داني حدادويلفت هؤلاء إلى أن إتمام المصالحة السنيّة ـــــ الشيعيّة، وخصوصاً إذا توافرت لها أجواء اقليميّة، تنفي الحاجة إلى حليفٍ مسيحي، معتبرين أن الرجلين اللذين اجتمعا يوم الأحد الماضي في «مكانٍ مجهول» قادران على اختزال بقيّة الأطراف بمجرد توطيد الاتفاق بينهما.
ويقلّل المدافعون عن هذه القراءة، ومعظمهم من الفريق المسيحي الموالي، من أهميّة الدور الذي قد تؤديه «وثيقة التفاهم» بين حزب الله والتيّار الوطني الحر على هذا الصعيد. ويغمز مسؤول كتائبي من قناة هذه الوثيقة ليسأل: «إذا قدّم النائب الحريري عرضاً إلى السيّد نصر الله يقضي بتقاسم «الجبنة» بين فريقيهما بدل توزيعها على الفرقاء الآخرين، وخصوصاً المسيحيين، فماذا سيكون جواب السيّد حسن؟».
ويتابع: «قد يكون للمصالحة أهميّة على صعيد التهدئة في الشارع وبلورة أجواء مواتية لإجراء الانتخابات النيابيّة، ولكنّها لا تدعو إلى التفاؤل كثيراً إذا ما نظرنا إليها بعين المصلحة المسيحيّة لأنها ستضعف الموقف المسيحي، سواء في الموالاة أو المعارضة، وقد يصبح مسيحيّو 14 آذار المجموعة الوحيدة التي تطالب بنزع سلاح حزب الله، لأن مصالحة الحزب والمستقبل ستؤدّي إلى سحب هذا الموضوع من التداول الإعلامي».
ويتفق أحد السياسيين الذين يقفون خارج الاصطفاف السياسي بين الموالاة والمعارضة مع هذا الرأي، معتبراً أن المكاسب التي حققها النائب عون للمسيحيين، سواء في بيروت أو في الدوحة، استفادت من أجواء التوتر المذهبي والسياسي السائد، وقد اعتمد عون لهذه الغاية سياسة الخطوة خطوة، إذ يطالب باستعادة حقّ فور حصوله على آخر.

قراءة ثانية

في مقابل هذه القراءة التي يكشف عنها بعض الموالين في الفريق المسيحي، من دون أن تجد إجماعاً عليها في صفوفهم، تبرز قراءة أخرى تلقى مدافعين كثيرين عنها في صفوف التيار الوطني الحر الذي يعتبر أحد قادته أن الخشية من المصالحة السنيّة ـــــ الشيعيّة في غير محلّها، وخصوصاً أنها «لن تفضي إلى أكثر من تهدئة في الإعلام وفي الشارع ولن تبلغ مرحلة التحالف السياسي أو الانتخابي».
ويتحدث هذا المسؤول عن مرحلة متقدمة جداً قطعتها العلاقة بين التيّار الوطني الحر وحزب الله، وهي تتعدّى الإطار السياسي والانتخابي إلى نظرة وطنيّة واستراتيجيّة وعلاقة وجدانيّة تكرّست منذ عدوان تموز 2006.
وينقل تأكيدات مستمرة تبلّغها التيّار من الحزب بشأن استحالة استنهاض التحالف الرباعي من جديد أو قيام أي تحالف آخر على حساب الغالبيّة المسيحيّة، راوياً ما حصل في العشاء الذي شهدته السفارة المصرية مساء الثلاثاء الماضي على شرف نائب مدير الاستخبارات المصرية عمر القناوي حيث لمّح مسؤول قواتي إلى احتمال عودة التحالف الرباعي فنفى ذلك فوراً المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، مشدداً على أنّ من غير الوارد التفكير في ذلك.
ويرفض المسؤول نفسه تعويل عون على خلاف حزب الله ـــــ المستقبل لتحقيق المكاسب، معتبراً أن ما يطالب به عون هو حقوقٌ تُستَرجَع بفضل وجود من يدافع عنها، وأن وثيقة التفاهم التي حقّقت إنجازات كثيرة على أكثر من صعيد لم تُستَغَلّ لتحقيق مطالب مسيحيّة، بل هي أسهمت في تشكيل ضمان للمسيحيين عطّل ما قد تنتجه مصالحة سنيّة ـــــ شيعيّة من نتائج سلبيّة على الشارع المسيحي.
وعمّا إذا كانت المصالحة بين الحزب والتيّار ستؤدّي إلى مصالحة أخرى بين تيّاري عون والحريري، رأى العوني أن لقاء نصرالله ـــــ الحريري جاء ليضع خاتمةً للحوادث التي تسبب بها الخلاف بين الفريقين والتي أدّت إلى سقوط قتلى، ولم يبلغ مرحلة التوافق السياسي، أما الخلاف بين الوطني الحر والمستقبل فهو سياسي لا أمني ولا يستدعي مصالحة.
ولا يفوّت المسؤول في التيار الفرصة للتشديد على أن الحلقة الأضعف في حركة المصالحات والتغيّرات الإقليميّة هو الفريق المسيحي «الموالي الذي سيكون المتضرّر الأكبر ممّا جرى ويجري.
وقد يذهب بعض مرشحيه ضحيّة حالة التهدئة التي ستنشأ بين حزب الله من جهة والنائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري من جهة أخرى».