عبدو سعد*أجرى مركز بيروت للأبحاث والمعلومات استطلاعاً للرأي بشأن أحداث غزة وتداعياتها على الواقع الداخلي الفلسطيني وعلى أطراف جبهة «الممانعة» وجبهة «الاعتدال». نُفِّذ الاستطلاع بين 16 و18 كانون الثاني، وشمل عيِّنة من 1100 مستطلَع (800 لبناني و300 فلسطيني)، واعتمدت فيه منهجية العشوائية البسيطة التي تلحظ التوزع الطائفي والمناطقي، إضافةً إلى الفئات العمرية المختلفة من الجنسين

قراءة في نتائج الاستطلاع

أظهرت نتائج الاستطلاع أن اللبنانيين أبدوا اهتماماً كبيراً بما جرى في غزة لما يوجد من قضايا مشتركة بين الشعبين، وخصوصاً في أوساط مؤيدي المقاومة. ويبدو أن التحالفات والارتباطات بين القوى السياسية اللبنانية والقوى الإقليمية قد انعكست على آراء المستطلَعين اللبنانيين ومواقفهم بشأن هذه الأحداث.
1 ـــ من يتحمل مسؤولية الحرب على غزة؟
حمّل أكثر من ثلاثة أرباع اللبنانيين إسرائيل مسؤولية الحرب، وذلك رغم تحميلها لحماس من جانب بعض قوى محور الاعتدال العربي، التي تدعم بعض الأطراف السياسية اللبنانية، حيث كان لافتاً أن قلة فقط من المستطلعين في وسط هذه الأطراف قد انسجمت في الرأي مع رؤية هذا المحور، السنة (19%) والمسيحيون (37%). فيما بدا موقف الشيعة متماهياً مع المسار السياسي العام لهذه الطائفة وقادتها (95% حمّلوا إسرائيل المسؤولية)، وتحققت النتيجة نفسها تقريباً عند الفلسطينيين (93%) مما يدل على أن السجال الذي دار بشأن تحميل مسؤولية الحرب لحماس، والذي شاركت فيه مصر وبعض أقطاب أطراف محور الاعتدال العربي، قد فشل في تحقيق النتائج المتوخّاة منه.
2 ـــ في رأيك هل لدى حماس وباقي فصائل المقاومة الأهلية لقيادة المشروع الوطني الفلسطيني؟
أداء حماس وباقي قوى المقاومة الفلسطينية أقنع 64% من اللبنانيين و70% من الفلسطينيين بأهليتهم لقيادة المشروع الوطني الفلسيطيني، يظهر أن تأييد الفلسطينيين لحماس وللمقاومة أفشل أهداف إسرائيل في تأليب الفلسطينيين، في كل فلسطين ضد حركة حماس، وذلك رغم كل الدمار والقتل اللذين سبّبتهما إسرائيل، وإذا ما انعكس هذا التأييد الشعبي الفلسطيني لقوى المقاومة تأييداً مماثلاً في فلسطين، وإذا ما تحول التأييد العارم في الداخل إلى تأييد سياسي لحماس، فهذا قد يؤدي إلى تحولات سياسية عميقة، ربما في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.
3 ـــ في رأيك هل قام أبو مازن بواجباته كرئيس للسلطة الفلسطينية؟
بيّنت نتائج الاستطلاع أن أكثرية ساحقة من اللبنانيين (75%) والفلسطينيين (80 %) انتقدت مواقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويبدو ذلك ليس بسبب حيادته بقدر انحيازه لمواقف بعض الدول العربية، التي كشف عن قسم منها رئيس وزراء قطر الشيخ حامد بن جاسم، لا شك أن أداء عباس عموماً وكلام بن جاسم قد أضرّا كثيراً بصورته بنحو يصعب ترميمه، وتبقى نسبة التأييد التي حظي بها 32% من اللبنانيين والـ20% من الفلسطينين متقاربة مع نسبة الـ30% التي لم تجد في حماس الأهلية لقيادة المشروع الوطني الفلسطيني.
4 ـــ هل كنت تؤيد مقاطعة لبنان للقمة العربي؟
عبّرت الأكثرية الساحقة من اللبنانيين عن أنها لم تكن تؤيّد مقاطعة لبنان للقمة في الدوحة (أشاعت بعض وسائل الإعلام إمكان المقاطعة) مما يدل على أن المشاركة التي تمت أرضت غالبية اللبنانيين .
5 ـــ في رأيك ما هي الجهة الأكثر تمثيلاً للقضية الفلسطينية؟
كشفت نتائج الاستطلاع أن أكثرية كبيرة من اللبنانيين (63%) وثلثي الفلسطينيين يرون أن قوى المقاومة الفلسطينية، هي خير من يمثل قضية فلسطين في مقابل 25% رأوا أن السلطة الفلسطينية هي التي تمثل القضية، ويبدو أن هذه النتيجة تعزز موقع المقاومة لدى الفلسطينيين مما يعدّ أيضاً فشلاً للأهداف الإسرائيلية.
6 ـــ ما هي أفضل السبل لتحصيل الحقوق الفلسطينية؟
رأت أكثرية من اللبنانيين (56%) وأغلبية كبيرة من الفلسطينيّين (70%) أن خيار المقاومة هو السبيل الأفضل لتحصيل حقوق الفلسطينيين، في مقابل 35% من المستطلعيين اللبنانيين و29% من الفلسطينيين ما زالوا يرون أفضلية في خيار المفاوضات، مما يدل على أن المفاوضات مع إسرائيل تحظى بدعم شعبي ضعيف، وقد يحرج هذا الأمر، أي سلطة فلسطينية جديدة من اتخاذ خيار المفاوضات وحده دون خيار المقاومة.
7 ـــ كيف تجد مواقف الدول العربية التالية: مصر، السعودية قطر وسوريا؟
بينت نتائج الاستطلاع أن أغلبية كبيرة من المستطلعين اللبنانيّين (76%) وأكثرية ساحقة من الفلسطينيين (88%) رأت أن مصر لم تقدم أي دعم للفلسطينين في محنتهم، ورأت نسبة أقل من اللبنانيين (66%) أن السعودية لم تقدم الدعم اللازم للفلسطينيين في غزة، واللافت أن 53% من السنة انتقدوا السعودية، واللافت أيضاً رأي الفلسطينيين الذين اعتبروا (91%) أن موقف السعودية أسوأ من الموقف المصري، وقد يكون مرد ذلك إلى الصمت الكبير الذي ساد الموقف السعودي. وحازت قطر نسبة تقدير عالية لموقفها، إذ بلغت 80% من اللبنانيين و71% من الفلسطينيين وحازت سوريا أيضاً نسبة معتبرة (63%) من التقدير من اللبنانيين، والملاحظ تأييد 60% من المسيحيين لموقفها، وقد تكون زيارة العماد ميشال عون لسوريا أسهمت في زيادة نسبة التأييد.

* مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات