غزة | في الوقت الذي كرّر فيه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تأكيد نيته التوجّه إلى اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بل وحدّد، في تصريحات سابقة، موعداً لبدء الهجوم، من دون أن يكشفه، واصل جيشه توغّلاً بدأه قبل أيام في مخيم النصيرات وسط القطاع، حيث لم يستطع تحقيق أي منجز بعد، على رغم مرور أيام على بدء ذلك التوغّل. وكان هدف العملية تبديد الانطباع الذي ولّده انسحاب جيش العدو من مدينة خانيونس جنوبي القطاع، والذي اعتُبر تراجعاً للقوات الإسرائيلية، ولا سيما أنه جاء بعد مقتل 15 جندياً إسرائيلياً في كمين مركّب للمقاومة هناك.وبدأ توغّل الدبابات الإسرائيلية، الأربعاء، أول أيام عيد الفطر، تحت غطاء ناري كثيف، في المخيم الجديد شمال غرب مخيم النصيرات. ووفقاً للمعلومات الميدانية، فقد تقدّمت الدبابات إلى المنطقة الشمالية الغربية لمخيم النصيرات، وتحديداً منطقتي المغراقة والظهراء شمال وادي غزة، ومن هناك واصلت توغّلها إلى المخيم الجديد جنوب الوادي، وبدأت بقصف جوي عنيف طاول المئات من المنازل. ومساء أمس، أعلن جيش العدو نيته الزج بلواءي احتياط في المنطقة الوسطى، وشرع في إقامة جسر بري فوق وادي غزة لتسهيل العمليات، وسط قصف مكثّف طاول برج الهباش في أرض المفتي، فضلاً عن عمليات حرق كبيرة للمئات من المنازل، وتمشيط بواسطة طائرات «الكواد كابتر» استهدف كل من يتحرك.
ووفقاً للمعلومات التي نشرها جيش العدو، فقد تحرّكت قوات الاحتلال في المنطقة بناءً على معلومات استخبارية بوجود بنى تحتية للمقاومة فيها، علماً أن الهجوم جاء بعد يومين فقط من الانسحاب الكامل للجيش من مدينة خانيونس. وهنا، يقدر مصدر في المقاومة، تحدّث إلى «الأخبار»، أن «العدو خرج من خانيونس من دون أن يستطيع تحقيق أدنى مستوى في سلّم الأهداف التي وضعها، وهو القضاء على المقاومة، أو الوصول إلى مستوى صفر نيران». ويشير المصدر إلى أن «الهجوم على النصيرات جاء بعد يومين من إخلاء كلّ مناطق قطاع غزة من وحدات الجيش البرية، ما ترك انطباعاً بأن الحرب انتهت. ولذلك، فإن هذه العملية هي محاولة للقول بأن الحرب ما زالت مستمرة. كل ما يفعله جيش العدو هناك هو تدمير المنازل والمرافق المدنية والطرقات. لم يبلّغ الجيش منذ بداية العملية عن أي منجز. حتى الادّعاء بالعثور على نفق ساخن، لم يحدث».
في مقابل ذلك، لم تسمح المقاومة لقوات الاحتلال بتوغّل سهل في تلك المنطقة، إنما خاضت ولا تزال مواجهات عنيفة جداً في كلّ محاور التوغل. ونفّذت الأذرع العسكرية لفصائلها، خلال مدة العملية، نحو 15 مهمة قتالية، تنوّعت ما بين استهداف الآليات والقنص والسيطرة على الطائرات المُسيّرة. وكان أبرز المهمات كمينٌ هندسي محكم، أعلنت «سرايا القدس» أن مقاوميها نصبوه في محور التوغل، حيث أوقعوا رتلاً عسكرياً مكوّناً من ثلاث دبابات «ميركافا» وجرافتي «دي ناين» في حقل ألغام وعبوات برميلية من نوع «ثاقب» شديدة الانفجار، في موقع مالك العسكري شمال مخيم النصيرات. كما أكدت السرايا وقوع جنود قوات العدو ما بين قتيل جريح، ما اضطر طائرات الاحتلال للهبوط لإجلائهم.