مقالات مرتبطة
-
عاد إلى فلسطين بسام القنطار
هذه الحادثة كانت أول ما خطر في بال الحاجة أم جبر بعد سماعها خبر استشهاد القنطار. انهارت بالبكاء حزناً على «ابنها البكر»، كما تحب أن تناديه، وقالت لـ«الأخبار»: «هو ابني الذي طالما كان عنواناً للرجولة والقوة والتحدي. هو البطل الذي أتغنّى به في كل زمان ومكان». لكن ما يهوّن عليها فاجعتها أن «الشهيد البطل اختار هذه الطريق منذ كان عمره 16 عاماً، وأراد أن يكون بطلاً مقاوماً يعشق المقاومة ويتنشق هواءها، وكان دوماً يردّد لي: إما الموت بطلاً أو العيش حراً بعد أن نطرد الاستعمار».
هكذا، وبمجرد سماع جيران أم جبر وأقاربها نبأ استشهاد القنطار، سارعوا الى منزلها في مخيم البريج، وسط قطاع غزة، لمواساتها في محنتها، ولمشاركتها في «عرس الشهيد»، كما قالت، وهي التي فتحت دار عزاء.
تروي أم جبر ما كان يحدث معها عند زيارة القنطار. في إحدى المرات حاول أحد السجانين السخرية من سمير لتثبيط عزيمته، «لرؤيتي أزوره ولا صلة قرابة بيننا، فقال له: يا قنطار، إذا كنت مفكر إنو أهلك بيوم راح يطلعوك من السجن فما تحلم، لأنك ما راح تطلع ولا حتى ربنا بيقدر يطلعك. أجاب سمير بكل ثقة: ربنا اللي خلقني وكتب لي أن أكون سجيناً، سيكتب لي الحرية وستموت أنت قهراً».
أما شقيقه ورفيقه في الأسر جبر، فإن خبر استشهاده لم يكن مفاجئاً بالنسبة اليه. وقال جبر لـ«الأخبار»: «على الرغم من وقع الصدمة، كنت أعلم تماماً بأنه هدف للاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول لتحريره. كان مفعماً بالتفاؤل والحياة والحيوية والأمل، ولا أحد يستطيع أن يتجاوزه كقائد، وكان المعتقلون الجدد يشربون من كأس جرأته».
وعلى الرغم من الظروف السيئة التي عاشها القنطار في سجنه، كان مرحاً ويحب الحياة، وكان يستمع إلى برنامج «خليك في البيت» الذي يقدمه الصحافي اللبناني زاهي وهبي، وينقل جبر أنه بعد انتهاء البرنامج كان سمير يمازحه بالقول «خليك في السجن». أما الصورة المرسومة في رأس جبر لسمير فهو آخر لقاء بينهما: «عندما أفرج عني، كنت أودّعه، فلم أتمالك نفسي وأجهشت بالبكاء بين ذراعيه، ورفضت الخروج بدونه. راح سمير يواسيني ويقول لي شد حيلك، إحنا مكانّا مش هان، مكانّا برّا، وبكرا راح نلتقي كون أكيد». أضاف: «لم تذهب صورته من رأسي عندما كنت أنظر خلفي وهو خلف القضبان، وأنا أسير نحو باب الخروج، وكان يلوّح لي مبتسماً، إلى أن قابلته في لبنان بعد تحريره. ولكن صورته في الزنزانة كانت الأكثر تأثيراً فيي».