أنطوان سعدقد تكون دائرة زحلة هي الوحيدة في لبنان حيث ستؤدي شخصيات المرشحين في كل من اللائحتين الدور الأبرز في تقرير هوية الفائز فيها. ويستعيد في هذه الأيام بعض «الزحالنة العتاق» عبارة «زحلة مقبرة الأحزاب»، في تأكيدهم أن ضعف كل من اللائحتين هو في وجود مرشحين حزبيين. ويذهب آخرون إلى حد الجزم بأنه لو لم يتحالف النائب إلياس سكاف مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لكانت لائحته اكتسحت المقاعد السبعة المخصصة لهذه الدائرة. ويضيفون أن «الجنرال مثّل رافعة لسكاف في عام 2005، لكنه اليوم هو الذي يحتاج إلى رافعة الثاني». ويبدي هؤلاء استياءهم من كون «الأحزاب قد قطعت الطريق على وصول بعض الشخصيات الزحلية المستقلة إلى الندوة البرلمانية، بما يُمثّل تحرراً من الثنائية القاتلة التي تشكو منها البلاد».
وفيما يُنتظر أن تُعرف هوية المرشح السني في لائحة سكاف ليكتمل عقدها، شارفت لائحة قوى الرابع عشر من آذار على الانتهاء. وإذا كانت الأولى تطل بمعظم وجوهها القديمة، فإن الثانية، أجرت عمليات تجميلية عليها موفّقة حيناً، بشهادة بعض كوادر قوى الرابع عشر في مدينة زحلة «في ما يخص المرشح جوزف صعب المعلوف، صاحب تجربة مميزة على مستوى النشاطات والمبادرات في المجتمع المدني، وغير موفّقة في ما خص آخرين، فيما كانت لا تزال بحاجة إلى المزيد من العمليات التجميلية، لكي تتمكن من إنزال هزيمة كاملة بلائحة سكاف، لأن هذا الأخير لا يبدو، في الحال الراهنة أنه سيخسر مقعده».
كذلك يشكو الكوادر المؤيدون للائحة الرابع عشر من آذار من إمساك القيادات الحزبية بزمام تأليف اللائحة وإبقائه خارج زحلة، «في بيروت حيث تلعب لعبة أعداد الحزبيين والنسب لعبتها من دون الأخذ بروح المعركة الانتخابية ومقتضياتها، فلا يجري إيلاء صورة اللائحة الاهتمام اللازم القادر بالنتيجة على كسب الرأي العام الزحلي المستقل الذي لن تشده أعداد الحزبيين وقدرتهم على تسيير التظاهرات، بل نوعية المرشحين على اللائحة».
وبحسب التسريبات الأخيرة للمطبخ العامل على تأليف اللائحة، أصبحت لائحة قوى الرابع عشر من آذار وفق الشكل الآتي: النائب نقولا فتوش، ماكدا بريدي التي يتمسك بها الأول أو طوني أبو خاطر الذي يصر حزبا الكتائب والقوات اللبنانية على ضمه إلى اللائحة، وكذلك هي الحال بين المرشحين موسى فريجي وجوزف المعلوف مع أرجحية للثاني، المقعد الأرمني بين الدكتور أنطوان ناشنقيان والعميد ناريك أبراهيميان، المقعد الشيعي لا يزال يحتاج إلى الكثير من التداول في ظل وجود فيتو من رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع على الوزير السابق محسن دلول الذي تطالب السيدة نازك الحريري بضمه إلى اللائحة، وثمة اسمان شيعيان يجري التداول بهما أيضاً: الزميل عقاب صقر وكمال أبو حمدان، فيما يبقى المقعد السني في وضع ضبابي في ظل وجود ثلاثة وعشرين مرشحاً.
بعض الخبراء الزحليين المستقلين يرون أن لائحة الرابع عشر من آذار تنطلق في المعركة وفي جعبتها مقعد مضمون لفتوش. في المقابل، ينطلق سكاف من اثنين أو ثلاثة هم بالإضافة إليه النائب جورج قصارجي بالدرجة الأولى، وبدرجة أقل تأكيداً النائب كميل معلوف، والمعركة هي على المقاعد الثلاثة الباقية: الماروني والسني والشيعي.
تجدر الإشارة إلى أن الصوت السني في دائرة زحلة أصبح مؤثراً جداً على مجريات الانتخابات بسبب التبدلات المهمة على المستوى الديموغرافي التي أحدثها مرسوم التجنيس الصادر عام 1994. وبحسب الباحث يوسف شهيد الدويهي، فإن مجموع المجنسين في هذه الدائرة بواسطة المرسوم المشار إليه، هو 16782 من بينهم 12576 ناخباً سنياً، و535 ناخباً شيعياً، والباقون مسيحيون. وقد ناهز بذلك عدد الناخبين السنة سبعة وثلاثين ألفاً، وأصبحوا الطائفة الأكبر عدداً فيها، بعدما كانوا في المرتبة الثالثة. ويعتقد كثيرون في الأوساط الزحلية خصوصاً، والمسيحية عموماً، أنه تجدر معالجة نتائج مرسوم التجنيس هذا جزئياً قبل التوصل إلى حل شامل له.