لندن | ناشد حلفاء إسرائيل الغربيون (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، حليفتهم العبرية، ضبط النفس، محذّرين من مزيد من التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، في ما لو قرَّرت تل أبيب المضيّ قدماً في توجيه ضربة انتقامية ضدّ إيران رداً على هجوم السبت الماضي. ووفق مسؤولين في البيت الأبيض، فإن الرئيس الأميركي، جو بايدن، حثّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على النظر في مسألة الردّ على الهجوم الإيراني «بعناية فائقة وبعين استراتيجية»، معتبراً أن إسرائيل «حصلت على أفضل نتيجة ممكنة في هذه المواجهة المباشرة». على أن مسؤولاً أميركياً رفيعاً تحدّث إلى الصحافيين، رفض الإفصاح عمّا إذا كانت هنالك ضغوط من الولايات المتحدة على إسرائيل للامتناع عن الردّ، مشيراً إلى أن «تلك حسابات يتعيّن على الإسرائيليين وحدهم القيام بها»، لكنه لفت إلى أن البيت الأبيض حذّر تل أبيب من أن واشنطن لن تشارك في أيّ ضربات انتقامية محتملة ضدّ الجمهورية الإسلامية.وانعكس ما تقدَّم، في تصريحات الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، الذي قال، في مقابلة تلفزيونية، إن بلاده ملتزمة بـ»الدفاع عن إسرائيل، لكنها أبلغت الجانب الإسرائيلي بسعيها إلى تجنّب صراع أوسع، ومرّرت الرسالة نفسها إلى طهران عبر القنوات المعتمدة». في هذا الوقت، كان قادة «مجموعة السبع» (G7) يعقدون اجتماعاً افتراضياً طارئاً لهم (الأحد) لمناقشة الأزمة، إذ قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشيل، إن المجتمعين «دانوا بالإجماع الهجوم الإيراني غير المسبوق»، لكنه اعترف بأن خفض التوتّر في الشرق الأوسط غير ممكن من دون «إنهاء الأزمة في غزة في أقرب وقت ممكن، ولا سيما من خلال وقف فوري لإطلاق النار، وهو ما سيحدث فرقاً». وتداول الزعماء في الاجتماع أفكاراً في شأن فرض عقوبات إضافية على إيران، غير أن الآراء لم تتوافق حول سبل تطبيقها، الأمر الذي قد يناقشه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم في بروكسل اليوم، بناءً على دعوة مفوّض السياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، ووزراء خارجية «مجموعة السبع» الذين سيلتقون في كابري الإيطالية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، التي شاركت أيضاً في الاجتماع الافتراضي الطارئ، بدورها، إن العقوبات التي سيبحثها الوزراء الأوروبيون تستهدف برنامج إيران للطائرات من دون طيار، كما أنظمة الصواريخ الباليستية لديها. وتحدّثت مصادر صحافية عن أن المملكة المتحدة تجري، من جهتها، مراجعة جديدة حول ما إذا كانت ستصنّف «فيلق الحرس» التابع لـ»الحرس الثوري» الإيراني، كمجموعة إرهابيّة.
تجري لندن مراجعة جديدة حول ما إذا كانت ستصنّف «فيلق الحرس» الإيراني كمجموعة إرهابيّة


أيضاً، طغى هجوم السبت على زيارة الدولة التي يقوم بها المستشار الألماني، أولاف شولتس، إلى الصين؛ فبدلاً من رحلة له بالقارب عبر نهر اليانغتسي كما كان مخطّطاً، أمضى المستشار سحابة يومه (الأحد) في الاجتماع الافتراضي لقادة «السبع»، وعقد مشاورات مع كبار مستشاريه ووزرائه، كما أجرى مباحثات هاتفية مع نتنياهو. وبحسب الصحف الألمانية، اجتهد شولتس، ومستشاره للسياسة الخارجية ينس بلوتنر، في محاولة ثني رئيس حكومة الاحتلال عن شنّ هجوم انتقامي مباشر ضدّ إيران من شأنه أن يزيد تصعيد الأزمة، فيما يبدو أن الألمان يرون ضرورة لـ»تأديب» طهران، ولكن عبر استهداف «وكلائها» في الإقليم.
وفي باريس، عبّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن قلقه إزاء احتمال تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، مؤكداً أنه يعمل مع دول حليفة وصديقة على إقناع إسرائيل بعدم الردّ على الهجوم الإيراني. وأجرى ماكرون محادثات هاتفية مع نتنياهو، ليبلغه بموقف فرنسا الداعم لإسرائيل. ومن جهته، نصح وزير الخارجية البريطاني، اللورد ديفيد كاميرون، الدولة العبرية، بالتصرف بـ»ذكاء» وعدم تصعيد الصراع، علماً أن طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني شاركت في التصدّي للهجوم الإيراني، الذي وصفه اللورد بـ»المتهور» و»الخطير». وأكّد كاميرون مجدّداً «حقّ إسرائيل في الردّ على هجوم السبت»، الذي قال إنه كان أكبر ممّا أبلغه به وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان. لكنه أشار إلى أن ذلك الهجوم كان بمثابة هزيمة مزدوجة لطهران، إذ «لم يكن فاشلاً بشكل شبه كليّ فحسب، بل ويمكن لبقية العالم الآن أن ترى مدى التأثير السلبي الخبيث للإيرانيين في المنطقة، وفهم طبيعتهم الحقيقية». وقال: «إيران وراء حركة حماس في غزة، وهي مسؤولة عمّا يحدث في اليمن، وتدعم حزب الله في لبنان»، داعياً تل أبيب إلى اتباع نصيحة بايدن بالتركيز على استكمال «انتصارها في غزّة، وإنجاز هدف القضاء على حركة حماس»، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. واستغلّ كاميرون مسألة الهجوم الإيراني لمواجهة مطالبة جهات في بريطانيا بوقف مبيعات السلاح لإسرائيل، قائلاً: «هجوم السبت أَظهر بجلاء مدى أهمية تمكين إسرائيل من الدفاع عن نفسها. ولولا أنّنا نقوم بذلك بالفعل، لقُتل آلاف الأشخاص نتيجة الصواريخ الإيرانية، ولحدث تصعيد كبير جداً في هذا الصراع».
وكان رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أعلن عقد اجتماع عمل طارئ لحكومته الأمنية المصغّرة (الجمعة) للتوافق على خطّة عمل في شأن الهجوم الذي كانت طهران قد أبلغت لندن به. وأشار (الأحد) إلى أنه «بفضل الجهود الدولية المنسّقة، التي شاركت فيها المملكة المتحدة، فقد تمّ اعتراض جميع هذه الصواريخ تقريباً، ما أنقذ الأرواح ليس فقط في إسرائيل، ولكن أيضاً في الدول المجاورة، مثل الأردن»، مشيراً إلى إرسال حكومة جلالة الملك طيارين إضافيين إلى المنطقة للمساهمة في الدفاع عن الكيان العبري. ومن الناحية الدستورية، يمكن رئيس الوزراء أن يبدأ حرباً أو يأمر بالمشاركة في أعمال عسكرية من دون الرجوع إلى البرلمان، معتمداً على سلطات كانت محفوظة في الأصل للملك، ولكن تم تفويضها الآن إلى مجلس الوزراء.