رام الله | في فصل جديد من العدوان المستمر على الضفة الغربية المحتلة، نفّذ العدوّ، فجر الخميس، اقتحاماً واسعاً لعدّة مدن وبلدات في الضفة، وتركّز خصوصاً في مدينة طولكرم (شمال)، التي ودّعت ثلاثة من أبنائها في هجوم استهدف بلداتها الشمالية، وترافق مع إطلاق الرصاص الحيّ بشكل عشوائي وكثيف تجاه المواطنين وكلّ ما يتحرّك في شوارع المدينة. واقتحمت قوّة عسكرية كبيرة من جيش الاحتلال، طولكرم من مدخلها الغربي، وتمركزت في مناطق متفرّقة، فيما اقتحمت قوّة أخرى منطقة الشعراوية، شمالي المدينة، مروراً بضاحية شويكة، وبلدتَي دير الغصون وعتيل، حيث نشرت قنّاصتها في كلّ الشوارع وفوق المباني. وأظهرت مقاطع مصوّرة من كاميرات المراقبة قنص جنود العدوّ، بعض الشبان، الذين استشهد منهم أيمن مبارك (26 عاماً)، وحسام دعباس (22 عاماً)، ومحمد نصر الله (27 عاماً)، فيما شهدت محاور متفرّقة اشتباكات مسلّحة عنيفة بين قوات الاحتلال ومقاومين تصدّوا لها بصليات من الرصاص والعبوات الناسفة.وفي مدينة القدس (البلدة القديمة)، استشهد شاب، فجر أمس، جرّاء إصابته برصاص الاحتلال، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن، قالت الشرطة الإسرائيلية إن "عناصرها لم يصابوا" في خلالها. وأشارت إلى أن "شخصاً اقترب من مجموعة من أفراد الأمن قرب باب السلسلة، وأشهر سكيناً في محاولة لتنفيذ عملية طعن، فأقدم عناصر الشرطة على إطلاق النار عليه"، وفرض طوق أمني في المكان الذي انتشر فيه العشرات من أفرادها. ووفق مصادر محلّية، فإن الشهيد هو الفتى نور نزار شهابي (17 عاماً) من حي الصوانة في القدس.
وعصر أول من أمس، استشهد الطالب في جامعة بيرزيت، أيسر صافي، من مخيم الجلزون، خلال مواجهات اندلعت عند مدخل مدينة البيرة الشمالي، لمناسبة إحياء الفلسطينيين ذكرى النكبة.

مداهمة متزامنة لشركات الصرافة
في الوقت نفسه، شنّت قوات الاحتلال، خلال اقتحاماتها، حملة اعتقالات واسعة، فضلاً عن مداهمة وتفجير شركات صرافة ومكاتب لها واعتقال موظفين يعملون فيها. واتهم جيش العدو، في منشورات وزّعها، شركات صرافة في الضفة بتمويل "الإرهاب"، علماً أن المداهمات طاولت شركة "الخليج للصرافة" ومكاتبها في محافظات الضفة، وشركة "فخر الدين للصرافة" في طولكرم. وفي التفاصيل، اقتحمت قوات الاحتلال محلاً للصرافة في منطقة البالوع في مدينة البيرة بعد تفجير أبوابه، فيما اعتقلت، في بيت لحم، آلاء طالب عبيات (24 عاماً) من قرية المنشية وأخضعتها لتحقيق ميداني، ثم نقلتها مقيّدة إلى حيث تعمل في محل للصرافة وأجبرتها على فتح أبوابه. كما اعتقلت عبد الرحمن شمالي من كفر راعي في محافظة جنين، بعد مداهمة منزله في البلدة، علماً بأنه يعمل في محل للصرافة، فيما داهمت محلاً تابعاً لسلسلة "الخليج للصرافة" في طوباس، واعتقلت الشاب سامح عليان الذي يعمل فيه.
أيضاً، داهم جيش العدو شركة "الخليج للصرافة" في نابلس، واعتقل معاوية شوقي أحد العاملين فيها. وفي طولكرم، اعتقل الشاب يزن شحادة الذي يعمل في الشركة بعد مداهمة منزله في بلدة عنبتا. كما اقتحم محل "بيت المقدس للصرافة" في منطقة الكراجات القديمة في الحي الغربي لمدينة طولكرم، ومحل "فخر الدين للصرافة" في بلدة عتيل، وأجرى عمليات تفتيش واسعة داخلهما. كذلك، داهمت قوات الاحتلال محلاً للصرافة في مدينة الخليل بعد اقتحامها المدينة، كما اقتحمت محلاً مماثلاً في أريحا وسرقت 180 ألف شيكل.
وفي المحصلة، اعتقلت قوات الاحتلال 12 فلسطينيّاً على الأقلّ من الضفة، بينهم أطفال وأسرى سابقون، بينما ذكرت مصادر محلّية أن مستوطناً دهس فتاة في حي الشيخ جراح في مدينة القدس، وأصابها بجروح.

اشتباكات مسلحة وعمليات
وشهدت مناطق متفرقة في الضفة اشتباكات مسلّحة عنيفة، بالتزامن مع اقتحام قوات الاحتلال لها. إذ تصدّى مقاومون في طولكرم لتلك القوات، وفجّروا العديد من العبوات الناسفة بآلياتها، فيما شهدت مدينة قلقيلية مواجهات عنيفة أصيب خلالها ثلاثة شبان، وصفت إصابة أحدهم بالخطيرة، وداهم الجنود بالتزامن معها منزل أحد المقاومين المطلوبين. أيضاً، نجح مقاومون آخرون في تفجير عدد من العبوات الناسفة، بينما شهدت مدينتا طوباس ونابلس اشتباكات مسلحة مشابهة. في غضون ذلك، تواصلت عمليات المقاومة في الضفة، حيث أصيب، صباح أمس، جندي إسرائيلي في عملية طعن قرب بلدة حوارة جنوبي نابلس. وقالت مصادر إسرائيلية إن المصاب نقل إلى المستشفى بجروح متوسطة، بعدما نجح المنفّذ في الانسحاب من المنطقة، حيث انتشرت قوات الاحتلال للبحث عنه. وتزامن هذا مع اقتحام عصابات المستوطنين، بحماية من جيش العدو، دوار سلمان الفارسي في حوارة.
سياسيّاً، كشفت قناة "كان" العبرية، أول من أمس، أن وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، دعوا إلى الدفع نحو انهيار السلطة الفلسطينية، في حال أعلنت دول في العالم اعترافها بالدولة الفلسطينية. ولفتت القناة إلى أنه خلال اجتماع ضمّ نتنياهو وعدداً من وزراء اليمين، دعا وزير المالية، زعيم حركة "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، زملاءه، إلى اتخاذ خطوات تفضي إلى "انهيار" السلطة، على اعتبار أن بقاءها لا يخدم مصالح إسرائيل. وأفادت القناة بأن سموتريتش اعتبر أن تدشين مستوطنة يهودية جديدة في الضفة الغربية، هو الردّ المطلوب على كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، فيما طالب وزير القضاء "الليكودي"، يريف ليفين، خلال الاجتماع، بوجوب اتّخاذ خطوة عقابية جديدة ضدّ السلطة، مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، واصفاً ممارسات السلطة في المحافل الأممية بأنها "إرهاب".