قرَّرت عالمة الفيزياء الإسرائيلية، البروفيسورة الشهيرة شيكما بريسلر، التي قادت الاحتجاجات العام الماضي ضدّ مخطّط «الانقلاب القضائي»، وانسحبت من الساحة عقب اندلاع الحرب، العودة مجدّداً إلى الشارع، في حملة احتجاجية تحت عنوان «نعيد التفويض إلى الشعب». ومن المرتقب أن تنطلق، صباح يوم الإثنين المقبل، وهو اليوم الذي يفتتح فيه «الكنيست» دورته الصيفية، قوافل سيارات الإسرائيليين المحتجّين من 11 نقطة، في اتّجاه مدينة القدس المحتلّة، حيث سيقود هؤلاء سياراتهم بالسرعة الدنيا التي يسمح بها القانون، من أجل التسبُّب في ازدحامات مرورية، بهدف الضغط على الحكومة، فيما يُتوقّع، في ساعات الظهيرة، أن تصل قوافل السيارات إلى وجهتها، حيث مقرّ «الكنيست» والمكاتب الحكومية الأخرى.
تُعد بريسلر إحدى أكثر النساء تأثيراً في إسرائيل وفقاً لتصنيف صحيفة «ذا ماركير» (أ ف ب)

ووجّهت بريسلر وحركتها الاحتجاجية نداءً إلى الجمهور الإسرائيلي تطالبه بالانضمام إلى الاحتجاجات، قائلة إن «خطاب (وزير الأمن يوآف) غالانت أزال كلّ الشكوك. نتنياهو يجرّ إسرائيل إلى كارثة جديدة، بدوافع شخصية محض. المختطفون تمّ التخلّي عنهم، والشمال والجنوب أُهملا، الاقتصاد ينهار، والصدع يتعمّق في عز الحرب». وأضافت: «نحن نشهد على انهيار الرؤية الصهيونية بسبب تمسُّك رجل واحد بالكرسي. انتهى التفويض الذي منحه الشعب للكنيست والحكومة، وفي قلب كل هذا الجنون، حان الوقت لكي يخرج الشعب إلى الشوارع، لتغيير أداء الدولة وسلوكها، وحتى يحدّد الكنيست موعداً للانتخابات»، موضحةً أن «هذا الأمر في أيدينا، والآن بات ممكناً».
وقبيل عودتها إلى المشهد بيوم واحد، دعا الدكتور والمحاضر في الفكر الإسرائيلي في جامعة «أرئيل» الاستيطانية، مئير سييدلير، إلى إصدار مذكّرة اعتقال إداري في حق بيرسلر، متّهماً إيّاها، في مقالة نشرها في موقع «القناة السابعة» (قناة المستوطنين)، بأنها كانت «سبباً وراء انتشار الرفض في صفوف ضباط الجيش، وخصوصاً في سلاح الجو، للامتثال للخدمة العسكرية في السنة الفائتة» عندما احتجّ هؤلاء على مخطّط «الانقلاب القضائي». وقال إن بريسلر «لم تتعلّم شيئاً ممّا حدث في العام الماضي، وهي تواصل تفكيك الروح التضامنية بين أركان المجتمع الإسرائيلي». ورأى سييدلير أن أمثال عالمة الفيزياء الإسرائيلية «لا يتمّ اعتقالهم»، والسبب أن «الديموقراطية الإسرائيلية تسمح فقط باعتقال (عضو الكنيست الكهاني المتطرّف) مخائيل بن آري، وأعضاء شبيبة التلال»، الذين يرتكبون أشدّ الفظائع في حقّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، لأن «هذه الاعتقالات ترضي الإدارة الأميركية».
وفي مطلع العام الجاري، اتّهمت عضو الكنيست من «الليكود»، طالي غوتليب، زوج بريسلر، وهو ضابط في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، بأنه أدار محادثات شخصية مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، مدّعية أن رئيس «الموساد»، دافيد برنياع، تلقّى بلاغاً من نظرائه الأميركيين حول تلك المحادثة التي دارت قبل أربعة أيام من هجوم «طوفان الأقصى»، في إشارة إلى أن الأخير حدث ضمن «مؤامرة تورّط فيها الزوجان بريسلر بهدف إسقاط حكومة نتنياهو». ولتعزيز اتهامها في حينه، ذكّرت غوتليب بأن برنياع استدعى، في خضمّ الاحتجاجات، الناشطة للقاء معها، علماً أن مكتب نتنياهو نفى، وقتها، اتهامات النائبة. وبعد اتهامها مرّة أخرى الزوج بريسلر بأنه على صلة بالسنوار، ردّ «الموساد»، في بيان قال فيه: «يدور الحديث عن عودة إلى خبر كاذب. رئيس الموساد لم يلتقِ أو يتحدّث أو يستدعي شيكما بريسلر أبداً. هذه المرّة الثانية التي تنشر فيها عضو الكنيست غوتليب أكاذيب لا أساس لها».
أمّا رئيس «الشاباك»، رونين بار، فرأى أن ما فعلته غوتليب، بكشفها عن هوية زوج بريسلر وعمله الأمني الحسّاس في الجهاز، جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بالسجن ثلاث سنوات، وهو ما دفع عالمة الفيزياء إلى رفع دعوى قضائية ضدّ غوتليب بتهمة التشهير، مطالبةً بتعويضها بمبلغ 2.6 مليون شيكل لقاء ذلك.
وتُعد بريسلر، وهي دكتورة في معهد «ويزمان للعلوم»، إحدى أكثر النساء تأثيراً في إسرائيل وفقاً لتصنيف صحيفة «ذا ماركير» التي وضعتها عام 2020 ضمن قائمة الـ100 شخصية الأكثر تأثيراً، كما صنّفها مجلس «فوربس» ضمن قائمة الـ50 امرأة المؤثرات. وفي عام 2021، صنّفتها صحيفة «غلوبس» في قائمة الـ50 امرأة الأكثر تأثيراً في إسرائيل. وقادت بريسلر، بصفتها أحد مؤسّسي حركة «الأعلام السود»، الاحتجاجات التي نادت باستقالة حكومة نتنياهو. وبدءاً من مطلع العام الماضي، احتلّت مكانة مركزية في الاحتجاجات ضدّ «الانقلاب القضائي»، والتي اعتُقلت خلالها أيضاً. ولذلك، تتخوّف أوساط الائتلاف الحاكم من عودتها إلى الشارع مجدّداً، خصوصاً في زمن الحرب، لِما تشكّله من مكانة في الحركة الاحتجاجية.