأن تُهزم فيها المقاومة حتى تعود إلى التطبيع». ويضيف في حديثه إلى «الأخبار»: «لذلك كلنا نعلم أن المحكمة وغيرها لن تغيّر شيئاً على الأرض»، متابعاً أن «الواضح أن التواطؤ ضد غزة والقضية الفلسطينية انتقل إلى محكمة العدل الدولية»، مشيراً إلى أن الأخيرة «لم تقل على إسرائيل إنها دولة احتلال، ولم تطالب بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في الوقت الذي طلبت فيه الإفراج عن أسرى الاحتلال لدى المقاومة». كذلك يؤكّد أبو السعيد «(أننا) لا يهمنا أن تدان إسرائيل دولياً أو تُقبل الدعوى ضدها، لأن الذي يهمّنا الآن هو وقف الحرب وتوفير الإغاثة لنا وللأطفال وإنهاء المأساة في الجنوب وعودة المهجّرين إلى منازلهم في الشمال والبدء السريع بإعادة الأعمار».
أما أمّ سامي عطالله، الستينية التي لم تنزح عن مدينة غزة رغم القصف الشديد الذي طاول المنطقة، فتقول: «سمعنا أن المحكمة أعطت دولة الاحتلال شهراً آخر لتواصل الحرب والمجازر، وإذا استمر الحال هكذا في ظل الحصار ومنع دخول الطحين والمواد الغذائية، سنأكل القطط ونحن ننتظر قرار المحكمة، وسنبقى ننتظر كما انتظرنا 75 عاماً من الأمم المتحدة والعالم أن يقف معنا»، وتتابع المرأة: «نحن لا نعوّل على المحكمة أو غيرها، ولن تتوقف إسرائيل ما لم تكن هناك قوة عربية تواجهها».