رام الله | لا يتوقّف وزير «الأمن القومي» الإسرائيلي المتطرّف، إيتمار بن غفير، عن إطلاق العنان لمخيّلته الإرهابية، المهووسة بقتل الفلسطينيين أينما كانوا، وبكلّ السبل الممكنة، وحسم الصراع معهم من جذوته، بغض النظر عن كيفية تحقيق ذلك. ومنذ السابع من أكتوبر، شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات تُعدّ الأوسع من نوعها طالت أكثر من 8270 شخصاً في الضفة الغربية، بما فيها القدس. وخلال الأسابيع الماضية، وتحديداً قبيل رمضان، أَفرجت السلطات الإسرائيلية عن عشرات الأسرى الإداريين، وهو ما فجّر غضب بن غفير، الذي أكد رفضه تقديرات جهاز الأمن الداخلي «شين بيت» والجيش، والتي أشارت إلى أن هذه الخطوة ضرورية لتخفيف الضغط عن السجون. وقال الوزير إن «القضية ليست قضية إتاحة أماكن في السجون»، لافتاً إلى أن أمر الإفراج جاء «بتوجيه مباشر من رئيس جهاز الأمن الداخلي، كلفتةٍ إزاء الفلسطينيين لمناسبة شهر رمضان».ويبدو أن ضغوط بن غفير قد آتت أكلها؛ إذ صادقت حكومة الاحتلال، أول من أمس، على إضافة نحو ألف مكان احتجاز للأسرى الفلسطينيين في مصلحة السجون، بكلفة نحو 450 مليون شيكل (119.21 مليون دولار)، تُموَّل بنسبة 50% من موازنة وزارة الجيش، و50% من باقي الوزارات الأخرى، وفقاً لموقع «والا» الإخباري العبري.
وعلى ضوء القرار الذي رحّب به، عاد بن غفير من جديد إلى التحريض على الأسرى الفلسطينيين، مطالباً بإعدامهم، باعتبار ذلك أفضل السبل لمواجهة اكتظاظ السجون، وإنْ أشار إلى أن «بناء أماكن إضافية سيسمح باستقبال المزيد من الأسرى الفلسطينيين، وسيجلب حلّاً جزئياً لأزمة الاحتجاز». وكانت حكومة الاحتلال طرحت، منذ تشكيلها، مشروع قانون إعدام الأسرى، والذي قدّمته عضو «الكنيست» عن حزب بن غفير، ليمور سونهارميلخ، وجرت مناقشته من قِبَل لجان برلمانية عدة، فيما أعادت الحكومة طرحه عقب معركة «طوفان الأقصى»، بغية المصادقة عليه بالقراءة الأولى، والإسراع في المصادقة عليه بالقراءتَين الثانية والثالثة ليكون نافذاً بشكل فوري. وبحسب ما نشرته وسائل إعلام عبرية، فإن المشروع ينصّ على أن «الشخص الذي يتسبّب عمداً أو عبر اللامبالاة بوفاة مواطن إسرائيلي، وعندما يحدث الفعل بدافع العنصرية أو العداء تجاه الجمهور اليهودي، بهدف الإضرار بدولة إسرائيل وأمنها ونهضة الشعب اليهودي، يُحكم عليه بالإعدام»، علماً أنه لا توجد في النسخة الحالية للقانون أيّ تفاصيل حول كيفية تنفيذ هذه العقوبة. ويحظى القانون بإجماع سياسي إسرائيلي، وقد جرى إقراره بالقراءة التمهيدية في آذار الماضي، في إطار الاتفاق الائتلافي بين حزب «عظمة يهودية» برئاسة بن غفير، وحزب «الليكود» الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو. وبينما لا يزال المشروع قيد الدراسة والمناقشات، فإن قوات الاحتلال تمارس سياسة الإعدام الميداني للأسرى من دون محاكمات، فضلاً عن اتباعها سياسة «الإخفاء القسري»، ولا سيما في حقّ معتقلي غزة، والذين احتجزت المئات منهم على قيد الحياة بعد معركة «طوفان الأقصى» من دون أن تُخضعهم لأيّ إجراءات قضائية.
ويُعدّ القانون جزءاً من الاتفاقات التي جرى توقيعها لإبرام صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي، بين نتنياهو وبن غفير، أواخر عام 2022، لكن «الكنيست» رفض إلى الآن تشريعه. وتجدر الإشارة إلى أن بن غفير، الطامح إلى إطلاق العنان لمزيد من التوحش الإسرائيلي في كل الساحات والجبهات، جُنّ جنونه في أعقاب مشاهدته الصور القادمة من غزة، والتي تُظهر مئات الفلسطينيين على شاطئ البحر في دير البلح، فضلاً عن عملية «حزب الله» في عرب العرامشة، والتي دعا على خلفيتها إلى حلّ مجلس الحرب ووقف سياسة الاحتواء والرد المتناسب المحدود، مشدداً على أن على إسرائيل أن تُظهر لأعدائها أنها «تردّ بشكل جنوني». وفي هذا الإطار أيضاً، كشفت هيئة البث الإسرائيلية، «كان 11»، الثلاثاء، أن بن غفير جعل من «تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى» هدفاً رسميّاً لوزارته لعام 2024، داعياً إلى اتّخاذ تدابير تكنولوجية في الحرم، بهدف «تعزيز الحوكمة فيه، وتوفير الحقوق الأساسية ومنع التمييز والعنصرية فيه» ضدّ اليهود، وذلك في ظلّ الوضع القائم الذي يمنح حرية العبادة في الحرم حصراً للمسلمين. ورأت مصادر عبرية في خطة بن غفير «وصفة انفجار» يمكن أن تفضي إلى إشعال الأوضاع الأمنية في القدس، مذكّرةً بالتظاهرات وعمليات المقاومة التي تفجّرت عام 2017 عندما قرّرت حكومة نتنياهو، في حينه، نصب البوابات الإلكترونية وتركيب كاميرات المراقبة عند مداخل الأقصى.