رام الله | على وقع صافرات الإنذار، التي وحّدت فلسطين من أقصى شمالها المحتل إلى أقصى جنوبها، تابع الفلسطينيون، ليل السبت - الأحد، الطائرات المُسيّرة والصواريخ الإيرانية وهي تدخل أجواء بلادهم وتصل إلى أهدافها. ومنذ الإعلان عن بدء الرد الإيراني، تسمّر الفلسطينيون في الضفة وفي الداخل المحتل أمام شاشات التلفاز، فيما مع وصول الصواريخ والطائرات، خرجوا ليشاهدوها من أسطح المنازل والشرفات والشوارع مكبّرين وهاتفين للمقاومة، على وقع أصوات انفجارات هائلة رصدتها هواتفهم، موثّقةً لحظات سقوط بعض تلك الصواريخ على أهدافها، وتحديداً مطار «رامون» العسكري في النقب، وقاعدة «نيفاطيم» الجوية التي تقع على بعد 15 كم إلى جنوب شرق مدينة بئر السبع. وحظي الهجوم الإيراني الذي لم يشاهد الفلسطينيون نظيراً له من قبل، بإشادة كبيرة، بينما أظهرت مقاطع مصوّرة من الداخل المحتل حالة هلع في صفوف المستوطنين أثناء هروبهم إلى الملاجئ، بعدما كانوا تسابقوا إلى المحال التجارية لشراء المواد التموينية. وعلى رغم انخراط دول عربية وغربية في التصدي للهجوم الإيراني، إلا أن الصواريخ نجحت في الوصول إلى الأجواء الفلسطينية، وهو ما أعاد إلى الفلسطينيين ذكريات عام 1991 حين قصف العراق الأراضي المحتلة، رغم فارق الحجم بين الهجومين.وبدّد الرد الإيراني مفاعيل عمليات التحريض والتشويه التي شهدتها خلال الأيام الماضية مواقع التواصل الاجتماعي، بتوجيه من أطراف عدة أوعزت بالسخرية من التهديدات الإيرانية واعتبارها حلماً لن يتحقق. وإذ يدرك الفلسطينيون أن الاحتلال لن يعترف بحجم الخسائر الحقيقية أو طبيعة المواقع التي تضررت جراء الهجوم، فإن ذلك لا يبدو مهماً بالنسبة إليهم، كونهم شاهدوا بأمّ أعينهم مئات الصواريخ والطائرات التي دخلت أجواءهم، ورصدوا سقوط بعضها والانفجارات التي نجمت عنها.
كانت «السبت - الأحد» أول ليلة منذ 7 أكتوبر يتوقف فيها القصف الإسرائيلي على غزة


أما في قطاع غزة، فقال بعضهم إن «ليلة السبت - الأحد كانت أول ليلة منذ 7 أكتوبر يتوقف فيها القصف الإسرائيلي على غزة»، وهو ما أتاح لهم النوم من دون أزيز طائرات الاحتلال الحربية أو المُسيّرة، علماً أن العدو كان أعلن إغلاق مجاله الجوي تزامناً مع الضربة الإيرانية، واستنفاره بشكل تام لصدّ الصواريخ والطائرات المُسيّرة. وأشادت الفصائل الفلسطينية، من جهتها، بالرد الإيراني؛ وقالت حركة «حماس» إن «العملية العسكرية التي قامت بها إيران ضد الكيان الصهيوني المحتل، حق طبيعي ورد مستحق على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق»، مؤكدة «الحق الطبيعي للدول ولشعوب المنطقة في الدفاع عن نفسها بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية». كذلك، باركت حركة «المجاهدين» الهجوم «الذي جاء في سياق الرد الطبيعي على تمادي العدو في غطرسته وجرائمه ضد قيادات عسكرية ودبلوماسية إيرانية»، مذكّرة بأن «الاحتلال الصهيوني المدعوم من كل قوى الشر في العالم لا يفهم إلا لغة الحرب والقوة»، وداعية «كل أحرار أمتنا وشرفائها إلى دعم وإسناد طوفان الأقصى ومقاومة شعبنا».
واعتبرت «الجبهة الشعبية»، بدورها، الرد الإيراني «حدثاً مفصلياً هاماً سيؤسس لقواعد اشتباك جديدة في المنطقة»، مؤكدة أن «الرد الإيراني المشروع كسر هيبة الكيان الصهيوني وكشف هشاشته وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه أو إعادة ترميم قوة الردع لديه»، وفي الوقت ذاته «قدرة الجمهورية الإسلامية وفصائل المقاومة على توجيه ضربات مؤلمة إلى الكيان، وتعميق أزمته الداخلية جراء عدم قدرته على تحقيق أيٍّ من أهدافه في قطاع غزة، أو وقف الضربات التي توجهها المقاومة إليه في لبنان واليمن والعراق». واعتبرت أن «الضربات الإيرانية غير المسبوقة ستكون لها مفاعيلها الضاغطة على الكيان الصهيوني من أجل وقف حرب إبادته على قطاع غزة، بعد قناعة الإدارة الأميركية وحلفائها بأن أي تصعيد في المنطقة سيجرها إلى حرب إقليمية لن تكون فيها قواعدها ومصالحها آمنة».