أمّا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فكتب في منشور عبر منصة «إكس»: «حماس تحبّ بايدن». ورداً على الوزير المتطرّف، دعا رئيس المعارضة، وزعيم حزب «هناك مستقبل» يائير لبيد، كلاً من الجنرالَين السابقَين، الوزيرين في مجلس الحرب غادي آيزنكوت وبني غانتس، إضافة إلى وزير الأمن، يوآف غالانت، إلى عدم الاكتفاء بإدانة تغريدة وزير الأمن القومي، بل المطالبة علناً بإقالته، عازياً قرار بايدن إلى «فشل الحكومة الإسرائيلية التي نقلت النقاشات إلى الحيّز العلني»، واصفاً نتنياهو بأنه «أرنب في الغرف المغلقة. هكذا كان، وهكذا سيبقى». ومن جهته، قال عضو الكنيست عن «الليكود»، والمندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، ردّاً على سؤال وجّهته إليه الإذاعة نفسها في شأن ما إذا كانت ثمة أزمات شبيهة سابقة في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة: «أذكر أنه كانت هناك أزمة، لكن في اعتقادي أزمة كهذه لها عواقب أمنية جدّية، وهي أمر لم نشهد مثيلاً له منذ الثمانينيات. وهذا إشكالي للغاية، لكن في هذا الموضوع علينا لوم أنفسنا فقط، لأننا تأخّرنا في اتخاذ القرارات وأصغينا إلى الأميركيين في بداية العام الجاري عندما ضغطوا علينا كي نبطّئ وتيرة الحرب، وكان هذا خاطئاً؛ إذ تعيّن علينا الاستمرار بكلّ قوّة وإنهاء حماس في قطاع غزة».
المسار الذي يهدّد بايدن بالمضيّ فيه، «لم ينزل على تل أبيب فجأة»
وجاء «الردّ الصاروخي» على جمائل بايدن، على لسان عضوة «الليكود»، طالي غوتليب، التي خاطبت زملاءها من على منصة الكنيست، قائلةً: «الولايات المتحدة تهدّدنا بعدم مدّنا بالصواريخ الدقيقة. لديّ أخبار للولايات المتحدة: في حوزتنا صواريخ غير دقيقة، ومن حقّنا الدفاع عن أنفسنا. وربّما بدلاً من استخدام صاروخ دقيق وتدمير غرفة معيّنة، سأستخدم صواريخ غير دقيقة وأهدّم 10 مبانٍ». وتابعت: «إذا كنتم تعتقدون أن الولايات المتحدة تساعد قوة الردع الإسرائيلية، فأنتم مخطئون. ففي البداية، كانت الطائرات التي وصلت في اليوم الأول (للحرب)، والتي بعثت برسالة مفادها أن إسرائيل لا تستطيع (العمل) وحدها. واستمر الأمر لاحقاً من خلال الإملاءات بأن لا تفعلوا هذا أو ذاك. علينا القيام بما هو صائب من أجل أمن دولة إسرائيل وصمودها».
لكنّ المسار الذي يهدّد بايدن بالمضيّ فيه، «لم يُفتح على تل أبيب فجأة»، وفق المراسل والمحلّل العسكري لموقع «واينت»، رون بن يشاي؛ فالسبب هو أن إسرائيل «لم تفلح في إقناع الإدارة الأميركية خلال المباحثات التي جرت عبر تقنيّة الفيديو كونفرنس أخيراً، بين مسؤولين إسرائيليين ونظرائهم الأميركيين، بخططها العسكرية لاجتياح رفح. فقد كان التداول في شأن إمدادات الأسلحة بمثابة حوار الطرشان». وبحسب بن يشاي، فإن «البنتاغون بالذات كان متفهّماً لحاجة الجيش وعملياته في رفح والهادفة إلى القضاء نهائياً على القوّة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي، وعلى قدرتهما على إطلاق الصواريخ، إضافة إلى الحاجة الإستراتيجية لمنع تهريب الأسلحة عبر معبر رفح ومحور فيلادلفيا»، ولكن «(وزير الخارجية الأميركي أنتوني) بلينكن، ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان، عارضا ذلك». ومع أنه «لا يوجد حالياً حظر أسلحة شامل على إسرائيل»، إلا أنه «إذا تجاهلت إسرائيل التهديد، واجتاحت رفح بعملية واسعة النطاق، فإن ذلك قد يفضي، على ما يبدو، إلى حظر ليس فقط على أنواع معينة من القنابل، وإنّما على الذخيرة الجوية عموماً، التي تحتاج إليها إسرائيل، فيما الولايات المتحدة هي مصدرها الوحيد».
ولفت المحلّل إلى أن لدى الجيش الإسرائيلي أسلحة في مخازنه، وقد يتمكّن من التعامل مع تبعات القرار الأميركي في حال وصل إلى حدّ الحظر، ولكنه قد يواجه إشكاليةً إذا ما استعرت الحرب في الشمال، أو جبهات أخرى. وذكّر بأن الولايات المتحدة فرضت حظر مبيعات أسلحة على إسرائيل خلال نكبة عام 1948، وكذلك في نهاية السبعينيات بمبادرة من إدارة الرئيس في حينه، جيمي كارتر، كردّ على السياسات الاستيطانية، إضافةً إلى الحظر الذي فرضته إدارة الرئيس رونالد ريغان، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. وفي ذلك الوقت، عارض الرأي العام والمشرّعون الأميركيون من كلا الحزبين فرض الحظر على إسرائيل، «بينما الوضع مختلف حالياً»، والسبب أن «حظر الأسلحة على إسرائيل، حتى لو كان جزئياً ويتعلّق باجتياح رفح، يشكّل رسالة إلى العالم، وخاصة إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى، بمنع تزويد إسرائيل بأسلحة وقطع غيار. وفي هذا يكمن خطر في المدى البعيد»، خاصة أن «المواجهة الكبرى مع إيران لا تزال أمامنا وقد تحدث خلال مدّة أقرب من تلك الواردة في تقديرات جهاز الأمن الإسرائيلي». ورأى بن يشاي أن «بايدن أطلق على رجليه وأرجل الإسرائيليين النار بتصريحاته، والقرار بعدم مدّ إسرائيل بأسلحة ذكيّة سيجبرها على استخدام أسلحة غير دقيقة تخلّف خسائر مدنية»، وكأنّ إسرائيل كانت تنظّم مخيّماً صيفياً للأطفال في غزة على مدى الأشهر السبعة الماضية، لا فتكاً ممنهجاً بعائلات بكاملها، بواسطة منظوماتها وأسلحتها «الذكية».