الأمم المتحدة لم تكن بمنأى عن التجسس الأميركي، بحسب ما كشفت عنه وثائق ويكيليكس. تجسّس تخصص على ما يبدو في معرفة آليات عمل قوات حفظ السلام، ولا سيما في لبنان
نيويورك ـ نزار عبّود
قائمة الطلبات الاستخبارية من بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كبيرة ومتشعبة. وهي لا تقتصر على معلومات مفصَّلة عن الدبلوماسيين وميولهم، بل تشمل حتى مختلف وسائل اتصالاتهم وأرقام حساباتهم والبيانات التي يستخدمونها في بريدهم الإلكتروني، وحتى معلومات عن الحمض النووي لكل منهم وصورة عن حدقة العين التي تتجاوز في خصوصيتها ما للبصمة من أهمية في عمليات التعقب.
وما يلفت في الطلبات التي نشرها موقع ويكيليكس بالنسبة إلى لبنان، حرص الاستخبارات الأميركية على جمع معلومات عن «وجهات النظر والمواقف» للدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، والأمانة العامة، والدول المعنية الرئيسية، من قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان ومن عمليات حفظ السلام في لبنان عموماً.
وتقول البرقية المؤرخة في نهاية تموز 2009، والمصنفة سرية بتعليمات من مايكل أوينز، القائم بأعمال مدير قسم العمليات في دائرة «ناشونال هيومن إنت» الأميركية (أُنشئت لجمع بيانات عن الأشخاص ضمن إطار مكافحة الإرهاب في عام 2003)، إن وزارة الخارجية الأميركية تطلب من دبلوماسييها حول العالم، وفي مقر الأمم المتحدة، تقديم معلومات فنية مفصلة، تتضمن كلمات المرور، وكلمات السرّ المشفّرة في شبكات الاتصالات التي يستخدمها المسؤولون الدوليون، وفيها طلبات بمعرفة الصلات المحتملة للدوائر والمنظمات الأممية بتنظيمات «إرهابية» مثل «حماس» و«حزب الله».
وفي الفقرة المتعلقة بقوات اليونيفيل، طلبت الخارجية والدوائر الاستخبارية جمع معلومات عن أفراد الدول الأعضاء في المجلس بلا استثناء، وهذا يشمل حتى روسيا واليابان وفرنسا وإيطاليا، فضلاً عن بعثة لبنان وفييتنام، ومعلومات عن منظمات وكتل سياسية كبرى مثل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومحكمة الجنايات الدولية.
المطلوب بموجب ما وصف بـ«المسألة السياسية» هو «معرفة وجهات نظر أعضاء الأمم المتحدة وخططهم ونيّاتهم» في ما يتعلق بـ«قدرات الأمم المتحدة على تنظيم عمليات عسكرية معقدة جديدة وعمليات شرطة مدنية وقيادتها وتنفيذها».
وتطلب معلومات عن وجهات نظر الأمانة العامة أو الأعضاء بشأن مبادرات إصلاح عمليات السلام، ومعلومات عن تعيين مبعوثين للأمين العام خاصين بعمليات السلام والسياسة، وعن آفاق وغايات بُنى القيادة وقواعد الاشتباك ومناخ التهديد لعمليات حفظ السلام المقترحة، بما فيها «المواصلات والاتصالات وبناها التحتية وما يختص بها من خرائط». كذلك، عن أنواع وعدد وقدرات القوات ومعداتها والمواد التي تعرب الدول عن الاستعداد لتزويدها بها.
وطلبت وزارة الخارجية الأميركية معلومات عن قابلية تلك المعدّات والتجهيزات للتحول من غاية إلى أخرى في إطار عمليات المساندة اللوجستية، ومعلومات عن النزاعات على الأرض بين دائرة حفظ السلام الأممية ودائرة الإسناد الميداني وبين دائرة الشؤون السياسية بشأن السيطرة على عمليات حفظ السلام، وعن المعارك على الأرض بين الشقين اللوجستي والعسكري في عمليات حفظ السلام، ومعلومات عن مدى استعداد الدول التي تقدم قوات لحفظ السلام لتلقي الأوامر من أفراد الدول التي تُسهم بقادة ونواب قادة ميدانيين لقوات حفظ السلام، ومعلومات أيضاً عن تأثير مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان الخاص باللاجئين على إدراج مشاغل حقوق الإنسان ضمن عمليات حفظ السلام وولايتها.
وتطلب أيضاً معرفة وجهات نظر الحكومة المضيفة (لبنان) ومشاغلها حيال سياسات الأمم المتحدة الخاصة بتلك الدولة، وتأثير منسّق مجلس الأمن الدولي على تخطيط العمليات، وردود فعل الموظفين الميدانيين على إرشادات مجلس الأمن الدولي.
وفي نقطة تعبّر عن إشارات إلى دراسة نشر قوات تدخل سريع في حالات معينة، طالبت البرقية بجمع معلومات عن «القدرات والخطط لتجهيز كتيبة تدخل عالية التأهب ونشرها».