وسط هذا كله، دون مبررات أو مقدمات، يرسل صفير النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم إلى بنشعي، حاملاً إلى رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية دعوة هي الأولى من نوعها، يدعو بواسطتها البطريرك فرنجية لتناول الغداء اليوم إلى مائدته في بشري. وافق فرنجية كعادته مع مبادرات مماثلة، دون أن يضيف أمام المقربين منه أي تفصيل أو معلومة عن مضمون الدعوة أو خلفيتها. وهو بحسب أحد هؤلاء، سيكون أكثر ارتياحاً هذه المرة، باعتبار أن صفير يطلب اللقاء ويفترض أن يكون هو المبادر إلى الكلام.
ويبدو واضحاً أن ثمة أكثر من وجهة نظر مَرَديّة تجاه لقاء اليوم. فالبعض لا يعلّق آمالاً كبيرة على الزيارة التي يصفونها بالحدث العادي الذي لا يستحق التعويل عليه بعدما ثبت رسوخ الإيمان البطريركي بأن مصلحة المسيحيين تكون بإبقائهم رأس حربة في المشروع الأميركي لإزعاج سوريا ومواجهة حزب الله. وبرأي أحد المرديين، فإنّ تعهّد فرنجية للبطريرك بتجنّب الصدام المسيحي ـــــ المسيحي إن حصلت اضطرابات أمنية داخلية لا يقدّم أو يؤخّر بشيء، لأنّ «أشرار المجتمع المسيحي» يلعبون في ملعب البطريرك.
لكن وسط شباب المردة، تسود كلمة سرّ واحدة، تفيد بأن لا شيء يفرّقهم عن سيّد بكركي ويبعدهم عنه إلا مواقفه السياسيّة، علماً بأنّ فرنجية، رغم انتقاداته اللاذعة للبطريرك، لم يعمل يوماً بجدية لإضعاف سيد الصرح. وهو رغم المراجعات الكثيرة، يرفض الكشف عمّا يملكه من وثائق تتعلق بالعمل البطريركي، ويأبى التوسط للصحافيين عند أحد الآباء المقرّبين منه الذين يملكون ملفات يُقال إنها موضع محاكمة سرية للبطريرك في الفاتيكان، كما لا يقبل استخدام علاقته المتينة ببعض الرهبان للتأثير ولو قليلاً على مكانة البطريرك.
في المقابل، ثمّة من يحاول تبهير الغداء وتمليحه، فيبدي
فرنجيّة، رغم انتقاداته اللاذعة للبطريرك، لم يعمل يوماً لإضعاف سيّد الصرح
في النتيجة، سواء أثمر الخبز والملح أو لا، فإن جعجع لن يكون سعيداً اليوم. لا هو ولا آل معوّض الذين نجحوا في منع صفير من استعادة تقليده السابق الذي يقضي بمروره بقصر الرئيس سليمان فرنجية في طريقه إلى الديمان. وسيسود الوجوم وجه من رفع صور البطريرك في زغرتا وإهدن ظناً منه أنها تغيظ فرنجية، علماً بأن غالبية هذه الصور التقطتها عدسة فرنجية نفسه.
أما البطريرك، فسيشهد صالونه تدافعاً من جديد. يعرف «سيّدنا» كيف يلعبها.