ساحة الشهداء كانت أمس، على أهميّة الحدث وارتباطه بشهادة الرئيس رفيق الحريري، أشبه بالمسرح، ولا سيما بالنسبة إلى السياسيين الذين أدّى معظمهم أدواراً بدت غير منسجمة مع الحدث والمسرح وفنون التمثيل، وكأنها بلا مخرجين
غسّان سعود
تبدو النائبة السابقة نايلة معوض واثقة بأن الجمهور المحتشد مغتبط بوصولها فتعرض ضحكتها، ترتاح قبضتها وترقص إحدى ذراعيها سعيدةً، فيما تنحني الذراع الأخرى لتوزّع من فم سعادتها القبَل في مختلف الاتجاهات. ميشال، ابنها، ينفعل مع والدته، تتجاوز ابتسامته المعتادة كأنه لا يصدّق هذا الترحيب به، تضيء عيناه بالفرح، يشدّ كتفيه المحاطتين بالحراس وتتثاقل قدماه كأنه يريد الوقوف في تلك اللحظة إلى ما لا نهاية. بالمناسبة، كأنّ حركة الاستقلال، التي يرأسها ميشال معوض، لم تجد من يرفع لافتاتها فثبّتتها في مختلف أنحاء الساحة المخصصة للاحتفال.
المعوّضان وصلا مع النائب مروان حمادة. الأخير وقف في منتصف طريق الشخصيات إلى الضريح ليظلّل عينيه من الشمس، ويحاول تحديد حجم الحشد فينتفخ صدره ارتياحاً، ويقترب من السور الحديدي ليقبّل أحد أصدقائه مردّداً: «نحن بألف خير»، معاهداً «الاستمرار في المسيرة». قبل هؤلاء، وصل النائب السابق باسم السبع، محتضناً ابنه من دون التفات صوب الجماهير. أما النائب السابق مصطفى علوش، فبدا في طقوسه الاحتفالية أقرب إلى نايلة معوض، إذ لم يكد يسمع هتاف أحد الحاضرين باسمه حتى بدأ التلويح وتوزيع القُبل. إحدى الإعلاميات استوقفت علوش لتستصرحه، تردّد ثانيتين ثم شرع بالحديث، لكن سرعان ما وصلت النائبة بهية الحريري، فتركت الإعلامية علوش يتحدث وهرعت من دون استئذانه مع المصوّر لتحاول استصراح «الست بهية»، لكن الأخيرة استمرت في خطواتها الثابتة، تنظر في الأرض ولا تعير أحداً أيّ اهتمام. المقارنة السريعة بين دخول بهية ودخول نايلة مثير. فيما لم تشارك النائبة نايلة تويني حتى في ذكرى 14 شباط. ملامح وجه زوجة النائب محمد قباني دلّت على استغرابها لمن يلوّح زوجها ما دام لا أحد يعيره اهتماماً، لكن سرعان ما فهمت الزوجة اللعبة، تأنّقت مشيتها وعلا ذقنها ليزاحم جبين زوجها اعتزازاً وافتخاراً... بالنفس. المعجبون بنائب رئيس المجلس النيابي، فريد مكاري، كثيرون. هو يعبر باتجاه الضريح واثقاً بنفسه، خطواته سريعة ويده في جيبه. أما النائب السابق غطاس الخوري، فبدا متردّداً بين التلويح وعدمه. بعد دقائق، يطل الخوري من المنصة الرئيسية ليصوّر بهاتفه الخلوي الحشد من زوايا عدة. فتى الكتائب ـــــ النائب سامر سعادة لم يلتفت إلى الهتافات، فهو كان مشغولاً بمكالمة هاتفية، رفيقه نديم الجميل سيواظب على دوره كزعيم شعبي: يشق طريقه بين الناس بدل الطريق المخصص للشخصيات السياسية، يتوقف كل بضعة أمتار ليسلّم على المعجبين... والمعجبات، ويلتقط الصور مع من يريد منهم. إحداهن تتأكد سريعاً عبر مرآة سريعة من تألّقها وتشدّه إليها لتتصور معه. في التظاهرات المماثلة، يبدو غريباً انتعال بعض الصبايا أحذية مرتفعة، وارتداؤهنّ ثياباً، يصعب، على الأرجح، التحرك فيها. فضلاً عن التبرج الكامل. بالعودة إلى نديم، ردّ شباب الطريق الجديدة على تحيته بأفضل منها: الله، بشير، الطريق الجديدة.
ملامح وزير الإعلام طارق متري تتحرر من سيطرته الدائمة على الانفعالات: هتاف أول باسمه فابتسامة، هتافان فابتسامة أكبر، ثلاثة هتافات فابتسامة تملأ الوجه كله. التكنوقراط والحشد: سعادة متري تعرّيه، وزير المال السابق محمد شطح يكاد يتعثر في سيره. وزيرة المال ريا الحسن تركز على خطواتها متحاشيةً الالتفات إلى الجمهور. أما أستاذ هؤلاء جميعاً في «المالية» وغيرها الرئيس فؤاد السنيورة، فبات يتقن اللعبة، يدخل على أغنية «جبلنا»، لا يترك صوتاً يناديه إلا يردّ له التحية، ثم يقف فجأةً ينظر صوب مجموعة جامدة كأنه ينبّهها إلى وصوله وضرورة ترحيبها به، ينتقل خطوة واحدة إلى اليمين ويرفع باليدين شارة النصر، ثم يلوّح يلوّح يلوّح للهاتفين باسمه: «سنيورة سنيورة». الغريب أن المعجبين بالسنيورة لم ينجحوا خلال خمس سنوات من اختراع هتاف مميز لرئيس الحكومة السابق يتجاوز «السنيورة باق باق باق». عريف الاحتفال جورج بكاسيني يعرّف السنيورة، بالآتي: وجه القوة الناعمة ويدها (..)، الصبور على الصبر (...)، القوي بدمعته (...) وسليل العروبة الديموقراطية. المحتشدون قبالة المنصة يصفقون لسيارات الشيخ سعد باعتباره في داخلها، لكنه سرعان ما فاجأهم بعبوره سيراً، وإلى يمينه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط. الحريري كان مبتسماً، يتوقف كل بضع خطوات، يلوّح بفرح ويوزع القُبل. أما جنبلاط، فبدا جامداً، تظلّل وجهه ابتسامة خفيفة جداً، لم يرفع يده ملوّحاً كالعادة. حرص الحريري على مرافقة جنبلاط في الدخول لوضع إكليل من الورود على الضريح، استُكمل بمرافقة جنبلاط في المغادرة السريعة إلى الخارج. فلم يراعِ الحريري بثّ المنظّمين كلمة للسيدة نازك الحريري وسارع إلى الخروج مع جنبلاط باتجاه المنصة، حيث الفرقة الموسيقية لتحية المحتشدين قبيل مغادرة جنبلاط الاحتفال. فيما بدت السيدة نازك في ظل انشغال الحشد بجنبلاط والحريري كمن يتحدث مع نفسه. وبعد عودته إلى الخيمة، لم يلبث الحريري أن خرج من جديد، ليقتحم من دون إنذار ساحة صغيرة كان «المحظيون» من أنصار المستقبل والصحافيين يجلسون فيها. دخل الحريري، جذب كرسياً جلس عليه بضع ثوان في استعراض للتواضع، ابتسم للكاميرات، لوّح للحشد وعاد إلى خيمة الضريح على وقع الهتافات: «لا تسألوا نحنا مين، نحنا رجالك سعد الدين».
اللافت أن الرئيس أمين الجميل كان الخطيب الأول خلافاً للأصول البروتوكولية، التي تفرض أن يكون رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أول الخطباء، فالسنيورة، ثم الجميل فالحريري. وقلّة فقط اهتمت بكلمة الجميل، وخصوصاً أن مشاركة الكتائب أمس كانت هزيلة جداً. وعلم في هذا السياق أن الاختلاف في الرأي بشأن مشاركة الكتائب انفجر قبل بضعة أيام بين الرئيس الجميل وابنه النائب سامي الجميل. إذ تمسك الأول بضرورة المشاركة الشعبية الكثيفة، ورأى الثاني أن لا ضرورة كتائبية للحشد، ما اضطرّ الرئيس الجميل إلى الاستعانة لأول مرة بالنائب نديم الجميل في الإعداد لمناسبة كهذه. وخلافاً للعادة في السنوات الأربع الماضية، لم يسجل حضور كتائبي شعبي لافت قبالة البيت المركزي للحزب، ومعظم الكتائبيين الذين شاركوا كانوا من الناشطين في بيروت، حيث يتمتع نديم الجميل ببعض النفوذ. وعلى صعيد الغياب، يسجل غياب شبه كامل لحركة اليسار الديموقراطي التي كانت تلوّن عادةً مناسبات كهذه. وعُلم هنا أيضاً أن اجتماع اليسار الديموقراطي يوم الجمعة الماضي لم يثمر إجماعاً على المشاركة الكثيفة، في ظل تمسك النائب السابق الياس عطا الله ومجموعة مؤثرة من اليساريين الديموقراطيين بالانحياز إلى خيارات النائب وليد جنبلاط في هذه المرحلة (مقابل ذلك يبدو النائب عن الحركة أمين وهبة أقرب إلى الرئيس سعد الحريري). أما القوات اللبنانية، فكانت أكثر القوى المسيحية تعبئة لأنصارها، لكن التجوال وسط الحشد يؤكد أن حضور القوات في هذه الذكرى لا يقارن أبداً بحضورها في السنوات الماضية. هذه المرة كان القواتيون متفرّقين، مجموعات صغيرة ومشتّتة (حاولوا إثبات العكس من خلال رفعهم قبل يومين بضعة بالونات في سماء ساحة الشهداء، وإطلاقهم فور بدء جعجع كلمته مئات البالونات الملوّنة في السماء). أما العام الماضي، فكانوا موزعين بذكاء كل مئة متر تقريباً مع مكبرات صوت ولافتات. وكانت لافتة المشاركة «الإعلانية» للذراع السريانية للقوات اللبنانية: حزب الاتحاد السرياني، هذا العام. ويسجل للتاريخ أن بكاسيني عرّف جعجع قبيل إلقائه كلمته بصفته «سمير الشراكة الإسلامية المسيحية» و«جعجع 14 آذار». وبدورهم، توزع أنصار حزب الوطنيين الأحرار كالعادة، كل يحمل ثلاث رايات، فضلاً عن رفع الحزب بضعة أعلام عملاقة توحي بأن الحشد كله وطنيون أحرار. أمّا المفاجأة الأكبر، فكانت على صعيد مشاركة الحزب التقدمي الاشتراكي، إذ غاب الحزب غياباً شبه كامل، واقتصرت المشاركة على بعض الذين اختاروا القيام بمبادرة فردية، وقد جاهر بعض هؤلاء في دردشات متفرقة مع أنصار حلفائهم السابقين بخيبتهم من موقف جنبلاط، ودخوله بهذه الطريقة إلى ساحة الشهداء.

قسّمت الساحة إلى ساحتين: واحدة للناس وأخرى تتّسع للحاصلين على بطاقات خاصة
فور إنهاء جعجع كلمته، بدا واضحاً من الطبقة السادسة في صحيفة «النهار» انسحاب معظم أنصار القوات اللبنانية والكتائب، حتى بدا الحشد الرئيسي بحراً أزرق، تزيّنه الأعلام اللبنانية. ومن العالي ينكشف التقسيم الغريب الذي اعتمده تيار المستقبل أمس، حيث اجتمعت الشخصيات السياسية في الخيمة قرب الضريح، وقسّمت ساحة الشهداء إلى ساحتين، واحدة كبيرة لكل الناس، وأخرى تتّسع لنحو ألفي كرسي لا يدخلها إلّا الحاصلون على بطاقات خاصة من تيار المستقبل، ومعظم هؤلاء كانوا من العائلات البيروتية وعائلات سياسيي 14 آذار، علماً بأن معظم المستيقظين باكراً لملء يوم العطلة (صودف أنه أحد المرفع لدى المسيحيين) لم يشاهدوا من الاحتفال إلا ما نقلته الشاشات العملاقة، وكان يمكنهم ملاحظة تفاصيل أكثر لو جلسوا قبالة التلفاز في منازلهم.
العودة من ساحة الشهداء (التي أطلق عليها تلفزيون المستقبل أمس خلال بثه المباشر اسم «البيال»)، إلى الكرنتينا، حيث قطع تيار المستقبل الطريق، أصعب، بعد أربع ساعات تحت الشمس الساطعة. لكن أحاديث المواطنين تخفّف من مشقة المسافة: الباصات التي أوصلتنا من الكرنتينا إلى وسط بيروت غادرتنا، عكاريون وبقاعيون لم يعرفوا في بيروت إلا التعتير يغنون بحماسة «بيروت رح ترجع والحق ما بيموت»، سؤال منطقي: «لماذا يدفع للسيارة الآتية من جرود عكار مئة دولار، مقابل مئتي دولار للآتية من ساحل كسروان»، وبعض الهتافات مثل: «يا سعد أوعا تهدّينا، من تكساس نحنا جينا»، وعبارات أخرى لا توحي بأن الفتنة المذهبية باتت وراءنا تماماً.


السنيورة: أطلقنا مقاومة إسرائيل

للمرة الاولى منذ عام 2005، يعتلي رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة منبر مناسبة تنظّمها قوى 14 آذار في ساحة الشهداء. ويوم أمس، كان ثاني الخطباء بعد الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل. ويرى مطّلعون أن ما دفع الحريري إلى اختيار السنيورة، لا عمّته النائبة بهية الحريري، هو محاولة إظهار السنيورة زعيماً شعبيّاً أول في تيار المستقبل، في ظل تولي سعد الحريري منصب الرئاسة الثالثة. وألقى السنيورة أمس خطاباً أعاد خلاله تحديد المرتكزات التي يتمسك بها. وأبرز هذه المرتكزات، الحفاظ على العيش المشترك والمناصفة، معرباً عن رفضه لأن «يفرض علينا أحد رأيه بالقوة أو عن طريق السلاح». ومع التمسك بالتوافق، رأى السنيورة أن المطلوب هو ألّا يجريَ «التعطيلُ باسم الإصرار على التوافُق في كلّ شيءٍ مع الإصرار على عدمِه في آن واحد وفي أمور أساسية».
وحدّد السنيورة عدواً وحيداً للبنان هو «الكيان الصهيوني»، متمسكاً بالمبادرة العربية للسلام، ورفض التوطين. وهذا الكيان، قال السنيورة «إننا دعمنا وأيّدنا وأطلقنا وشاركنا في مقاومة عدوانه، وسنظل على استعداد لمقاومته صفاً واحداً وبإرادة رجل واحد إذا اعتدى علينا، لكننا سنجهد لكي لا نعطي للعدو الإسرائيلي فرصة أو ذريعة لكي يدمّر بلدنا».
وعن العلاقة مع «إخواننا العرب»، أكد السنيورة عدم وجود رغبة بالتدخل في شؤونهم الداخلية «أو أن نكون مصدر إزعاج لهم، لكن نحن نريد منهم أيضاً الاحترام المتبادل لبلدنا وخصوصيتنا واستقلالنا». وعبّر عن تقديره واحترامه لسوريا التي «نريد منها الاحترام المتبادل والاعتراف المتبادل بهذا النموذج اللبناني الفريد في العالم العربي».


الجميل: قرار الحرب والسلم والتفاوض

رأى الرئيس أمين الجميّل أن التساؤلات «التي تدور في بال اللبنانيين مشروعة، وما حضورنا هنا اليوم إلّا للتأكيد على ثبات مسيرتنا الوطنية، وعلى الثوابت والمقدسات، وأيّ متغيرات محلية أو إقليمية لا تغيّر لحظة في مسارنا الوطني، أو في عزيمتنا على المضيّ في بناء الدولة القوية العادلة، وعلى تعزيز الاستقلال، وإنجاز السيادة».
ولفت الجميّل إلى أن السيادة الوطنيّة هي أن يكون لبنان بعهدة السلطة الشرعية المنتخبة ديموقراطياً، وألّا «يكون على أرض لبنان أيّ سلاح غير سلاح الشرعية اللبنانية تحت أيّ ذريعة، والسيادة تعني أن تحتكر الدولة من خلال مؤسساتها الشرعية كل القرارات السيادية، وفي مقدّمها قرار الحرب والسلم والتفاوض. من هنا كان اعتراضنا على أحد بنود البيان الوزاري، وكانت مراجعتنا أمام المجلس الدستوري. وهذا الاعتراض سيبقى للرأي العام وللتاريخ».
وأعلن الجميّل أنه يريد خطوات سوريّة واضحة ومحددة في الزمن لبتّ «الملفات العالقة التي تمثّل انتقاصاً من سيادة الدولة اللبنانية، وتبقي الجرح اللبناني نازفاً، ولنا في التجارب السابقة مع سوريا خير دليل على أحقية مخاوفنا». أضاف إنه يريد أطيب العلاقات وأفضلها مع سوريا، وبالقدر نفسه «نريد من سوريا أن تقتنع مرة نهائية بأن لبنان هو كيان مستقل ودولة سيدة حرة ذات نظام مميز في هذه المنطقة».
وأقترح الجميل «أن يكون مؤتمر الحوار الوطنيّ برعاية رئيس الجمهورية وتعاون رئيس الحكومة والقيادات الوطنية، مناسبة، ليس لبحث الاستراتيجية الدفاعية وحسب، بل لإجراء مصارحة فعلية تطرح عمق المشكلة اللبنانية، لأن التسويات الظرفية ونهج التأجيل لم يؤدّيا إلا إلى المزيد من الشلل».


الحريري: الانخراط بلعبة المحاور يضرّ بنا

خاطب رئيس الحكومة، سعد الحريري، المحتشدين في ساحة الشهداء، أمس، كواحد منهم، ولا فرق بينه كرئيس ومسؤول، وبينهم كمواطنين عاديين يجهدون يوميّاً لتلبية حاجات الطعام والكساء. فـ«أنا لا أقف اليوم رئيساً للحكومة، بل معكم وبينكم كواحد منكم». وإذ اعترف «بفضلكم وجميلكم»، قال: «ظن القتلة أن هذا الضريح سيكون ضريحاً لأحلامنا، لكنكم بإرادتكم وبعودتكم إلى هذه الساحة في كل 14 شباط من كل عام جعلتم الضريح يتفجّر حرية واستقلالاً وحقيقة وعدالة آتيتين».
وأشار الحريري إلى أنه «لا سبيل لنا اليوم وغداً للدفاع عن بلدنا، إلا بوحدتنا الوطنية، بهذه الروح نمدّ اليد للتعاون في سبيل جعل الاستقرار حاجة لبنانية عمومية لبسط سلطة الدولة والقانون». وقال: «بهذه الروح وضعنا لبنان على خريطة المصالحات العربية، وليس سراً على أحد أنني شريك في رسم هذه الخريطة، وأن زيارتي إلى دمشق كانت جزءاً من نافذة فتحها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز». وأكد الرئيس الحريري «الشروع في بناء مرحلة جديدة لبناء علاقات من دولة إلى دولة بين لبنان وسوريا»، موضحاً أن «مصلحة لبنان في الاستقرار هي مصلحة مؤكدة، ومصلحته في التضامن العربي هي استراتيجية». وقال: «لبنان أكبر متضرر من الانخراط بلعبة المحاور، والمصالحة العربية فرصة لا يصح أن نغيب عنها مهما كانت الأسباب».
واستطرد: «قبل عامين رفعت الصوت هنا: لبنان أولاً؛ واليوم أرفع الصوت مجدداً: للبنان أولاً. فالاستقرار في مصلحة لبنان أولاً، والمصالحة العربية والتضامن بمواجهة إسرائيل وتعطيل الفتنة في مصلحة لبنان أولاً».
وشدد الحريري على استمرار تجمّع 14 آذار، فقال: «أنتم صنعتم 14 آذار، أنتم القيادة الفعلية لـ14 آذار، وها أنتم اليوم هنا لتقولوا للعالم: ها هي 14 آذار، مشهد اللبنانيين المسيحيين والمسلمين الموحّدين دفاعاً عن لبنان».


جعجع: السلاح يستجلب الاعتداءات

كرّر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، أمس، موقفه الرافض لوجود سلاح خارج سلطة الدولة، مؤكداً أن «بقاء أي سلاح، خارج مؤسسات الدولة اللبنانية، بات يشكل عبئاً، لا قدرة للبنان واللبنانيين على تحمله، وهو ما قد يستجلب، اعتداءات خارجية».
ورأى جعجع أنّ «المقاومة اللبنانية الوطنية الفعلية هي هنا لأن شعارها لبنان أولاً، وثانياً، وثالثاً، ورابعاً، وأخيراً، داعياً «قادة الفريق الآخر إلى اتخاذ قرار وطني شجاع يقضي بالموافقة، على وضع إمكاناتهم العسكرية وقرار السلم والحرب بتصرف الدولة اللبنانية».
وشدد جعجع على أنه «لا مساومة على المحكمة الدولية، ولن نقبل تشويشاً على عمل المحكمة، ولن نسكت على أي محاولة لقتلها واغتيالها». وأكد أن «المحكمة وجدت لتحكم وستحكم، وسنقبل أحكام المحكمة مهما كانت». وقال: «ناضلتم من أجل المحكمة وحصلتم عليها، وتناضلون الآن من أجل الحقيقة والعدالة، وستحصلون عليهما». وعلى صعيد آخر، أكد جعجع دعم منطق حكومة الوحدة الوطنية: «أردناها حكومة وفاق وطني، للعبور إلى الوحدة والدولة، وللنهوض بالبلاد والعباد، وللاهتمام بالاقتصاد ولقمة العيش، ولحماية لبنان واللبنانيين».
وأعلن أننا «راهنّا عليها، ولم نزل، لكننا لن نقبل بأن يحاول البعض إفشال هذا الرهان». وتوجه جعجع إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، مؤكداً أننا «كلنا وراءكما، لعدم ترك لبنان، ينزلق إلى الشلل، والموت البطيء».